أتيتُـكَ أفتـلُ حبـلَ الـسـؤالِ**** متى ضَمَّك العشقُ في أضلعـي؟
عَرَفْتُكَ في (الطَّلقِ) جسرَ العبورِ**** مـن الرَّحْـمِ للعالَـمِ الأوسـعِ
ووَالِدَتي بِـكَ تحـدو المخـاضَ**** علـى هـودج الأَلَـمِ المُمْـتِـعِ
وقد سِـرْتَ بِـي للهوى قبلمـا**** يسيرُ بِـيَ الجـوعُ للمرضَـعِ..
لَمَسْتُكَ في المهـدِ دفءَ الحنـانِ**** علـى ثـوبِ أُمِّـيَ ، والملفـعِ
وفي الرضعةِ البِكْرِ أنتَ الـذي**** تَقاَطَـرْتَ فـي اللَّبَـنِ المُوجَـعِ
وقبل الرضاعةِ.. قبل الحليـبِ..**** تَقاطَـرَ إِسْمُـكَ فـي مَسْمَعـي
فأَشْرَقْتَ في جوهـري ساطعـاً ****بِما شَـعَّ مـن سِـرِّكَ المـودعِ
بكيتُـكَ حتَّـى غسلـتُ القِمـاطَ**** على ضِفَّتَيْ جُرْحِـكَ المُشْـرَع
وما كنتُ أبكيـكَ لـو لـم تَكُـنْ**** دمـاؤُكَ قـد أيقظَـتْ أدمعـي
كَبُرْتُ أنـا.. والبكـاءُ الصغيـرُ**** يكبـرُ عبـر الليالـي مـعـي
ولم يبقَ في حجـمِ ذاك البكـاءِ**** مَصَـبٌّ يلـوذُ بــهِ منبـعـي
أنا دمعـةٌ عُمْرُهـا (أربعـونَ) ****جحيمـاً مـن الأَلـمَ المُـتْـرَعِ
هنا في دمي بَـدَأَتْ (كربـلاءُ)**** و تَمَّتْ إلـى آخِـرِ المصـرعِ
كأنّـكَ يـومَ أردتَ الـخـروجَ عبرتَ الطريقَ علـى أَضْلُعـي
ويومَ انْحَنَىَ بِـكَ متـنُ الجـوادِ**** سَقَطْتَ ولكـنْ علـى أَذْرُعـي
ويـومَ تَوَزَّعْـتَ بيـن الرمـاحِ**** جَمَعْتُـكَ فـي قلبـيَ المُـولَـعِ
فيـا حـاديـاً دورانَ الإبــاءِ**** علـى محـورِ العالَـمِ الطيِّـعِ
كفـرتُ بكـلِّ الجـذورِ التـي**** أصابَتْـكَ رِيًّـا ولــم تُـفْـرِعِ
أَلَسْـتَ أبـا المنجبيـنَ الأُبــاةِ**** إذا انْتَسَـبَ العُـقْـمُ للخُـنَّـعِ!
تُطِلُّ على خاطـري (كربـلاءُ)**** فتختصرُ الكـونَ فـي موضـعِ
هنا حينمـا انتفـضَ الأُقحـوانُ**** و ثـار علـى التُربـةِ البلـقـعِ
هنا كنتَ أنـتَ تمـطُّ الجهـاتِ**** و تنمـو بأبعـادِهـا الأربــعِ
وتحنو على النهرِ.. نهرِالحياةِ..**** يُحـاصـرُهُ ألــفُ مستنـقـعِ
وحيـن تناثـرَ عِقْـدُ الـرِّفـاقِ**** فـداءً لـدُرَّتِـهِ الأنـصــعِ
هنا (لَبَّتِ) الريحُ داعي (النفيـرِ)**** و (حَجَّتْ) إلى الجُثَثِ الصُّـرَّعِ
فما أَبْصَرَتْ مبدعاً كَ(الحسيـنِ)**** يخـطُّ الحيـاةَ بـلا إصـبـعِ!
ولا عاشقـاً كَ(أبـي فـاضـلٍ)**** يجيـدُ العـنـاقَ بــلا أذرعِ!
ولا بطـلاً مثلـمـا (عـابـسٍ)**** يهـشُّ إذا سـارَ للمـصـرعِ!
هنـا العبقريَّـةُ تلقـي العـنـانَ**** وتهبـط مـن برجِهـا الأرفـعِ
وينهارُ قصرُ الخيـالِ المهيـبُ**** علـى حيـرةِ الشاعـرِ المبـدعِ
ذكرتُكَ فانسـابَ جيـدُ الكـلامِ**** علـى جهـةِ النـشـوةِ الأروعِ
وعاقـرتُ فيـكَ نـداءَ الحيـاةِ ****إلـى الآنَ ظمـآنَ لـم ينـقـعِ
فما بَرِحَ الصوتُ (هل من مغيث)**** يدوِّي.. يـدوِّي.. ولـم يُسْمَـعِ
هنا في فمـي نَبَتَـتْ (كربـلاءُ)**** وأسنانُهـا الشـمُّ لــم تُقـلـعِ
وإصبعُـكَ الحـرُّ لَمَّـا يَــزَلْ**** يـديـر بأهـدافِـهِ إصبـعـي
فأحشـو قناديـلَ شعـري**** بمـا تَنَـوَّرَ مـن فتحِـكَ الأنـصـعِ
وباسمِكَ استنهـضُ الذكريـاتِ-**** الحييَّاتِ مـن عزلـةِ المخـدعِ
لعـلَّ البطولـةَ فـي زَهْـوِهـا**** بِيَوْمِـكَ ، تأتـي بـلا بـرقـعِ
فأصنـعُ منهـا المعانـي التـي**** على غيـر كفَّيـكَ لـم تصنـع
*الشاعر / جاسم الصحيح الأحسائي