عرض مشاركة واحدة
قديم 02-22-2015, 04:51 AM   رقم المشاركة : 3
صلاتي حياتي
(مشرفة منتدى الإمام الحسين عليه السلام)

الملف الشخصي




الحالة
صلاتي حياتي غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي رد: الحرّية في الإسلام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم



أنت حرّ ما لم تضرّ

يقول الإسلام: اعمل ما تشاء، فلك حرية العمل شريطة أن لا تضرّ غيرك؛ فإنّه «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام»(16) والإسلام يضرب بشدّة على يد الظالم ومَن يريد إلحاق الضرر بالآخرين، وبعد ذلك فأنت حرّ في كلّ أمورك، في ذهابك ومجيئك وسفرك وعلاقاتك، فلا ضغط ولا جبر ولا إكراه ولا كبت للحرية في الإسلام، ولكن ثمة توجيهات وإرشادات تبيّن لك السلوك الأحسن، تقول: هذا صحيح وهذا مستحبّ وهذا مفضّل وهذا مكروه.
فلنقرأ عن الإسلام، ولنقرأ عن غيره أيضاً ثم نقارن بينهما. ففي القرون الوسطى كان العالِم في الغرب يُقتل لمجرّد إبداء رأيه في قضية ما وإن كانت علمية محضة لا علاقة لها بالدين وتشريعاته!
فقتلوا القائل بكروية الأرض، وكذلك الرجل الذي ترجم الكتاب المسمّى عندهم بالمقدّس؛ فقد كان هذا الكتاب حكراً على رجال الكنيسة فقط ولا يعرف لغته غيرهم.
هكذا كانت حالة أوربا في القرون الوسطى أي بعد مرور أربعمئة سنة على الإسلام. فهل يصحّ مقارنتها مع عهد الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه؟ كلاّ بالطبع؛ إذ كيف يصحّ مقارنة الصفر بالكثير بل لابدّ أن يكون مقابل الكثير عدد لتصحّ المقارنة. ومن هنا قيل: مَن فضّل علياً على معاوية فقد كفر، لأنّ معاوية لا فضل عنده ليكون علي أفضل منه. بل لا يقاس بآل محمد من هذه الأمّة ـ ولا من غيرها ـ أحد(17)، فلقد كانوا صلوات الله عليهم أجمعين يمثّلون القرآن.


التزم بتوجيهات الإسلام ولا تكن عبد غيرك


هناك تهمة وجّهها بعض المستشرقين إلى الإسلام ويردّدها بعض الشباب الذين لا يعرفون الإسلام حق معرفته. فهم يقولون: إنّ الإسلام كلّه محرّمات وقيود ونواهٍ. ونحن نقول لهم: بالعكس تماماً فإنّ الحرية الموجودة في الإسلام لا يوجد لها نظير في أيّ مكان!
خذوا أكثر بلدان العالَم ادعاءً للحرية كفرنسا والولايات المتّحدة مثلاً، ترى القيود الكثيرة للسفر منها وإليها، وفي جوانب كثيرة أخرى. فهذه القيود موجودة في كلّ دول العالَم وإن كانت في بلداننا أشدّ. أمّا الإسلام فلا يوجد فيه مثل هذا، فلا يقول لك الإسلام: أين تسكن؟ وأين تذهب؟ وكيف تذهب؟ ومتى تذهب؟ بل يقول لك: إنّ الله خلقك وهو الذي أعطاك الفكر والعقل فلا تكن عبد غيرك، ولا يجب أن تخبر الدولة عن خروجك ودخولك، وإقامتك ورحيلك، وما تستورد وما تصدّر ـ غير المحرّمات ـ لكن الإسلام يضع لك التوجيهات ويقول لك إن التزمت بها تفلح وإلاّ تخسر!
الإسلام يهدي ويرسم الطريق، وبعده لا إكراه في الدين، وكلّ أنواع الإكراه مرفوضة فيه. والحريات الموجودة في الإسلام لا نظير لها في التاريخ. وكانت تلك نماذج وهناك آلاف النماذج في سيرة النبي وأهل بيته سلام الله عليهم.
فمَن يؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها. ومَن يتمسّك بالطاغوت ويذهب وراء المبادئ الهدّامة والطواغيت البشرية والفكرية فإنّما يتمسّك بعروة منفصمة، حيث سيكتشف بعد مرور عدّة أيام أو أعوام أنّه كان مخطئاً.
إذن الحرية التي يمنحها الإسلام في مختلف المجالات ليس لها نظير ولا شيء يقرب منها في تاريخ العالَم حتى في هذا اليوم المسمّى بعصر الحريات.
وصلّى الله على محمد وآله الطيّبين الطاهرين.

___________________________________________
(1) البقرة: 256.
(2) الحاقة: 11.
(3) لاشكّ أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله لم يكن يحيّيهم بتحية الإسلام وهي: السلام عليكم، بل كان يحييهم بأنواع التحيات الأخرى؛ فهنا مسألة وهي أنّه يجوز للمسلم أن يحيّي الكفّار بمختلف التحيات باستثناء تحيّة الإسلام، ولا يجوز له أن يقولها إلا لمسلم، بل أن يقول له: أنعِم صباحاً أو أنعِم مساءً، أهلاً وسهلاً، تحية طيّبة وما أشبه، لأنّ كلمة «السلام عليكم» مختصّة بالإسلام والمسلمين دون غيرهم، ووردت فيها أحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته المعصومين عليهم الصلاة والسلام، تؤكّد أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله كان يحيّي المشركين بمختلف التحيات إلاّ كلمة «السلام عليكم»، فلقد وُضعت للمسلمين خاصة. فإذا حيّى مسلم مسلماً قال له: «السلام عليكم» والحديث المعروف الذي لابدّ وأنّ كثيراً منكم سمعه وهو «تحية الإسلام السلام» يعني أنّ هذه التحيّة خاصّة بالإسلام. (عنه حفظه الله).

(4) كلّ تلك الوقائع مسطورة في كتب التاريخ والسير. انظر على سبيل المثال: الصحيح من السيرة النبي: 3 / 32.
(5) الكهف: 29.
(6) البقرة: 256.
(7) البلد: 10.
(8) الإنسان: 3.
(9) أفرد الشيخ الطبرسي عنواناً مستقلاًّ في مسائله في كتاب الاحتجاج: 1 / 384 ـ 389 فراجع.
(10) انظر اختيار معرفة الرجال للطوسي: 1 / 296 رقم 140 ترجمة ميثم، ففيه ما يكفي لتعريف حال ابن حريث.
(11) الاحتجاج: 1 / 250.
(12) نهج البلاغة: 48، الخطبة الشقشقية. الحسنان - بسكون السين - الإبهامان من القدمين.
(13) راجع: الأمالي للطوسي: 325 – 331 ح 23.
(14) تفسير القمّي: 2 / 295 تفسير سورة الحجرات.
(15) الأعراف: 157.
(16) مستدرك الوسائل: 12 / 308 باب 13 ح 4.
(17) روي عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: نحن أهل بيت لا نقاس بالناس (بحار الأنوار: 38 / 8 ح 13 باب 56).



اللهم صل على محمد وآل محمد الأوصياء الراضين المرضيين بأفضل صلواتك وبارك عليهم بأفضل بركاتك
والسلام عليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته






رد مع اقتباس