07-28-2011, 01:11 PM | رقم المشاركة : 1 |
وطن من رحيل
سأرحل قبل ان يأتي الأوان ، لبسني الرحيل و حزم حقائبه ووضعني في احداها فغدوت متاعاً في حقيبة ، و غدا الرحيل مسافراً ، فصحبته مكرهاً مع انه لا يبالي بصحبتي ، ثم خلعني و البسني رحيلاً اخر ليودعني مجدداً حقيبة سفره . كنت قد ارتديت البضع المشوه من احلامي ، و بقايا سهرة الامس و صور اً لوقت مضى هو الاخر الى غير رجعة ، و ما ان وضعت قدمي خارج عتبة الدار حتى راح الوطن يبحث عني ، و رحت ابحث عن رحيل .. لم لا يكون الرحيل محبوباً طالما انه ضيف ثقيل متى لامس جسده كرسي ايامنا كان كمن استسلم للنعاس في يوم ثلجي . سيدمنني الرحيل و احتسيه ، وسنمضي معاً الى و ننشأ عالماً للراحلين . كيف لا يكون لهم وطن ،أيعقل الا يكون لهم وطن و هم يفوقون الجالسين بملايين المرات . و ان كان اختيارهم للرحيل مختلفاً ، فمنهم من يرحل بصمت اخذا معه اي اثر يدمغه انه كان يوماً ذا وطن ، و اخر يأخذ وطنه معه او يغدو وطناً قبل ان يرحل ، و البعض الاخر يرحل تاركاً وطناً وراءه او امامه .... لكنهم يرحلون كيفما كانت طريقة تذوقهم له ألا يستحق هؤلاء ان يكون لهم وطن ، بالله ان لم يستحق هؤلاء .. فمن ؟؟ صلى عليك الله يا رسول الله ، حيث علمنا و هو المعلم ، ان الدنيا كظل شجرة استظل بها عابر سبيل هنيهة ثم اكمل طريقه ، او كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم . فماذا يمثل ظل الشجرة تلك امام المدينتين و اساطير البعد بينهما و ماذا نمثل نحن في هذا كله ... كان في الماضي هناك يوم يقال له خميس الاموات ، و على الرغم من المساوئ التي كانت له ، الا انه لفتة الى الراحلين ، وقفة و لو لساعات على مشارف وطنهم و ومضة لذكراهم في عالم نسياننا ، فما ان يطوي بنان القدر صفحة احدنا طي السجل ، حتى ندفنه بكل ما يحمل من افكار ، انجازات ، ابداع ، صلاح و ندفن اثره معه ، و حتى دعاءنا الشئ الوحيد الذي نملكه له و هو بامس الحاجة اليه ... ندفنه معه مفارقة عجيبة ، لو أراد أحدنا الذهاب في نزهة الى الطبيعة البكر للتمتع بحسنها ، ) حتى هذه تسمى رحلة ) .. لاقتطع التذاكر قبل شهر ربما و حزم حقائب متعته ووضع منزله في احدى جيوبها .. في حين ان تذاكرنا الى العالم الاخر قد قطعت منذ بدء الخليقة و لا ندري عنها او لا نريد .. فلماذا نخشى الرحيل ان كان يرتدينا ، لماذا لا نرتديه و الان و انا في وطن الرحيل لملمت لا منزلي و كرسي الحديقة التي كنت انام عليه و اقتطعت جزءاً من جدار كنت اتكأ عليه لانال قسطاً من التعب و اخذت موعداً مع الوطن لساعة اعود بعدها الى مكاني . منذ الان فصاعداً هذه حياتي ، ساعيش الرحيل و سأواعد الوطن و سأحمل معي دوماً لا منزلي و و الكرسي و جزءاً من الجدار ،سأجوب بوطني هذا كل الاوطان ، سأبحث عن مواطنين لهذا الوطن ، هل رأيتم وطناً يبحث عن مواطنيه ؟ في وطني هذا يبحث المنزل عنك ، تبحث فرصة العمل عنك ، و تسعى الراحة اليك و لا تلقي لها بالاً . قلبي على فلذات ليس لها اكباد تنتمي اليها ، قلبي على اناس يلهثون وراء مفتاح ، قلبي على حفنة من بشر تلهث وراء رزمة طمع ، و زهور خلعت حقلها و نزعت اشواكها و رمت نفسها في مهب الريح لتلتقط نحلة او فراشة . سأجمع بقاياي ، و الكرسي و الحائط و اولئك الراحلون ، و تلك الفلذات و الاناس اللاهثين و رحيق تلك الزهور هؤلاء مواطنوا وطني و سيكون وطني الرحيل و نشيد وطني رنة عود قصبي على علبة فارغة صدئة و عيد وطني هو يوم الطفولة العالمي او خميس الاموات ذلك . |
|
|
العلامات المرجعية |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|