سأل أحدهم رساماً فرنسياً مشهوراً،
لماذا رسمتَ كل هذه اللوحات؟
فأجاب:
"لقد رسمتُ لوحاتي فقط لأجد ما هو الشكل الذي يمكن أن تأخذه عاطفة أو شعور محدد في قلبي،
ما هو الشكل واللون الذي يمكن أن تأخذه على الورقة؟؟....
وفي محاولاتي للتعبير عن ذلك الشعور، وجدتُ أن لوحة تظهر للوجود من تلقاء ذاتها".
إذا تأمل أحدٌ ما في تلك اللوحة، يمكنه اختبار نفس الإحساس الذي كان موجوداً في قلب الرسام عندما رسم.
عندما ترى رسمة ما فأنت ترى شكلاً فحسب،
لكنك لا تدرك أن روح الرسام أيضاً تدخل فيك من خلال عينيك....
تلك الخطوط المتشابكة والمتقاطعة على الورقة ليست فقط خطوطاً تصنع ذلك الشكل...
إذا ركزتَ عليهم، ستظهر لوحة فيها خطوط متقاطعة مشابهة داخلك أنت أيضاً،
لأنه من طبيعة الفكر أنه يتذبذب داخلك بتجاوب وبتواتر مماثل للتواتر الذي يراه خارجك.
من المحتمل أنك لا تعرف أن الفرحة التي تغمرك عندما ترى زهرة ما،
الزهرة ليست سببها الأساسي،
بل الأساس هو التطابق والتناغم بين بتلاتها والذي تجاوب وحرّك شيئاً داخلك...
عندما تنجذب إلى وجه جميل لأحد الأشخاص، هذا ليس بسبب جمال ذلك الشخص،
بل لأنه تطابق مع صورة الجمال داخلك...
رؤيته أنتجت تجاوباً وتزامناً موسيقياً من الجمال داخلك،
وهذا بدوره جعلك تشعر أنه هناك شيئاً داخلك أنت أيضاً قد شعّ بالجمال...
وبطريقة مماثلة، وجود وجه قبيح يجعلك تشعر بالانزعاج...
الإحساس بالفرح بحضور شخص جميل نتج بسبب تدفق الجمال فيك
والذي سببه ذلك الحضور، وهذا جعلك أنت أكثر جمالاً....
والبشاعة تعني أن هناك شيئاً خشناً،
غير متناسب، ملتوي وغير متناظر، وهذا يثير داخلنا شعوراً بالتنافر و المقت و الفوضى والانزعاج.
لقد قام راقص الباليه الروسي الشهير "نيجينسكي" بالانتحار...
وعندما ذهب الناس إلى منزله للتحري عن الموضوع، خرجوا من المنزل بعد ربع ساعة وهم يشعرون بشيء من الانزعاج...
قالوا أن الدخول إلى ذلك المنزل لم يكن مريحاً
وأن أي شخص يبقى فيه لنفس المدة التي عاش فيها نيجينسكي فيه، لا بد أن ينتحر أيضاً!
ماذا كان هناك في المنزل ليصنع كل هذا الأثر الرهيب؟
لقد قام راقص الباليه بطلاء كل الجدران والأسقف باللونين الأحمر و الأسود،
وقد كانت بتلك الألوان طيلة سنتين...
لذلك من غير المفاجئ أنه جنّ وقام بالانتحار...
ولابد أن ذلك الراقص شجاع جداً لأنه تحمل كل تلك الفترة الطويلة!
كل ما تراه يصنع صدى لنفسه داخلك...
وبكلام أدق وأعمق...
أنت تصبح مشابهاً لما ترى...
فكن جميلاً ترى الوجود جميلاً....
ولنزرع الجمال و السلام أينما ذهبنا...
حتى المعزة تنظف مكانها قبل أن تجلس !