العودة   منتديات أبو الفضل العباس عليه السلام > ¤©§][§©¤][ المنتديات الإداريه ][¤©§][§©¤ > أرشيف أبو الفضل العباس (ع)
 
 

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-26-2013, 07:25 AM   رقم المشاركة : 1
المصباح
( عضوفضي )
الملف الشخصي




الحالة
المصباح غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي وقفة عند أسرار الولاية

مقتطفات من كلمات سماحة الشيخ الأستاذ علي رضا بناهيان في موضوع أسرار الولاية:








المقدمة: التعريف بالبحث


· إن موضوع بحثنا في هذه الرسالة مفهوم "الولاية"، المفهوم الذي طال ما طرق أسماعنا وتحدثنا به في حواراتنا، كما أننا على معرفة إجمالية بأهميته وموقعه في المنظومة الفكرية الإسلامية. ولكن مع هذا ينطوي هذا المفهوم النوراني على كثير من الأبحاث الخفية التي نجد بعضها مهمة وأساسية للغاية.

· بالرغم من الأدوار الواسعة التي تقوم بها "الولاية" في مقام إدارة المجتمع وتطويره وتنميته، قد يتصور الكثير من الناس أن مفهوم الولاية مفهوم ديني ومعنوي وحسب، ولعلهم يؤمنون بها ويخضعون لها تعبدا وبغض النظر عن آثارها وتداعياتها الواسعة في شؤون حياتهم، ولكن لا شكّ في أننا لسنا بغنى عن التزوّد المعرفي تجاه هذا المفهوم؛ إذ أن من جانب، ازدياد معرفتنا تجاه هذا المفهوم النوراني يزيدنا حبا وتعلقا بأولياء الله ومن جانب آخر إنه يحدد تكليفنا تجاه هذا المفهوم.

· من جانب آخر، تضاعفت ضرورة الخوض في موضوع الولاية في ظروفنا الراهنة. إذ لم يبلغ المجتمع البشري إلى هذا المستوى من النضج حتى يواجه مفهوم الولاية بهذه الجدية. أما اليوم فقد تعاضد نضج عقل البشر وتجاربه مع تبلور نظام ولائي قاوم الأنظمة العالمية بمفرده، فأخذ موضوع الولاية مأخذا في اهتمام الناس. وعندما يصبح موضوع جادّا ومهمّا، لابدّ من الإكثار في دراسته.



موانع التطرق إلى هذا الموضوع


· بالرغم من أن موضوع الولاية مهم جدا ومن الضروري طرحه في هذا الزمان، ولكن هناك موانع وعوائق موجودة في المجتمع بحيث تعرقل عملية طرح هذا الموضوع، فنشير تاليا إلى بعضها بإيجاز:

· القضية الأولى التي نواجهها أثناء عملية طرح مفهوم الولاية في المجتمع، هي الشعور بكونه مفهوما تكراريا. في بادئ الأمر يبدو موضوع الولاية موضوعا تكراريا ومملا للغاية وانطباع أكثر الناس عن هذا العنوان هو أنهم يعرفون مسائل كثيرة عنه ولا داعي لصرف المزيد من الوقت للتعرف عليه.

· المشكلة الأخرى التي نواجهها في المجتمع، هي ظاهرة الولائيين الذين أساءوا إلى هذا المفهوم بسوء تصرفاتهم. لعل بعض الناس واجه في حياته الفردية أو الاجتماعية بعض المتظاهرين بالولاء والتمسك بالولاية، ولكنه كان مسيئا جدا في تصرفاته وتعامله ما أدى إلى نفوره من مفهوم الولاية. فعندما نريد أن نتحدث عن الولاية، يقول هذا الإنسان في نفسه: لو كان مفهوم الولاية مفهوما جيّدا، لكان من المفروض أن يترك أثره الإيجابيّ في هواته وحماته، أما عندما لم يقدر هذا المفهوم على تغيير سلوك هؤلاء الناس، فما الداعي من التعرف عليه وصرف الوقت من أجله؟

· ويزعم آخرون أنهم بغنى عن التعمّق في هذا المفهوم وكسب المزيد منه، إذ أنهم آمنوا بها واعتنقوها. وهذه أيضا من العوائق الأخرى التي تقف أمام عملية طرح هذا الموضوع في أوساط المجتمع. في حين أن الولاء والتمسك بالولاية من المفاهيم التي تختلف باختلاف درجاتها ومستواياتها في قلب الإنسان. ليس لأحد أن يدعي بأنه قد بلغ أعلى درجات الولاء، فمهما كانت درجتنا في الولاء والتمسك بالولاية لابد لنا من تعميق معرفتنا بهذا المفهوم بغية اجتياز ما كنا عليه في الولاء ونيل الدرجات الأعلى.

· الولائيون معنيون برفع مستوى معرفتهم بمفهموم الولاية وتعميقها أكثر من غيرهم، وذلك ما يفرضه عليهم ثلاث أدلة على الأقل: الدليل الأول هو أن الله سبحانه لا يتقبل من الإنسان أيّ عمل بلا معرفة. إذن مدى قيمة أعمال المرء مرتبط بمدى معرفته بأعماله. فإذا أراد الولائيون أن تزداد قيمة ولائهم لدى الله سبحانه، لابد لهم من رفع مستوى معرفتهم بمفهوم الولاية.

· الدليل الثاني هو عندما نفتقد المعرفة العالية بهذا المفهوم، لا يترك ولاؤنا أثره المطلوب في نفوسنا. في سبيل إيضاح الفكرة افترضوا إنسانا أصيب بمرض. فإذا كان هذا المريض طبيبا في نفس الوقت، سوف يعلم أي دواء يستعمله في سبيل علاج مرضه، وبما أنه عارف بآثار هذا الدواء وفوائده ويعلم جيدا مفعول الدواء في عملية العلاج، يستأنس باستعمال الدواء ويتلقاه برحابة صدر. أما إذا لم يكن المريض طبيبا، فقد يطبق وصفة الطبيب ويستعمل الدواء نفسه، ولكن باعتباره جاهلا بتفاصيل مفعول الدواء في عملية العلاج، لا تتفاعل نفسه مع استعمال الدواء كتفاعل نفس الطبيب. فإذا أردنا أن نعيش ولاءً وإيمانا ألصق بالفؤاد ليس لنا بدّ سوى أن نطوّر معرفتنا بمفهوم الولاية.

· والدليل الثالث والأخير هو إن لم يتعدّ ولاؤنا وإيماننا بالولاية نطاق السطحية والسذاجة، قد نسيء بتصرفاتنا إلى هذا المفهوم ما يؤدي إلى نفور الآخرين من الولاية، ومن جانب آخر تكون أيدينا فارغة عن المنطق الواضح والدليل المتين في مقام الدفاع عن الولاية والإجابة عن الشبهات والإشكالات ومواجهة المخالفين والمعادين. إذن لا يكفينا حب ولي الله وحسب، فإذا أردنا ننفع الولاية لابدّ لنا أن ندرك هذا المفهوم بعمق ونطّلع على مختلف أبعاده ورموزه.



يتبع إن شاء الله...









رد مع اقتباس
قديم 02-26-2013, 10:33 AM   رقم المشاركة : 2
اهات الجنوب
(عضوة مميزة)

 
الصورة الرمزية اهات الجنوب
الملف الشخصي





الحالة
اهات الجنوب غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي رد: وقفة عند أسرار الولاية

يعطيك العافية اخي الكريم
وفقك الله وسدد خطاك






التوقيع :




رد مع اقتباس
قديم 02-27-2013, 09:28 AM   رقم المشاركة : 3
المصباح
( عضوفضي )
الملف الشخصي




الحالة
المصباح غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي وقفة عند أسرار الولاية 2


منهجنا في هذه الأبحاث


إن مفهوم الولاية من المفاهيم التي قد جرى حديث كثير حولها، ومن المؤكد أن قارئي هذه السطور يعرفون بعض الشيء عن هذا المفهوم، ولكن مع هذا عندما ندرس ظروف المجتمع بشكل عام، نجد أن مستوى معرفة الناس بهذا المفهوم النوراني الذي يمثل أهم ركن في ديننا، هابط جدا.
بمجرد أن يأتي ذكر الولاية تتبادر في الأذهان تلقائيا أتمّ مصاديق الولاية وهم الأئمة المعصومون (عليهم السلام)، وبما أن الناس يقدسون الأئمة المعصومين (عليهم السلام) غاية التقديس، نادرا ما تجدهم يبحثون عن الأدلة العقلية على أهمية مفهوم الولاية في التعاليم الدينية. نحن في منهج دراستنا هذه، مع كل احترامنا لجميع المتدينين ولما يحمله الناس من عقائد حقة وأصيلة تجاه الولاية، نحاول أن نتناول الموضوع بأسلوب عقلي بحت وباستناد إلى الأدلة المنطقية.
أن بحثنا في هذه الرسالة يدور حول أصل مفهوم الولاية، فلا دخل لنا بمصاديق هذا المفهوم النوراني، كما لا يهمّنا أن نتطرق إلى أنّ هل مصداق هذا المفهوم ينحصر في الأئمة المعصومين (عليهم السلام) أو يمكن صدقه على غيرهم. طبعا وبالتأكيد سوف نأتي خلال الأبحاث بنماذج من منهج ولاية أهل البيت (عليهم السلام) وحتى ولاية الفقيه في تفاصيل إدارة المجتمع، وذلك في سبيل إيصال الفكرة عن طريق بيان مصداق عملي خارجي.
نحن في هذه الأبحاث بصدد دراسة مدى عقلانية الولاية باعتبارها المنصب المتصدي لإدارة المجتمع. فإن تواكبونا في هذه الدراسة سوف تقرّون بأن رؤيتكم لمفهوم الولاية لم تكن رؤية كاملة، أو على الأقل إن الرؤية السائدة لدى أكثر الناس تجاه الولاية ليست برؤية كاملة.
كما ذكرنا، إن منهجنا في هذه الدراسة عقلي بحت. بعبارة أخرى، كلّ ما نصبو إليه في هذه الأبحاث هو أن نناقش موضوع الولاية بمعزل عن الأدلة الشرعية ولا نستند إلّا إلى الأدلة العقلية. لهذا نرجو القارئ الكريم أن يواكب الأبحاث خطوة بعد خطوة ولا يأتي إلى فصل إلا بعد ما اقتنع بالفصل السابق عنه.


يتبع إن شاء الله ...






رد مع اقتباس
قديم 03-02-2013, 12:37 PM   رقم المشاركة : 4
المصباح
( عضوفضي )
الملف الشخصي




الحالة
المصباح غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي وقفة عند أسرار الولاية 3



فوائد دراسة المسائل العبادية من الناحية العقلية


بالإضافة إلى الجانب التعبدي الذي تتصف به جميع أحكامنا الدينية، تحتوي هذه الأحكام على الكثير من الفوائد المشهودة والآثار الملموسة الواضحة، ومن المؤكّد أنّ الالتفات العقلي والتجربي إلى هذا الجانب من الأحكام الدينية قد يؤدي إلى فوائد عظيمة. طبعا لعلنا لا نستطيع أن ندرك فلسفة بعض الأحكام أو ثمراتها المشهودة، وهذا لا يعني أنها غير عقلية. و أساسا إذا كان إيماننا بأصل الدين مرتكزا على أساس أدلة عقلية ومنطقية، يصبح إيماننا بأيّ حكم من أحكام الدين إيمانا موضوعيا ومنطقيا، حتى وإن لم نجد دليلا عقليا واضحا على ذلك الحكم. ولكن مع ذلك توجد بعض الأحكام التي لها جوانب عقلية جليّة ولدينا أدلة عقلية واضحة عليها.

إن التركيز على الأدلة المنطقية والعقلية في الأحكام الشرعية له دور كبير في تقبل من هو غير ملتزم بالأوامر الإلهية وغير واثق بها. فعندما يأتي علماء العلوم الطبيعية ويذكرون فوائد لبعض المستحبات أو الواجبات، تجد أن أكثر الناس ولا سيما أولئك الذين لم يوجدوا علاقة قلبية وثيقة مع الأحكام الدينية تطمئن قلوبهم ويسهل عليهم العمل بالمستحبات وحتى الواجبات.

فعلى سبيل المثال عندما يذكر الأطباء بعض فوائد السجود، من قبيل أن هيئة السجود هي أفضل هيئة الجسم لوصول الدم إلى عروق الدماغ، أو أن لها تأثير إيجابي على حركة عضلات القلب، بطبيعة الحال يميل الإنسان إلى هذا العمل ويسهل عليه طول السجود بعد ذلك. لا يخفى أن هذه الفوائد الظاهرية والمادية إنما هي مبلغ إدراكنا، ولا شكّ في أن الأحكام الشرعية لها آثار ونتائج على العالم بأجمعه وقد شرّع الله هذه الأحكام في سبيل تحقيق تلك الآثار.

ومن جملة فوائد هذه الرؤية العقلية هي أن بعض الناس يستنكف عن الالتزام بالدين والأحكام الإلهية ويعبر عن عدم رغبته بكل صراحة، فبهذه الرؤية العقلانية يتسنّى لنا أن نرغبه بتقبل الدين وأحكامه. الإنسان الذي يقول: "لا علاقة لي بالله وبرسوله ولا يهمني سوى مصلحتي ومنافعي" يمكن أن نتحاور معه بالأسلوب العقلي ونقول له: "جيد جدا، إن كنت حريصا على مصالحك حقا، فالحسابات العقلية تفرض عليك أن تقوم بهذا العمل الواجب أو تنتهي عن ذاك الفعل المحرم."

على سبيل المثال، قد وردت وصايا كثيرة في تعاليمنا الدينية على ضرورة قلة الطعام وقد ذكرت له فوائد لا تحصى. ولكن حتى ولو كان أحد غير مؤمن وغير ملتزم، مع ذلك هناك الكثير من الأبحاث العقلية والمنطقية القائمة على أساس تجربيات العلوم الطبيعية، بحيث نستطيع أن نثبت له نتائج هذا السلوك بكل سهولة. نحن لا نفرض على أحد أن لا يقلل من طعامه إلا بمحفز ديني وأمر شرعي، كلا، بل نقول له حتى ولو كنت غير متدين، ألا يحكم عقلك بحسن هذا العمل؟! فإذا يحكم عقلك بذلك اعمل بمقتضاه.

طبعا إن استطاع أحد أن يقلل من طعامه بدافع ديني ومن أجل إطاعة أمر الله، لا شك في أن هذا العمل يحظى بجمال و حسن وفضل آخر. ولهذا كانت حياة العرفاء وأولياء الله كلها من أجل الله وفي سبيله. ولكن إذا كان أحد غير مكترث بالله ورسوله، ولم يقلل طعامه إلا بدافع عقلي بحت، لا بأس بذلك. على أي حال إن دراسة المفاهيم العبادية من الناحية العقلية تؤدي إلى نتائج نافعة لجميع الناس من المؤمنين وغيرهم.

بشكل عام، كلما تعرف الإنسان على الأدلة العقلية لعمل مّا، يسهل ويخفّ عليه. إن مراعاة قوانين المرور ليس عملا شاقّا على الناس، إذ أنهم أدركوا ضرورة هذه القوانين من الناحية العقلية. أما لو لم يكن دافع ومحفز للوقوف خلف الضوء الأحمر سوى أمر الله ونهيه، لما خضع الناس لهذا القانون بكل بساطة. أما الآن فهم يعلمون أن اجتياز الضوء الأحمر يخلّ بنظم المرور ويسلب إمكان التجوّل في الطرق، فيراعون قوانين المرور بسهولة.

من الفوائد الأخرى التي تحصل بالرؤية العقلانية إلى المسائل الدينية، هي أن الإنسان بعد ذلك لا يمنّ على الله. إذ لا منّة بعد إن شعر الإنسان أن الالتزام بالدين لصالحه؛ «إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكمُ‏ْ وَ إِنْ أَسَأْتمُ‏ْ فَلَهَا».[1] إن أدرك الإنسان هذه الحقيقة جيدا وهي أن كل ما قام به من حسنات وصالحات، فإنه قد عمله لنفسه، وكل ما ارتكب سيئة فإنه قد أضرّ بنفسه، عند ذلك سوف لا يشعر بأنه يطلب الله شيئا ولا يتورط بالعجب والغرور.

وحري بالذكر هنا أنّ معرفة الجوانب العقلانية في المسائل الدينية تدفع الكثير من المشاكل والمنغصات في الحياة الاجتماعية وتمنح أفراد المجتمع حياة أهنأ وأرغد. فعلى سبيل المثال إحدى الأزمات التي نعيشها اليوم في بلداننا الإسلامية هي قضية الحجاب. فإن أردنا أن نعرّف الحجاب كأحد القيم الدينية والأوامر الإلهية يصعب الالتزام به على الكثير. ولكن إذا طرحناه كضرورة عقلية، عند ذلك لا يمكن رفضه بسهولة. عندما نبيّن العلاقة الموجودة بين الحجاب والاستقرار النفسي في المجتمع والتطور العلمي في الجامعات، لا داعي بعد لصرف الدين من أجل إشاعة الحجاب في الأوساط الجامعية.

يتبع إن شاء الله ...

[1]اسراء، 7.








رد مع اقتباس
قديم 03-04-2013, 10:33 AM   رقم المشاركة : 5
المصباح
( عضوفضي )
الملف الشخصي




الحالة
المصباح غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي وقفة عند أسرار الولاية 4

الولاية ضرورة عقلية


الولاية هي من المفاهيم الدينية التي يمكن إدراك ضرورتها من خلال الرؤية العقلانية وبغض النظر عن التعاليم الدينية. وأساسا إن مفهوم الولاية قبل أن يكون مفهوما شرعيا، هو مفهوم عقلي ولا ينبغي أن نعتبره مفهوما معنويا وحسب.

عندما يطرح موضوع الولاية ولاسيما ولاية الفقيه، عادة ما يناقش من خلال الأدلة الفقهية أو الكلامية. ولكن منهجنا في هذه الدراسة مرتكز على العقل تماما. حيث لا علاقة لنا هنا بالأحكام والتعاليم الدينية، ولا نتطرق إلى الأدلة الشرعية في مسار إثبات الولاية. لغتنا وخطابنا في هذه الأبحاث خطاب دولي ويمكن طرحها على جميع شعوب العالم، حتى العلمانيين منهم.

في هذه الأبحاث نسعى أن لا نتعرض للدين بشكل مباشر، فإن تطرقنا أثناء البحث إلى شيء من الدين، فذلك من باب ذكر ضرورة عقلية وسوف ننظر إليه بتحرر عن نطاق الدين. طبعا هذا لا يعني أن الأدلة الشرعية على ولاية الفقيه أدلة غير عقلية، بل هي قائمة على موازين عقلية ومنطقية محكمة، ولكن باعتبار أن في الأدلة الشرعية إحدى مقدمتي الدليل على الأقل، هي نص ديني، قد يأبى عن قبولها غير المتدينين. من هذا المنطلق، سوف نخوض في البحث برؤية مستقلة عن الدين وبعقلانية مطلقة، لئلا تبقى ذريعة لأحد.

لماذا اتخذنا هذا المنهج؟

بالإضافة إلى أن الدراسة العقلية لموضوع الولاية، تخوّل لنا أن نطرح الولاية كنظرية عالميّة لجميع شعوب العالم، تمتاز بكونها تفسح لنا المجال أن نواجه بكل صراحة وطلاقة، كلّ من يتمرّد على الولاية ويرفض هذا الأمر العقلي والمنطقي، ونقول لهم: "إن لم يكن لكم دين، فلكم عقل وشعور ووجدان، فما هذه المخالفة لأمر معقول منطقي ضروري؟!

لا ينبغي أن نقف وننتظر إلى أن يصبح جميع الناس متدينين. موضوع الولاية أعمّ من المواضيع الدينية. هل يحق لغير المتدين أن يربك نظام المجتمع؟ هل يحق له أن يتجتاز الضوء الأحمر بذريعة كونه مسيحيا؟ هل يحق له عدم مراعاة النوبة لكونه مجوسيا؟ هل بإمكانه أن يتلاعب بالأسعار ثم يقول أنا لست ثوريّ؟ لا علاقة لهذه المسائل بالدين، إذ لا يحقّ لأحد أن يربك نظام المجتمع مهما كان دينه. وكذلك الحال في مسألة الولاء وقبول الولاية. فإذا طرحنا الولاية كضرورة عقلية، عند ذلك لا يستطيع أحد أن يفلت من قبول الولاية بذريعة كونه غير متدين أو غير ثوريّ.

لقد ورد عن الإمام السجاد (ع) أنه قال: «يَا أَبَا خَالِدٍ إِنَّ أَهْلَ زَمَانِ غَيْبَتِهِ الْقَائِلِينَ بِإِمَامَتِهِ وَ الْمُنْتَظِرِينَ لِظُهُورِهِ أَفْضَلُ مِنْ أَهْلِ كُلِّ زَمَانٍ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَعْطَاهُمْ مِنَ الْعُقُولِ وَ الْأَفْهَامِ وَ الْمَعْرِفَةِ مَا صَارَتْ بِهِ الْغَيْبَةُ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْمُشَاهَدة»[1] كما هناك روايات أخرى تشير إلى نضج عقول الناس وفهمهم في آخر الزمان. ينمو عقل الإنسان في آخر الزمان بحيث يدرك حكمة كثير من الأحكام الدينية. ولهذا يستأنس الإنسان المعاصر أكثر من أسلافه بالحديث عن الجوانب العقلانية والمنطقية في الأحكام الدينية.

ومن جانب آخر وكما سبق آنفا، إن الرؤية العقلانية إلى الأحكام الدينية تمنع الإنسان من أن يمنّ على الله بسبب التزامه بأحكامه. كما أن الرؤية العقلانية إلى قضية الولاية تمنعه من أن يمنّ على أحد بسبب قبوله للولاية. عندما نطرح الولاية برؤية منطقية وعقلانية، يعي الإنسان جيدا أن قبول الولاية لصالحه، وبالإضافة إلى ذلك يجب عليه أن يشكر الله على هذه النعمة الكبيرة التي أنعمها عليه.

وزد على ذلك أننا على أعتاب حدث عظيم وهو الظهور. ولا سبيل إلى التوطئة للظهور إلا عن طريق شيوع مفهوم الولاية وقبول الولاية. وقد سبق أن الرؤية العقلانية إلى الولاية تسنح لنا فرصة طرح هذا الموضوع على مستوى عالمي وهذا ما يمهّد لانتشار هذا الموضوع في العالم. وبإمكان هذه الظاهرة أن تبشّر بالظهور كالطريق الوحيد لخروج كافة الشعوب من أزماتهم.



يتبع إن شاء الله ...


[1]كمال الدين، ج1، 230.








رد مع اقتباس
قديم 03-05-2013, 09:17 AM   رقم المشاركة : 6
المصباح
( عضوفضي )
الملف الشخصي




الحالة
المصباح غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي وقفة عند أسرار الولاية 5

الفصل الأول: تبلور القوة في المجتمع تلقائيا وضرورة السيطرة عليها


في سبيل دراسة موضوع الولاية، لا بأس أن ننطلق من أبده المسائل الاجتماعية وهي «تبلور مفهوم القوة بين الناس». والخوض في هذا الموضوع بحاجة إلى معرفتنا بالمقتضيات السياسية في المجتمع التي تؤدي إلى نشوء القوة. فإذا أقررنا بتبلور القوّة كأمر بديهي، نأتي إلى دراسة آليات السيطرة عليها ومراقبتها، ونظرا إلى مختلف التجارب التي مارسها الإنسان وأشكال الطرق التي سلكها في هذا المسار، نصل إلى الولاية ودورها الفريد في السيطرة على القوة وضمان سعادة الناس في مسار تعاملهم معها.

لابد أن نعرف المعادلات السياسية

مضافا إلى كون البحث في مفهوم الولاية بحثا سياسيا كاملا، لابدّ أن نعتبره أحد أكثر الأبحاث السياسية تعقيدا وحساسية في العالم، لا في مجتمعنا فحسب. وإن هذه الحساسية لم تختص باليوم، بل كانت قضية الولاية قد أخذت مأخذا من اهتمام الحكام والولاة منذ آلاف السنين. كان الطغاة يقتلون أئمتنا بالرغم من أنهم لم يكونوا يتدخلون في المسائل السياسية والحكومية، ولم تتح لهم الفرصة بعد استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) أن يجسدوا هذا المفهوم على مستوى إدارة المجتمع، ولكن كان الطغاة يقتلونهم بسبب قضية الولاية. حيث إنهم كانوا يعرفون معنى الولاية إجمالا وكانوا يعلمون أن لو سنحت لأئمتنا الفرصة لتطبيق الولاية على مستوى إدارة المجتمع والقضايا الحكومية، لما أمكن لهم الوقوف أمامهم بأي قوة، فلم يجدوا بدا من تجريع السمّ لأئمتنا (عليهم السلام).

إن هذا الموضوع على مستوى عال من الخطورة والحساسية. إذ حتى أولئك الذين يرفضون الولاية ويعادونها قد شعروا بحساسيتها. إنها قد أثارت حفيظة جميع السياسيين ورجال السياسة في العالم ولم يمرّ أحد منها مرور الكرام. فنحن نشهد عداء فادحا تجاه الولاية في الأوساط الدولية، إذن لا نستطيع أن نهمل هذا الموضوع ونغض الطرف عنه.

إن الخوض في موضوع الولاية بالرؤية العقلانية يستلزم اطلاعنا على الساحة السياسية ومعادلاتها. أكثر الأشخاص الذين تناولوا هذا الموضوع قد دخلوا فيه من مدخل فقهي أو كلامي، أما نحن فنريد أن ندرسه برؤية سياسية. إذ حتى لو أثبتنا الولاية عن طريق الأدلة الكلامية أو الفقهية، فهي لا تتجسد في سجادة الصلاة أو أثناء الدعاء وتلاوة القرآن، بل تتجسد في المجتمع؛ أي الساحة السياسية.

لابد أن يرتقي مستوى الرأي العام في بلداننا، بحيث لو أعرض أحد عن المسائل السياسية عن عدم اكتراث أو نظر إليها نظرة تحقير واستهزاء، تنكشف حماقته. لابد أن تصل أمتنا إلى هذه القناعة ويؤمنوا بأن من أعرض عن السياسة برمتها إنسان أحمق. كيف لا وفي هذا الزمن أصبحت جميع المسائل من الطعام والشراب إلى الدين والإيمان متعلقة بالسياسة؟ كما لا يمكن لأمة أن تنال السعادة وتعيش الحياة الطيبة في ظل أحكام الدين إلا عن طريق سلوك درب السياسة. لا يمكن لشعب أن يوفّر أسباب طلب العلم والتعقل ويعيش حياة هادئة مستقرة ويتمتع بما ينسجم مع أهوائه ونزعاته ويعيش حياة سعيدة من دون أن يخوض في عالم السياسة.

إن السياسة مقدسة لنا. إنها أحد الأبواب الواسعة جدا التي تنفتح على عالم معنوي عظيم. إن النور الذي نستطيع أن نكسبه بالسياسة لا يمكن تحصيله بالعبادة. لا ينبغي أن نسمح لبعض المتظاهرين بالقداسة أن يشوّهوا سمعة العمل السياسي بذرائع تافهة، إذ أن إنسانيتنا تتبلور من خلال الوعي والعمل السياسيين. الإنسان الذي لا يبالي بمصير الناس أي لم يكن سياسيا فهو خارج عن الإنسانية.

نحن لا نرضى بالتلاعب السياسي بلا ريب. نحن لا نتحمّل التلاعب بالقدرة بمعناها القبيح. وإذا ارتفع مستوى الوعي السياسي في المجتمع لا يبقى مجال بعد للتلاعب السياسي. إذا أقبلنا على السياسة جميعا ولم نشمئز منها، وتعاطينا معها كأمر معنوي، وصعّدنا من وعينا السياسي، وضاعفنا همّتنا السياسية، وبعبارة واحدة إن كنا غير مهملين للمسائل السياسية، لن يجد متلاعب حينئذ أيّة ساحة وأيّ مجال لمناوراته السياسية.

نشوء مفهوم «الق
درة» في المجتمع


ليس الناس سواء وهم مختلفون. وإن هذه الفوارق لأوضح من أن تحتاج إلى شرح وتبيين. لقد اقتضت سنة الله في خلقه أن يختلف الناس في ما بينهم، فهذه الفوارق هي نتيجة إرادة الله سبحانه. ومن جانب آخر، لا مناص للإنسان من الحياة الاجتماعية حفاظا على حياته. فإذا اختلف الناس في ما بينهم سوف يُضطرّون إلى إنشاء "المجتمع" في سبيل سدّ احتياجاتهم. و بعبارة أخرى، بما أن الناس غير مستغنين بعضهم إلى بعض، فلا بدّ لهم من إنشاء المجتمع والتعامل في ما بينهم ليحفظوا بذلك حياتهم.

وفي ظل هذه التعاملات الاجتماعية ينشأ «النظام التسخيري»، ويُضطرّ الناس إلى التعامل مع بعض في ظل نظام تسخيري. فيصبح النجار في هذا المجتمع مورد حاجة كل من أراد بابا أو شباكا لبيته. ولكن لابد لهذا النجار وغيره من الناس، أن يراجعوا الطبيب لعلاج مرضهم. وكذلك لابدّ لهذا الطبيب والنجار أن يراجعا المهندس المعماري لبناء بيتهم، وقس على هذا. فإذا نظرنا إلى حياة الناس الاجتماعية، نجد أن كلّهم قد أقرّوا بهذا النظام ولم يعترض أحد عليه.

لقد أشار الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم إلى هذا النظام التسخيري واعتبره مقتضى إرادته التكوينية، حيث قال: «أَ هُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ رَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا وَ رَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ» [الزخرف/32] إن الله في هذه الآية قد نسب الفوارق بين الناس إلى نفسه، مشيرا إلى أن المراد من هذه الاختلافات وترفيع البعض على بعض هو تبلور هذا النظام التسخيري.

وفي ظل هذا النظام التسخيري يتبلور مفهوم «القدرة». فالأقوى أو الأغنى أو من كانت له معلومات أكثر يترأس على باقي الناس بطبيعة الحال. ولا يمكن الوقوف حيال تبلور القوّة، بل لا بدّ منها في عملية إدارة المجتمع.

يتبع إن شاء الله...








رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 04:42 AM.


منتديات أبو الفضل العباس
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات أبو الفضل العباس عليه السلام