عرض مشاركة واحدة
قديم 04-30-2016, 03:45 PM   رقم المشاركة : 17
المصباح
( عضوفضي )
الملف الشخصي




الحالة
المصباح غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي معالم الأسرة الصالحة 2.5


إن بعض الناس يراعون الإناقة ويتزيّنون خارج البيت، ولكنهم لا يفعلون ذلك مع أزواجهم!/ لا يمكن جبران عارضة نقص الانتباه بتزيين النفس للآخرين

إن بعض الناس يراعون الإناقة ويتزيّنون خارج البيت، ولكنّهم لا يهتمّون بإناقتهم وشكلهم في البيت وأمام أزواجهم. فلابدّ أن نسألهم: «لماذا لستم أنيقين في البيت، مع أنكم تخرجون بظاهر أنيق خارج البيت؟!» ولا فرق في هذه القضية بين الرجال والنساء. فقد نقل عن الإمام الخميني(رض) أنه كان يكوي ملابسه المنزلية ويلبسها في البيت. وروي عن الإمام محمد الباقر(ع) أنه قال:« النِّسَاءُ يحْبِبْنَ أَنْ يرَينَ الرَّجُلَ فِي مِثْلِ مَا يحِبُّ الرَّجُلُ أَنْ يرَى فِيهِ النِّسَاءَ مِنَ الزِّينَة» [مكارم الأخلاق/ص80] طبعا يختلف أسلوب تزيّن الرجل عن تزيّن المرأة في البيت. فعلى سبيل المثال درس بعض علماء النفس أن أول ما تنظر إليه المرأة في ظاهر زوجها، هو خط الكوي في ثيابه.
أحد أصحاب الإمام الباقر(ع) زاره في بيته، فرآه قد ارتدى لباسا أحمر غير متعارف. فلمّا عرف الإمام الباقر(ع) استغرابه، قال: إن زوجتي تحبّ أن ألبس هكذا. «دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع وَ عَلَيهِ مِلْحَفَةٌ حَمْرَاءُ شَدِيدَةُ الْحُمْرَةِ فَتَبَسَّمْتُ حِينَ دَخَلْتُ فَقَالَ کَأَنِّي أَعْلَمُ لِمَ ضَحِکْتَ، ضَحِکْتَ مِنْ هَذَا الثَّوْبِ الَّذِي هُوَ عَلَيَّ إِنَّ الثَّقَفِيةَ أَکْرَهَتْنِي عَلَيهِ وَ أَنَا أُحِبُّهَا فَأَکْرَهَتْنِي عَلَى لُبْسِهَا» [الكافي/6/447] إن ضرورة تزيّن النساء لأزواجهن وعدم تزيّنهن في الشارع هو بحث مفصّل لا أريد أن أتطرق إليه. ولكن بعض الناس الذين يعانون من نقص الانتباه، فهم يتزيّنون ويأنقون عند خروجهم إلى الشارع وهم لا يدرون بعدم إمكان جبران نقص الانتباه عن هذا الطريق. فهم من قبيل من ركب سيارة ويدقّ بوق السيارة ليجلب انتباه الآخرين. فلو لم يكن هؤلاء يعانون نفسيّا من نقص الانتباه، لما احتاجوا إلى تزيين أنفسهم للآخرين. فلعلّ هؤلاء لم يتربّوا في أسرة صالحة، إذ من خصائص الأسرة الصالحة هي أنها تشبع أفرادها بالحبّ والحنان. فلو كانوا قد نشأوا في أسرة صالحة، لكانوا بغنى عن انتباه الآخرين ومحبّتهم، ولما شوّشوا أذهان الناس بمحاولة جلب أنظارهم واسترعاء انتباههم.

يجب على كلّ من الزوجين في الأسرة أن يروا ماذا أراد الله منهما؟/ لا يمكن لاثنين أن يتحابّا مع بعض بشدّة إلا أن يكون كلاهما قد عشقا الله وأولياءه

إن اعتبرنا الهدف من تكوين الأسرة، عبادة الله، عند ذلك سنعرف أن في جميع لحظات حياتنا المشتركة، كانت تمتحن عبوديتنا في الواقع. إن كنّا عبادا لله واقعا، فلابدّ أن نرى في كلّ لحظة ماذا يريد الله منّا. يجب على كلّ من الزوجين في الأسرة أن يروا ماذا أراد الله منهما. فعلى سبيل المثال لقد أراد الله من المرأة أن تتزيّن لزوجها فقط، أما إن أرادت المرأة أن تغضّ النظر عن الله ولا تبال بإرادته، يضيق بها بيت زوجها فتتبرج للجميع. وفي المقابل إن اتسمت المرأة بالعبوديّة وأولت اهتماما بما يريده الله منها، سترى أن الله قد أراد منها أن لا تتزيّن إلا لزوجها. وكذلك إذا أراد الرجل أن يلتزم بما أمره الله، فعليه أن لا يغازل إلا زوجته، ولو فقدت جاذبيتها وطراوتها بعد مضيّ السنين.
إن عزم كلّ من الزوجين في البيت أن يمتثلا أمر الله، سيتحابّان بدرجة لم يصوّرها أي فيلم لحد الآن! «مُغِيثٌ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع وَ رَآهُ يضْحَكُ فِي بَيتِهِ جُعِلْتُ فِدَاكَ لَسْتُ أَدْرِي بِأَيهِمَا أَنَا أَشَدُّ سُرُوراً بِجُلُوسِكَ فِي بَيتِي أَوْ بِضَحِككَ؟ قَالَ إِنَّهُ هَدَرَ الْحَمَامُ‏ الذَّکَرُ عَلَى‏ الْأُنْثَى‏ فَقَالَ أَنْتِ سَکَنِي وَ عِرْسِي وَ الْجَالِسُ عَلَى الْفِرَاشِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْكِ فَضَحِکْتُ مِنْ قَوْلِهِ‏» [مناقب آل ‌ابيطالب ع/4/217]
لا يمكن لاثنين أن يتحابّا مع بعض بشدّة إلا أن يكون كلاهما قد عشقا شخصا آخر، فتكون قد زالت أنانيّتهم بهذا العشق. فإن فنوا في هذا الموجود تزل أنانيّتهم بطبيعة الحال ويتسنَّ لهم التوادد مع بعض. ولا يمكن لذاك المعشوق أن يكون موجودا غير الله وأولياء الله. إذ لا يستحقّ العشق غير الله. فإذا كان زوجان فانين في «واحد»، ينسجمان ويتحابّان بالطبّع. أما باقي أنواع الحبّ فهي كذب وخداع. فعلى سبيل المثال، العشق الذي يروّج في الغرب كذب، إذ لو كانوا صادقين حقّا لعمّت أجواء الحبّ والحنان بين أبناء أروبّا، لا أن نراهم قد عايشوا الكلاب والقطط بدلا من أبناء البشر!
لماذا أبناء الغرب الذين قرعت أسماع العالم أغاني حبّهم، لم يثبتوا على عشقهم؟! فهذا دليل على أنّ عشقهم لم يكن حقيقيّا بل معناه هو: «إني أحبك من أجلي، فإن لم تكوني من أجلي فعسى أن لا تكوني أبدا!» فسرعان ما يتحوّل هذا الحبّ إلى نفور. يعني كان ادعاء الحبّ عن أنانيّة، ولا تنسجم الأنانيّة مع العشق. لذلك لا ينبغي أن نكذب على بعض ونخدع أنفسنا. ما يدّعيه الكثير من الشبّان والشابّات بأنّنا عشيقين ليس بصحيح، إذ لم يدركوا معنى العشق بعد. في كل هذا العالم لا يستطيع أحد أن يسخر قلوبنا إلا الله ربّ العالمين. ولذلك يقول: (ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَينِ في جَوْفِهِ) [احزاب/4] يجب أن تجعل قلبك وعاء واحدا، فأنت إما تحبّ الله وإما تحبّ نفسك، وإن كنت تحبّ نفسك، فحتى لو أحببت غيرك، فقد أحببته لنفسك وكان حبّك أنانيّا.

إن كنت تحبّ الله، فستحبّ أهلك وأسرتك من أجل الله/ إن بعض الناس يربّون أولادهم حفاظا على سمعتهم ولا من أجل الله

إن كنت تحبّ الله، سوف تحبّ أسرتك حبّا للّه. الفيلم الغرامي الحقيقي هو أن يتحابّا زوجان لحبّهما لله. فعند ذلك لا يقف الحبّ والغرام بينهما عند حدّ. ويريد كلّ من هذين العاشقين، أن يعرض نفسه على الله لا على الآخرين. فمع الأسف قد أصبح اليوم هذا النوع من الحبّ بين الزوجين الناجم من حبّهما لله مجهول. كما أن الكثير من الآباء والأمهات لا يربّون أولادهم من أجل الله، بل من أجل أغراض أخرى، مثلا في سبيل منافسة الآخرين، أو يختارون صهرا لبنتهم بحيث يباهون به الأقرباء! فهم يضحّون بأطفالهم وأفلاذ أكبادهم في سبيل شهواتهم النفسانية، وفي الواقع كأنهم يدسّون طفلهم في التراب، وهم يستهزئون بعرب الجاهلية الذين كانوا يفعلون ذلك!
ترى بعض الناس يشكي من سوء تربية ولده وأنه قد شوّه سمعته بين الجيران والأقرباء. فلابدّ أن نقول له: «يبدو أنك كنت تربّي ولدك حفاظا على ماء وجهك، فالآن قد ذهب بماء وجهك ـ من حيث شاء أم أبى ـ لتعلم أنه لا ينبغي أن تربّي ولدك من أجل سمعتك وجاهك، بل ربّه من أجل اللّه».
إن عاش الوالدان من أجل اللّه، وكلّ تحمّل نواقص الآخر من أجل الله، وربّوا ولدهم من أجل الله، فعند ذلك يتربّى هذا الطفل ـ في ما يرتبط بتربية والديه ـ. تربية صالحة.
في البيت، كلّ يعرض نفسه على الله سبحانه، فإن أدرك امرء هذا المعنى، وخدم أسرته من أجل الله، فسيحصل على نور يعمّ على باقي أفراد الأسرة. يقول الإمام الصادق(ع): «مَا مِنِ امْرَأَةٍ تَسْقِي زَوْجَهَا شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ إِلَّا کَانَ خَيراً لَهَا مِنْ عِبَادَةِ سَنَةٍ صِيامٍ نَهَارهَا وَ قِيامٍ لَيلهَا وَ يبْنِي اللَّهُ لَهَا بِکُلِّ شَرْبَةٍ تَسْقِي زَوْجَهَا مَدِينَةً فِي الْجَنَّةِ وَ غَفَرَ لَهَا سِتِّينَ‏ خَطِيئَةً» [وسائل الشيعة/20/172] فيا ترى من يرضى بالتخلّي عن هذا الأجر العظيم الذي أعدّ لعمل صغير؟!

يتبع إن شاء الله...








التوقيع :

رد مع اقتباس