العودة   منتديات أبو الفضل العباس عليه السلام > ¤©§][§©¤][ المنبر الاسلامي ][¤©§][§©¤ > منتدى الإمام المهدي المنتظر عليه السلام
 
 

منتدى الإمام المهدي المنتظر عليه السلام شذرات من سيرة الإمام المهدي المنتظر عليه السلام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-11-2010, 09:51 AM   رقم المشاركة : 1
.ابوفاضل.
( عضومـاسي متألق )

 
الصورة الرمزية .ابوفاضل.
الملف الشخصي




الحالة
.ابوفاضل. غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي المتشرفون باللقاء (1 ) ما جرى على على بن مهزيار فى مكة المكرمة

[align=justify]
ما جرى على على بن مهزيار فى مكة المكرمة
ما هي النظرة الصحيحة لمسألة اللقاء بالإمام، وتمني هذا اللقاء؟.. وهل هو ممكن؟.. ولمن؟.. وهل هي أمنية أو أمر يمكن تحقيقه؟.. مبدئيا نحن لا ننكر أن الإمام (ع) في زمان الغيبة له إشرافه وله عنايته، وله لقاؤه وتفقده بمحبيه، والمتورطين من شيعته.. وهذه القصص الكثيرة على اختلاف مضامينها، فإنها تدل على هذه الحقيقة.. وأبطالها هم المراجع، والصلحاء، والعلماء.. فلا يمكن خلال ألف سنة من هذه القصص المتعددة، ويأتي من ينكر ذلك.. وأما حديث: (من ادعى الرؤيا فكذبوه) المراد بذلك دعوى السفارة، والارتباط المباشر والمرتب.. كارتباط السفراء الأربعة في زمان الغيبة الصغرى.
إن اللقاء بالإمام (ع) يمكن أن يتصور على أشكال، ولا بأس في التفصيل في نقاط مختصرة، كيف يمكن أن يكون هذا اللقاء؟..
أولا: هنالك صنف من الناس يتمنى اللقاء كمزية فردية: أي أمنيته أن يلتقي بشخصية عظيمة غائبة.. ومن منا لا يحب اللقاء بالعظماء؟!.. ولعل هناك في باطنه دواعي خفية من الشوب الشركي، فيقول: إذا التقيت بالإمام أطرح له مشاكلي.. وبالتالي، فإن هذا اللقاء يكون سلما، للحصول على مزايا فردية.
ثانيا: وهناك صنف من الناس يحب أن يفتخر بلقاء الإمام: أي إظهار هذا الفخر.. فيقول: لو علم الناس أنني التقيت به، فإنه سيكون لي شأن من الشأن.. وهذا أيضا من الشوائب الشركية في النفوس.
ثالثا: وهناك قسم من الناس، يتمنى هذا اللقاء؛ لأن اللقاء علامة على المقبولية لديه.. فلا يريد أن يفتخر بذلك، ولا يريد أن تقضى حوائجه.
فالذي يريد أن يتشرف بهذا اللقاء المبارك -دعنا عن أصحاب المشاكل!.. فالإمام طوال زمان الغيبة، يتفقد المتورطين المستغيثين به، ولو كانوا على مستوى متعارف من التقوى.. وليست كل قصص اللقاء، تدل على شرافة أصحابها.. فإن البعض قد وقع في مأزق، فاستغاث بالله عز وجل، وجعل وليه شفيعا.. فالإمام كجده أمير المؤمنين (ع) لا يتحمل صيحة: وأسلماه!.. واغوثاه!.. وإماماه!.. فيأتي ويغيث.. فإذن، إن هذا ليس علامة على القرب دائما- من الخواص، ومن العلماء، وممن يتشبه بالعلماء في هذه الصفة، فإنه يقول: يا رب!.. إذا أردت أن ألتقي به، فلا بد من أن أمتلك عينا لائقة، غضت عن الحرام، واستقصرت عما مضى، وبنت على الاستقامة.. وإذا أردتُ أن أتكلم مع الإمام، هل أتكلم معه بهذا اللسان، الذي يتكلم في كل ما هب ودب، وفي كل رطب ويابس؟.. حاشى لهذا اللسان أن يكون له شرف المواجهة!.. وهل أسلّم على الإمام بيد صافحت محرما؟.. أو مُدت لضرب بريء؟.. فهذه اليد لا تليق بذلك.. فكيف أتمنى أن ألتقي مع الإمام، وأنا أملك قلبا متوغلا في حب الدنيا، ويعشق الحرام والهوى؟..
وعليه، فإن الذي يتمنى اللقاء بالإمام في زمان الغيبة، هذا الصنف لسان حاله يقول: يا رب العالمين!.. هب لي هذه اللياقة، وشرفني بجارحة وجانحة متناسبتين مناسبين لهذا اللقاء العظيم.
إن قصة علي بن مهزيار من قصص اللقاء المعبرة، وعندما يقرأ الإنسان هذه القصة، فإنه يعيش في عالم آخر.. يقول هذا الرجل:
(حججت عشرين حجّةً كُلاًّ أطلب به عيان الإمام).. فهو قد سمع عن الإمام، وذُكر له.. ولكن أين العيان، أو المشاهدة من الاستماع؟.. فتمنى أن يرى إمام زمانه أمامه حيا حاضرا ناظرا.. (فلم أجد إلى ذلك سبيلاً).. عشرون حجة من حجج تلك الأيام، وكل حجة مشروع سفر إلى الآخرة، أي قد يرجع إلى أهله، وقد لا يرجع.. (فبينا أنا ليلة نائمٌ في مرقدي إذ رأيت قائلاً يقول: يا علي بن إبراهيم!.. فلم أعقل ليلتي حتى أصبحتُ فأنا مفكّرٌ في أمري، أرقب الموسم ليلي ونهاري).. فهذا المنام كان قبل موسم الحج، فأخذ يترقب الليالي والأيام متى موسم الحج.
(فلما كان وقت الموسم، أصلحت أمري وخرجت متوجّهاً نحو المدينة.. فما زلت كذلك حتى دخلتُ يثرب، فسألتُ عن آل أبي محمد (ع)).. أي عن أولاد الإمام العسكري (ع).. (فلم أجد له أثراً ولا سمعتُ له خبراً.. فأقمت مفكّراً في أمري).. كان صاحب القصة في عصر مقارب لعصر الإمام العسكري (ع).. والغيبة لم تكن طويلة، وهذه هي الأشواق.. وحقيقة حق لنا أن نزداد شوقا متناسبا مع هذه المدة الزمنية الطويلة.
يقول: (حتى خرجت من المدينة أريد مكة، فدخلت الجحفة، وأقمت بها يوماً، وخرجت منها متوجّهاً نحو الغدير -وهو على أربعة أميال من الجحفة- فلما أن دخلت المسجد صلّيتُ وعفّرتُ، واجتهدتُ في الدعاء، وابتهلتُ إلى الله لهم.. وخرجتُ أريد عسفان، فمازلت كذلك حتى دخلتُ مكة، فأقمت بها أياماً أطوف البيت واعتكفت.. فبينا أنا ليلة في الطواف إذا أنا بفتىً حسن الوجه، طيب الرائحة، يتبختر في مشيته، طائفٌ حول البيت، فحسّ قلبي به).. أي رأيت أن هناك انجذابا نحو هذا الشاب.. (فقمت نحوه فحككته).. أي مشيت إلى جانبه.. (فقال لي: من أين الرجل؟.. فقلت: من أهل العراق، فقال لي: من أي العراق؟.. قلت: من الأهواز، فقال لي: تعرف بها ابن الخضيب؟.. فقلت: رحمه الله، دُعي فأجاب، فقال: رحمه الله، فما كان أطول ليلته، وأكثر تبتله، وأغزر دمعته)!.. نعم، هؤلاء الذين يشار إليهم بالبنان، وهذه صفاتهم.. لا أشواق من خلال الشعر والنثر فحسب!..
قال: (أفتعرف علي بن إبراهيم المازيار؟.. فقلت: أنا علي بن إبراهيم، فقال: حيّاك الله أبا الحسن!.. ما فعلت بالعلامة التي بينك وبين أبي محمد الحسن بن علي؟.. فقلت: معي، قال: أخرجها!.. فأدخلت يدي في جيبي فاستخرجتها، فلما أن رآها لم يتمالك أن تغرغرت عيناه وبكى منتحباً حتى بلّ أطماره.. ثم قال: أُذن لك الآن يا بن المازيار!.. صرْ إلى رحلك، وكنْ على أُهبة من أمرك، حتى إذا لبس الليل جلبابه، وغمر الناس ظلامه، صر إلى شعب بني عامر، فإنك ستلقاني هناك).. فالموعد الأول عند الشعب.. (فصرت إلى منزلي فلما أن حسست بالوقت، أصلحت رحلي، وقدّمت راحلتي وعكمتها شديداً، وحملت وصرت في متنه، وأقبلت مجدّاً في السير حتى وردتُ الشعب، فإذا أنا بالفتى قائمٌ ينادي: إليّ يا أبا الحسن إليّ!.. فما زلت نحوه، فلما قربت بدأني بالسلام وقال لي: سرْ بنا يا أخ)!..
(فما زال يحدّثني وأحدثه حتى تخرّقنا جبال عرفات، وسرنا إلى جبال منى، وانفجر الفجر الأول، ونحن قد توسّطنا جبال الطائف.. فلما أن كان هناك أمرني بالنزول وقال لي: انزل فصلِّ صلاة الليل!.. فصلّيت وأمرني بالوتر فأوترت، وكانت فائدة منه، ثم أمرني بالسجود والتعقيب، ثم فرغ من صلاته وركب وأمرني بالركوب، وسار وسرتُ معه حتى علا ذروة الطائف، فقال: هل ترى شيئاً؟.. قلت: نعم، أرى كثيب رمل، عليه بيت شعر، يتوقّد البيت نوراً.. فلما أن رأيته طابت نفسي، فقال لي: هنّاك الأمل والرجاء، ثم قال: سرْ بنا يا أخ!.. فسار وسرتُ بمسيره إلى أن انحدر من الذروة، وسار في أسفله، فقال: انزل!.. فههنا يذلُّ كلّ صعبٍ، ويخضع كلّ جبّارٍ.. ثم قال: خلِّ عن زمام الناقة!.. قلت: فعلى من أُخلّفها؟.. فقال: حرم القائم (ع) لا يدخله إلا مؤمنٌ ولا يخرج منه إلا مؤمنٌ.. فخلّيت عن زمام راحلتي، وسار وسرتُ معه إلى أن دنا من باب الخباء، فسبقني بالدخول، وأمرني أن أقف حتى يخرج إليّ).
(ثم قال لي: ادخل هنّأك السلامة!.. فدخلت فإذا أنا به جالسٌ: قد اتّشح ببردةٍ، واتّزر بأخرى، وقد كسر بردته على عاتقه.. وهو كأُقحوانة أرجوان، قد تكاثف عليها الندى، وأصابها ألم الهوى.. وإذا هو كغصن بان، أو قضيب ريحان.. سمحٌ، سخيٌّ، تقيٌّ، نقيٌّ.. ليس بالطويل الشامخ، ولا بالقصير اللازق.. بل مربوع القامة، مدوّر الهامة، صلت الجبين، أزجُّ الحاجبين، أقنى الأنف، سهل الخدين، على خده الأيمن خالٌ، كأنه فتات مسك على رضراضة عنبر).
(فلما أن رأيته بدرته بالسلام، فردّ عليّ أحسن ما سلّمت عليه، وشافهني وسألني عن أهل العراق، فقلت: سيدي!.. قد أُلبسوا جلباب الذلّة، وهم بين القوم أذلاء.. فقال لي: يا بن المازيار!.. لتملكونهم كما ملكوكم، وهم يومئذ أذلاء.. فقلت: سيدي!.. لقد بعُد الوطن، وطال المطلب، فقال: يا بن المازيار!.. أبي أبو محمد عهد إليّ أن لا أجاور قوماً غضب الله عليهم، ولهم الخزي في الدنيا والآخرة، ولهم عذابٌ أليمٌ.. وأمرني أن لا أسكن من الجبال إلا وعرها، ومن البلاد إلا قفرها، والله مولاكم أظهر التقية فوكلها بي، فأنا في التقية إلى يوم يُؤذن لي فأخرج).
إن هذه القصة تجعل الإنسان يعيش حالة من الشوق، شوق المتقين الذين وصفهم الإمام علي (ع) حيث قال فيهم: (أَمَّا اللَّيْلَ فَصَافُّونَ أَقْدَامَهُمْ، تَالِينَ لاَِجْزَاءِ الْقُرْآنِ يُرَتِّلُونَهَا تَرْتِيلاً) و (وَأَمَّا النَّهَارَ فَحُلَمَاءُ عُلَمَاءُ، أَبْرَارٌ أَتْقِيَاءُ).
[/align]






التوقيع :
[flash=http://up.7cc.com/upfiles/Rkq29611.swf]WIDTH=550 HEIGHT=500[/flash]

رد مع اقتباس
قديم 09-11-2010, 09:56 AM   رقم المشاركة : 2
.ابوفاضل.
( عضومـاسي متألق )

 
الصورة الرمزية .ابوفاضل.
الملف الشخصي




الحالة
.ابوفاضل. غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي المتشرفون باللقاء (2) السيد مهدى بحر العلوم فى السهلة

[align=justify]
السيد مهدى بحر العلوم فى السهلة
إن الغرض من ذكر هذه القصص أرقى من مجرد السرد التاريخي.. فهناك عدة دروس مستفادة من هذه القصص:
الدرس الأول: أن نلتفت إلى حقيقة أن إمام العصر (عج) معني بشئون زمانه كلها، سواء في ذلك ما يجري على غير المسلمين، وما يجري على المسلمين، وما يجري على خواص محبيه.. لا يعزب عنه هذه الأخبار، فهو يتألم لما يسمع مما لا يرضيه.. وشأنه في ذلك شأن آبائه المعصومين (ع) حيث كانوا يتألمون من صيحة: وا إسلاماه!.. وا غوثاه!.. أشد التألم.. فهذه صفة من صفات الكمال في المعصوم: الرقة، والحنان، والأذى، والتأثر، وإغاثة اللهفان.. فالنبي (ص) يؤتى ببنت حاتم الطائي، فأمهلها فترة.. فتعجب المسلمون!.. لماذا عاملها النبي كمعاملة باقي الأسرى، رغم أنها من أسرة كريمة؟.. فكما يقال: (أكرموا عزيز قوم ذل).. فالنبي (ص) كان ينتظر الفرصة، لأن يرجعها إلى أهلها معززة مكرمة، احتراما لهذه الصفة التي كانت في أبيها حاتم الطائي.. نعم، هذه صفاتهم صلوات الله وسلامه عليهم.. والشاعر يقول:
ملكنا فكان العفو منا سجية ********** فلما ملكتم سال بالدم أبطح
فحسبكم هذا التفاوت بيننا ********** وكل إنــاء بما فيه ينضح
الدرس الثاني: أن من يتمنى لقاء الإمام، ويعلم أن الإمام سيلطف به في زمان الغيبة، فإنه سيترقى في مستواه؛ لأنه (ع) لا ينظر إلا لمن اكتملت فيه صفات التقوى.. وما الذي يعجب الإمام في هذا الوجود؟.. فما سوى الله عز وجل، لا قيمة له لديه، إلا بمقدار ما لله من نصيب في ذلك الموجود.
هذه قصة نقلت عن علم من أعلام الإمامية، ألا وهو السيد محمد مهدي، المدعو ببحر العلوم.. هذا الرجل الذي كل ما يقال عنه، وكل ما يدعيه في زمان الغيبة من مسائل التشرف، نراه طبيعيا في حقه، لأنه جمع بين الكمالين: العلمي، والعملي.. ومن هنا كان ينظر إليه بتميز في تاريخ الإمامية.
يقول الراوي لهذه القصة: (كنت حاضراً في مجلس السيد في المشهد الغروي، إذ دخل عليه لزيارته المحقّق القمي -صاحب القوانين في السنة- الذي رجع من العجم إلى العراق، زائراً لقبور الأئمة (ع)، وحاجّاً لبيت الله الحرام.. فتفرّق من كان في المجلس، وحضر للاستفادة منه -وكانوا أزيد من مائة -وبقيت ثلاثة من أصحابه، أرباب الورع والسداد البالغين إلى رتبة الاجتهاد.. فتوجّه المحقّق الأيّد إلى جناب السيد وقال: إنكم فُزتم، وحُزتم مرتبة الولادة الروحانية والجسمانية، وقرب المكان الظاهري والباطني.. فتصدّقوا علينا بذكر مائدة من موائد تلك الخوان، وثمرة من الثمار التي جنيتم من هذه الجنان، كي تنشرح به الصدور، وتطمئن به القلوب.
فأجاب السيد من غير تأمّل، وقال: إني كنت في الليلة الماضية قبل ليلتين أو أقل -والترديد من الراوي- في المسجد الأعظم بالكوفة لأداء نافلة الليل، عازماً على الرجوع إلى النجف في أول الصبح؛ لئلا يتعطّل أمر البحث والمذاكرة -وهكذا كان دأبه في سنين عديدة- فلما خرجتُ من المسجد أُلقي في روعي الشوق إلى مسجد السهلة، فصرفتُ خيالي عنه، خوفاً من عدم الوصول إلى البلد قبل الصبح، فيفوت البحث في اليوم.. ولكن كان الشوق يزيد في كلّ آنٍ، ويميل القلب إلى ذلك المكان.. فبينا أقدّم رجلاً وأؤخّر أخرى، إذا بريحٍ فيها غبارٌ كثيرٌ، فهاجت بي وأمالتني عن الطريق.. فكأنها التوفيق الذي هو خير رفيقٍ، إلى أن ألقتني إلى باب المسجد.
فدخلت فإذا به خالياً عن العبّاد والزوّار، إلا شخصاً جليلاً مشغولاً بالمناجاة مع الجبّار، بكلماتٍ ترقّ القلوب القاسية، وتسح الدموع من العيون الجامدة.. فطار بالي، وتغيّرت حالي، ورجفت ركبتي، وهملت دمعتي من استماع تلك الكلمات، التي لم تسمعها أذني، ولم ترها عيني مما وصلت إليه من الأدعية المأثورة.. وعرفت أن الناجي ينشئها في الحال، لا أنه ينشد ما أودعه في البال).
من الملاحظ أنه عندما يذكر ذلك الوجود الشريف، أن أول ما يوصف دموعه الغزيرة، وعبادته، وتوسله برب العالمين.. ولهذا يجب أن لا تجعلوا حساب الرب مفصولا عن حساب الأئمة (ع) والمعصومين.. وإذا أردت أن تتودد إليهم، فلا بد من التقوى والورع، فإن هؤلاء لا يغريهم شيء سوى الالتجاء إلى رب العالمين.
(فوقفتُ في مكاني مستمعاً متلذّذاً، إلى أن فرغ من مناجاته.. فالتفتَ إليّ وصاح بلسان العجم: "مهدى بيا" أي: هلمّ يا مهدي!.. فتقدّمتُ إليه بخطواتٍ فوقفتُ، فأمرني بالتقدّم فمشيتُ قليلاً ثم وقفتُ، فأمرني بالتقدّم، وقال: إنّ الأدب في الامتثال، فتقدّمتُ إليه بحيث تصل يدي إليه، ويده الشريفة إليّ وتكلّم بكلمة.
قال المولى السلماسي رحمه الله: ولما بلغ كلام السيد السند إلى هنا أضرب عنه صفحاً، وطوى عنه كشحاً، وشرح في الجواب عما سأله المحقّق المذكور قبل ذلك عن سرّ قلّة تصانيفه، مع طول باعه في العلوم، فذكر له وجوهاً، فعاد المحقّق القمي، فسأل عن هذا الكلام الخفي، فأشار بيده شبه المنكر: بأن هذا سرّ لا يُذكر).
إن كلمة صغيرة -ولعلها من الكلمات التي سمعناها بين النبي (ص) وعلي (ع)- ينفتح منها ألف ألف باب من العلم.. نعم، هؤلاء بنظرة ولائية وبمسحة ربانية، يقلبون كيان الرجل.. فهذا الرجل العظيم يقال له: ما رأيك بالنسبة إلى إمكان رؤية الطلعة الغراء في الغيبة الكبرى؟.. فإذا به يقول: ما أقول في جوابه، وقد ضمني إلى صدره؟..فإذن، إن دعوى الرؤيا من دون أن تقترن بالسفارة والنيابة الخاصة، من الأمور المتعارفة في حياة العلماء والصلحاء.
وهذه قصة أخرى من عناياته (ع) بهذا السيد الجليل: عن ناظر أموره في أيام مجاورته بمكة قال: (كان رحمه الله مع كونه في بلد الغربة منقطعاً عن الأهل والأخوة، قوي القلب في البذل والعطاء، غير مكترثٍ بكثرة المصارف.. فاتفق في بعض الأيام أن لم نجد إلى درهمٍ سبيلاً، فعرّفته الحال، وكثرة المؤنة، وانعدام المال، فلم يقل شيئاً.. وكان دأبه أن يطوف بالبيت بعد الصبح، ويأتي إلى الدار، فيجلس في القبة المختصّة به.. ونأتي إليه بغليان فيشربه، ثم يخرج إلى قبة أخرى تجتمع فيها تلامذته من كلّ المذاهب، فيدرّس لكلٍّ على مذهبه.
فلما رجع من الطواف في اليوم الذي شكوته في أمسه نفود النفقة، وأحضرت الغليان على العادة، فإذا بالباب يدقه أحدٌ.. فاضطرب أشدّ الاضطراب، وقال لي: خذ الغليان وأخرجه من هذا المكان!.. وقام مسرعاً خارجاً عن الوقار والسكينة والآداب، ففتح الباب ودخل شخصٌ جليلٌ في هيئة الأعراب، وجلس في تلك القبة، وقعد السيد عند بابها، في نهاية الذلة والمسكنة، وأشار إليّ أن لا أُقرّب إليه الغليان.
فقعدا ساعةً يتحدثان، ثم قام، فقام السيد مسرعاً وفتح الباب، وقبّل يده، وأركبه على جمله الذي أناخه عنده، ومضى لشأنه.. ورجع السيد متغيّر اللون، وناولني براة، وقال: هذه حوالةٌ على رجلٍ صرّاف قاعد في جبل الصفا، واذهب إليه، وخذ منه ما أُحيل عليه.. قال: فأخذتها، وأتيت بها إلى الرجل الموصوف، فلما نظر إليها قبّلها، وقال: عليّ بالحماميل!.. فذهبت وأتيت بأربعة حماميل، فجاء بالدراهم من الصنف الذي يقال له: ريال فرانسه، يزيد كلّ واحدٍ على خمسة قرانات العجم، وما كانوا يقدرون على حمله، فحملوها على أكتافهم، وأتينا بها إلى الدار.
ولما كان في بعض الأيام، ذهبتُ إلى الصرّاف، لأسأل منه حاله، وممن كانت تلك الحوالة؟.. فلم أرَ صرّافاً ولا دكاناً.. فسألت عن بعض من حضر في ذلك المكان عن الصرّاف، فقال: ما عهدنا في هذا المكان صرّافاً أبداً، وإنما يقعد فيه فلان، فعرفت أنه من أسرار الملك المنّان، وألطاف ولي الرحمان).
إن القرآن الكريم عودنا من خلال آيات كثيرة، على أن هناك قانونا فوق هذا القانون الأرضي.. فعفريت من الجن في ملك سليمان، بإمكانه أن يحضر عرش بلقيس من ذلك المكان، قبل أن يقوم من مقامه.. ويأتي ذلك الرجل الذي كان في حاشيته، وإذا به -على كل سواء كان من الإنس أو من غير الإنس- يحضر العرش قبل أن يرتد إليه طرفه.. فهكذا عودنا القرآن الكريم على هذا الجو، لا الجن ولا الإنس، وإنما النملة ترى هذا الجيش، فتقول: ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده!.. من أين علمت هذه النملة جند سليمان؟.. والهدهد يذهب إلى بلاد اليمن، وإذا به يأتي بتقرير مفصل عما يجري في بلاد اليمن.. نعم، الذي يستغرب عالم ما وراء الطبيعة، يبدو أنه لم يأنس بثقافة القرآن الكريم.. وإلا فإن رب العزة والجلال، وضع القانون، ويرفعه متى ما شاء، كما فعل لنبيه وكليمه الخليل من قبل.
[/align]






التوقيع :
[flash=http://up.7cc.com/upfiles/Rkq29611.swf]WIDTH=550 HEIGHT=500[/flash]

رد مع اقتباس
قديم 09-11-2010, 09:59 AM   رقم المشاركة : 3
.ابوفاضل.
( عضومـاسي متألق )

 
الصورة الرمزية .ابوفاضل.
الملف الشخصي




الحالة
.ابوفاضل. غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي المتشرفون باللقاء (3) العلوي المصري في مصر وكربلاء

[align=justify]
إن الذين يرون إمامهم، إنما يرونه لشدة شوقهم، أو لشدة ابتلائهم.. وليس على نحو السفارة، فإن السفارة انقطعت بموت السفراء الأربعة.. وهؤلاء لا يدّعون السفارة والنيابة، فالذي يدّعي ذلك فهو ملعون.. وهذه القصص تدل على عناية الإمام، فالإمام مظهر للصفات الإلهية في الأرض بمقدار ما تحتمله البشرية من صفات الربوبية، والمعصوم في كل عصر يمثل هذه الصفات.. فعلى المؤمن أن يتخلق بأخلاق الله، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (أدَّبني ربّي، فأحسن تأديبي).. ولذا فإنه على كل مؤمن، أن يتشبه بخصال الله عز وجل بمستواه البشري، فالله رحيم.. وبالتالي، فإن على المؤمن أن يكون رحيما بالناس.. والمعصوم في العصر يمثل قمة العناية، واللطف، والسخاء، والرأفة، والحنان، بمن يعيش في ذلك العصر.[/align][align=justify]

إن هذه القضية ينقلها سيد جليل، هذا السيد يعتبر من قمة العارفين والسالكين في طوال زمان الغيبة.. وهذا السيد من الذين يعدون على أصابع اليد من علماء الإمامية، هو السيد الجليل علي بن طاووس -رحمه الله- كان في منتهى درجات المراقبة ومحاسبة النفس.. وانظروا إلى كتبه: مهج الدعوات، والاقبال، وغير ذلك.. فإنه لا يرى نفس شبيه لهذا السيد في أي عالم من علمائنا، يتكلم وكأنه على ارتباط بالمبدأ الأعلى، وبالمحل الأعلى.. فهو هكذا معروف في كتاباته.

وهذه القضية ينقلها في كتابه مهج الدعوات، ويذكر أن هذا الأمر وجده في سنة 396، فهي قضية قديمة عن مئات السنين، والسيد ينقل هذا الأمر، مقدمةً لدعاء العلوي المصري، هذا الدعاء المعروف في أوساط الداعين، وهذا الدعاء من الأدعية المعروفة لقضاء الحوائج.. فدعاء العلوي المصري دعاء معروف في هذا الكتاب، ولهذا الدعاء قصة وقضية وهي كالتالي:

(قال محمد بن علي العلوي الحسيني، وكان يسكن بمصر).. إن محبي أهل البيت في كل العصور كانوا متناثرين في شرق الأرض وغربها.. (يقول: دهمني أمرٌ عظيمٌ وهمٌّ شديدٌ، من قِبَل صاحب مصر، فخشيته على نفسي، وكان قد سعى بي إلى أحمد بن طولون).. هذا الإنسان الذي يعد من مؤسسي الدولة الطولونية في مصر.. (فخرجت من مصر حاجّاً، وسرت من الحجاز إلى العراق، فقصدت مشهد مولاي الحسين بن علي -صلوات الله عليهما- عائذاً به، ولائذاً بقبره، ومستجيراً به من سطوة من كنت أخافه).. رأى هذا السيد العلوي، بأن النجاة بعد الذهاب إلى الحج -ذلك المكان الذي ينظر الله عز وجل فيه إلى أهل عرفة- هو بالذهاب إلى الحسين (ع)، لأنه قبل ذلك ينظر إلى زوار قبر الحسين (ع).

(فأقمت بالحائر خمسة عشر يوماً، أدعو وأتضرع ليلي ونهاري).. إن الإنسان في بعض الأوقات عندما يبتلى، يحول ابتلاءه إلى اكتئاب، وغضب على الأهل والعيال، وإلى تبرم بالزمان.. وقد يؤدي به إلى الكفر، وتحدي رب العالمين، والعتب على القضاء والقدر.. والبعض بلغ به ما بلغ إما إلى الجنون، وإما إلى الانتحار.. نعم، هؤلاء أهل الدنيا الذين لم يركنوا إلى ركن وثيق.. ولكن انظروا إلى هذا العلوي من مصر، يخرج من تلك البلاد البعيدة، ويذهب إلى بيت ربه، ومن ثم يلتجىء إلى الحائر الحسيني، مقيما يتضرع ليله ونهاره.

(فتراءى لي قيّم الزمان وولي الرحمن (ع)).. نعم، الإمام في كل عصر هو القيّم على أهل ذلك العصر، وإن كان هنالك وجودا يمثل رب العالمين، فهو هذا الوجود.. ونحن نعلم أن آدم ليس من أنبياء أولي العزم، ولكن مع ذلك يقول القرآن: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} وأول خليفة يجعله هو آدم.. بينما يقول النبي عن نفسه: (كنت نبيا وآدم (ع) منخول في طينته).. فإذن، إن هذه الوجودات المباركة، كانت معروفة من قديم الزمان في عالم العرش وعند الملائكة.

(وأنا بين النائم واليقظان).. يبدو أن القضية ليست في نوم محض، ولا يقظة محضة.. أما ما هذا العالم، وما هو؟.. يقال أنه عالم المكاشفة، وعالم الحالة البرزخية.. فهذا سره عند أهله، فلله أسرار!.. وكما هو معلوم بأن عزرائيل يقبض أرواح كثيرة في آن واحد، فهل هذا الملك متعدد؟.. أو أن له مثيلا؟.. وكذلك عندما قال علي (ع): (يا حار همدان من يمت يرني).. ففي كل لحظة كم يموت من الموالين؟.. وهو (ع) يتفقدهم واحدا واحدا!.. وباعتبار أن هذا إمام الزمان تتنزل إليه المقادير في ليلة القدر، فإرادة الرب في مقادير أموره تهبط إليهم وتصدر من بيوتهم.. فالله عز وجل يختار إمام كل عصر، كي يجري البركات على يديه.. فإذا ذهبت إلى الروضة، أو إلى البقيع، أو إلى الحائر، فقل: يا رسول الله!.. يا أمير المؤمنين!.. يا أبا عبدالله!.. سل ولدك أن يتفقدنا بعنايته، وسلوه أن يخصني برعايته.. نعم، فالحسين بن علي يريد أن يتفضل على هذا العلوي المصري، فيأتي من خلال إمام العصر.

(فقال لي: يقول لك الحسين: يا بني!.. خفت فلانا؟.. فقلت: نعم، أراد هلاكي، فلجأت إلى سيدي (ع) وأشكو إليه عظيم ما أراد بي).. أنظروا إلى تعبير: يا بني!.. رغم أن السنوات بعيدة مئات السنين، ولكن الأئمة (ع) ينظرون إلى السادة وإلى ذرية رسول الله (ص) في كل عصر على أنهم ذريتهم.. (فقال: هلاّ دعوت الله ربك ورب آبائك، بالأدعية التي دعا بها مَن سلف من الأنبياء (ع)؟.. فقد كانوا في شدة، فكشف الله عنهم ذلك).. إن أئمتنا (ع) يتعمدون في رواياتهم بذكر أربعة مصادر:

أولا: تارة ينسبون العلم إلى أنفسهم.. فيقول الإمام: يجوز، ولا يجوز.. والحق كذا، والأمر كذا.
ثانيا: وتارة ينسبون الحديث إلى جدهم المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، كحديث سلسلة الذهب.. "لما وافى أبو الحسن الرضا (ع) نيسابور، وأراد أن يرحل منها إلى المأمون، اجتمع إليه أصحاب الحديث، فقالوا له: يا بن رسول الله!.. ترحل عنا، ولا تحدّثنا بحديث فنستفيد منك؟.. وقد كان قعد في العمارية، فأطلع رأسه وقال: سمعت أبي موسى بن جعفر يقول: سمعت أبي جعفر بن محمد يقول: سمعت أبي محمد بن علي يقول: سمعت أبي علي بن الحسين يقول: سمعت أبي الحسين بن علي يقول: سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) يقول: سمعت رسول الله (ص) يقول: سمعت جبرائيل (ع) يقول: سمعت الله جلّ وعزّ يقول: لا إله إلا الله حصني، فمن دخل حصني أمن من عذابي.. فلما مرّت الراحلة نادانا: بشروطها، وأنا من شروطها".
ثالثا: وتارة ينسبون الحديث إلى رب العالمين.. كالأحاديث القدسية، فقسم من هذه الأحاديث منقولة عن أئمة أهل البيت (ع).
رابعا: وتارة ينقلون أحاديثهم عن الأنبياء السلف: عن موسى، عن عيسى، عن إبراهيم.. لأنهم ذرية واحدة، ويستقون علمهم من منبع واحد.

فالإمام –كما هو الملاحظ هنا- يحيل العلوي المصري إلى دعاء الأنبياء السلف، ليفهم الناس أن هذا خط واحد، بدأ من آدم واستمر واستمر ويستمر إلى قيام إمامنا (عج).. (قلت: وبماذا أدعوه؟.. فقال: إذا كان ليلة الجمعة).. فالدرس هنا هو أهمية ليلة الجمعة، فيعقوب (ع) يعد أبناءه: {سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ} يقول المفسرون: بأنه أراد بذلك ليلة الجمعة، إذ كان بإمكانه أن يستغفر في الحال، ولكنه أجّل ذلك إلى ليلة الجمعة.. فاغتنموا تلك الليلة!..

(فاغتسلْ).. لا أدري ما هو هذا السر الذي جعله الله في الغسل!.. حتى أن بعض العلماء من العلماء السلف قد يوجب لعله غسل الجمعة.. وكما هو ملاحظ أن الغسل من معالم الأيام والليالي المباركة.. ولعل في ذلك درس عملي!.. فالإنسان عندما يريد أن يتحدث مع الله تعالى، أو يذهب إلى الحرم المكي، أو الحرم النبوي، عليه أن ينظف جسمه من العرق والغبار والروائح المنتة.. فإذا كان الله عز وجل يحب أن تدخل الحرم بجلد نقي، ألا يريد منك أن تدخل بروح نقية؟.. وباستغفار بليغ؟.. إن بعض الحجاج والمعتمرين يصرّ على أن يغتسل في الميقات، وإن كلّفه ذلك ما كلّفه.. ويذهب ويلبس ثوبي الإحرام، ثم يلبي تلبية سريعة، ويخرج إلى بيت الله هل هذا هو المطلوب؟.. فهو يغتسل بإتقان، لعله يستغرق ساعة من الزمان، وهو مشغول بمقدمات ومؤخرات الغسل.. ولكن أين المناجات بين يدي الله عز وجل في الميقات؟.. وأين الاستغفار من الذنوب؟.. لقد أجرى الماء على وجهه، فهل أجرى الدموع من عينيه، وهو في الميقات، أو في زيارة الحسين (ع)؟..

(وصلّ صلاة الليل).. أين الذين يتهموننا بالشرك؟.. فهذا الإمام يريد أن يدل هذا العلوي على الفرج، فيحيله على دعاء الأنبياء، ويحيله على إحياء صلاة الليل، وعلى الجلوس بين يدي الله عز وجل.. (فإذا سجدت سجدة الشكر، دعوت بهذا الدعاء، وأنت بارك على ركبتيك)، أي على هيئة الذليل، وعلى هيئة المستطعم، والفقير.. فهذه هي تربيتهم، وهذا ديدنهم.. إن الذين تشرفوا بلقاء صاحب الأمر(ع) هكذا كانوا يعيشون هذه الأجواء المباركة.

(فذكر لي دعاءً قال: ورأيته في مثل ذلك الوقت، يأتيني وأنا بين النائم واليقظان.. قال: وكان يأتيني خمس ليال متواليات، يكرّر عليّ هذا القول والدعاء، حتى حفظته، وانقطع عني مجيئه ليلة الجمعة.. فاغتسلت، وغبّرت ثيابي، وتطيّبت.. وصليت صلاة الليل، وسجدت سجدة الشكر، وجثوت على ركبتي، ودعوت الله جلّ وتعالى بهذا الدعاء.. فأتاني (ع) ليلة السبت فقال لي: قد أُجيبت دعوتك يا محمد!.. وقُتل عدوك عند فراغك من الدعاء، عند من وشى بك إليه.. فلما أصبحت ودعت سيدي، وخرجت متوجها إلى مصر.. فلما بلغت الأردن، وأنا متوجّهٌ إلى مصر، رأيت رجلاً من جيراني بمصر -وكان مؤمنا- فحدثني أنّ خصمي قبض عليه أحمد بن طولون، فأمر به، فأصبح مذبوحا من قفاه.. قال: وذلك في ليلة الجمعة، وأُمر به فطُرح في النيل، وكان ذلك فيما أخبرني جماعة من أهلها وإخواننا الشيعة، أنّ ذلك كان فيما بلغهم عند فراغي من الدعاء، كما أخبرني مولاي صلى الله عليه وآله).

نعم، إذا أرادوا، فإن قلبَ الملك يتغير.. فالإمام لم يسأل الله عز وجل أن يسلط عليه جنيا أو ملكا، وإنما سأل الله تعالى أن يسلط عليه الحاكم، فتغير قلبه.. وبهذا المضمون نقل بعضهم حديثا: أن الإمام في أحد المواقف يقول: قلوب الملوك بأيدينا.. وهذا أيضا مضمون القرآن الكريم، عندما يقول: {وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ}.. فهو المذيق، وهو المعذب، ولكن من خلال البعض من الظلمة.. فيجري مشيئته ويعذب قوما لاستحقاقهم العذاب، وذلك من خلال ظالم من الظالمين.. فإذا انتهى أجله اقتلعه من جذوره ورماه حيث يرميه، كما فعل بفرعون، وهامان، ونمرود، وأمثالهم من عتاة التاريخ.
[/align]


للاستماع الى نص المحاضره
[RAMS]http://www.alseraj.net/ar/media/leqa/leqaA3.ram[/RAMS]






التوقيع :
[flash=http://up.7cc.com/upfiles/Rkq29611.swf]WIDTH=550 HEIGHT=500[/flash]

رد مع اقتباس
قديم 09-11-2010, 10:02 AM   رقم المشاركة : 4
.ابوفاضل.
( عضومـاسي متألق )

 
الصورة الرمزية .ابوفاضل.
الملف الشخصي




الحالة
.ابوفاضل. غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي المتشرفون باللقاء 4 الشيخ محمد حسن النجفي في السهلة

[align=justify]
إن هذه القضية مستندة إلى أحد العلماء الأجلاء، ولها سند مذكور في الكتب المعتبرة: (حدّث الشيخ الفاضل العالم الثقة الشيخ باقر الكاظمي، المجاور في النجف الأشرف آلالشيخ طالب، نجل العالم العابد الشيخ هادي الكاظمي قال:كان في النجف الأشرفرجلٌ مؤمنٌ، يُسمّى الشيخ محمد حسن السريرة، وكان في سلك أهل العلم ذا نيةٍصادقةٍ)..إن في قضايا التشرف، لا بد وأن نلتفت إلى التعابير، لأن بعض التعابير تعطينا مفتاح الحل..وهو أنه لماذا وقع هؤلاء تحت دائرة الجذب المهدوي، والعناية الإلهية من خلال وليه؟..
(وكان معه مرض السعال، إذا سعل يخرج من صدره مع الأخلاط دمٌّ، وكان مع ذلك في غاية الفقر والاحتياج، لا يملك قوت يومه.. وكان يخرج في أغلب أوقاته إلى البادية، إلى الأعراب الذين في أطراف النجف الأشرف، ليحصل له قوت ولو شعير، وما كان يتيسر ذلك على وجهٍ يكفيه، مع شدة رجائه.. وكان مع ذلك قد تعلّق قلبه بتزويج امرأة من أهل النجف، وكان يطلبها من أهلها وما أجابوه إلى ذلك، لقلة ذات يده.. وكان في همٍّ وغمٍّ شديدٍ من جهة ابتلائه بذلك.. فلما اشتدّ به الفقر والمرض، وأيس من تزويج البنت، عزم على ما هو معروفٌ عند أهل النجف، من أنه من أصابه أمرٌ فواظب الرواح إلى مسجد الكوفة أربعين ليلةً الأربعاء، فلا بدّ أن يرى صاحب الأمر -عجّل الله فرجه- من حيث لا يعلم، ويقضي له مراده).
إن الإنسان إذا زاد بلاؤه، ازداد انقطاعه، وتوجّه إلى الله عز وجل.. وعادة الفرج لا يأتي إلا عند اشتداد الأزمات.. فإذا وقع المؤمن في بلية، فبدلا من فوات أزمّة الأمور، وبدلا من التشبث بكل ضعيف وحقير، وبدلا من غلبة الكآبة واليأس، وبعض الأمراض النفسية -لا سمح الله- عليه أن يذهب إلى باب الله عز وجل، فإن الله تعالى يسمع استغاثة الملهوف.. فالقلب إذا رقّ وانكسر، فإن صاحبه في معرض العناية الإلهية.
(قال الشيخ باقر قدس سره: قال الشيخ محمد: فواظبتُ على ذلك أربعين ليلةً بالأربعاء، فلما كانت الليلة الأخيرة، وكانت ليلة شتاء مظلمة، وقد هبّت ريحٌ عاصفةٌ، فيها قليلٌ من المطر، وأنا جالسٌ في الدكّة التي هي داخلٌ في باب المسجد).. كان جالسا خارج المسجد، لأنه كان يخشى من خروج الدم من صدره، لئلا يوجب تنجس المسجد، فكان في خارج المسجد.
(وكانت الدكّة الشرقية المقابلة للباب الأول، تكون على الطرف الأيسر عند دخول المسجد، ولا أتمكن الدخول في المسجد من جهة سعال الدم، ولا يمكن قذفه في المسجد، وليس معي شيءٌ أتقي فيه عن البرد.. وقد ضاق صدري، واشتدّ عليّ همّي وغمّي، وضاقت الدنيا في عيني، وأفكر أنّ الليالي قد انقضت وهذه آخرها، وما رأيتُ أحداً ولا ظهر لي شيءٌ).. أي هكذا أمّلت نفسي بأنني سوف أحظى برعايته عليه السلام، وأنا صاحب الهموم الكبرى: مرضٌ، وفقرٌ، ومشكلةٌ عاطفية.. ولعل المشكلة الأخيرة أصعب من الأولين.
(وقد تعبتُ هذا التعب العظيم، وتحمّلتُ المشاق، والخوف في أربعين ليلة، أجيء فيها من النجف إلى مسجد الكوفة، ويكون لي الإياس من ذلك.. فبينما أنا أفكّر في ذلك -وليس في المسجد أحدٌ أبداً، وقد أوقدتُ ناراً لأسخن عليها قهوةً جئتُ بها من النجف، لا أتمكن من تركها لتعوّدي بها، وكانت قليلةً جداً -إذا بشخصٍ من جهة الباب الأول متوجهاً إليّ.. فلما نظرته من بعيد، تكدّرتُ وقلت في نفسي: هذا أعرابيٌّ من أطراف المسجد، قد جاء إليّ ليشرب من القهوة، وأبقى بلا قهوة في هذا الليل المظلم، ويزيد عليّ همّي وغمّي.. فبينما أنا أُفكّر إذا به قد وصل إليّ وسلّم عليّ باسمي).. عادة في مثل هذه المواطن، يسأل الإنسان الطرف المقابل: أنت من أي قبيلة؟.. ومن أي عائلة؟.. فلعله يتعرف عليه.
(وجلس في مقابلي، فتعجّبتُ من معرفته اسمي، وظننته من الذين أخرجُ إليهم في بعض الأوقات من أطراف النجف الأشرف.. فصرتُ أسأله من أي العرب يكون؟.. قال: من بعض العرب، فصرت أذكر له الطوائف التي في أطراف النجف، فيقول: لا لا، وكلما ذكرتُ له طائفةً قال: لا، لست منها.. فأغضبني وقلت له: أجل أنت من طُريطرة –مستهزئاً، وهو لفظ بلا معنى- فتبسّم من قولي ذلك، وقال: لا عليك من أينما كنتُ، ما الذي جاء بك إلى هنا؟.. فقلت: وأنت ما عليك السؤال عن هذه الأمور؟.. فقال: ما ضرّك لو أخبرتني؟.. فتعجبتُ من حسن أخلاقه وعذوبة منطقه، فمال قلبي إليه).
انظروا إلى سيرة الأولياء والأوصياء، فإنهم يردون السيئة بالحسنة، ويردون سوء الخلق، بحسن الخلق!.. وإذا قالوا، فإن الناس تميل إليهم.. هذا ما كسبه النبي من محبة الخلق عملا بقوله تعالى: {وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}.. فالذي يريد أن يكون محبوبا في أسرته، وفي عمله، وفي مجتمعه هذا هو سبيله.
(وصار كلما تكلّم ازداد حبي له، فعملت له السبيل من التتن وأعطيته، فقال: أنت اشرب، فأنا ما أشرب).. طبعا، فهو لم يحرم هذا الأمر له، لكنه استنكف عن هذا الفضول من العيش.. فهو أمر ليس بلازم، بل قد يضر.. (وصببتُ له في الفنجان قهوةً وأعطيته، فأخذه وشرب شيئاً قليلاً منه، ثم ناولني الباقي وقال: أنت اشربه!.. فأخذته وشربته، ولم ألتفت إلى عدم شربه تمام الفنجان، ولكن يزداد حبي له آناً فآناً.. فقلت له: يا أخي!.. أنت قد أرسلك الله إليّ في هذه الليلة تأنسني، أفلا تروح معي إلى أن نجلس في حضرة مسلم (ع) ونتحدّث؟.. فقال: أروح معك، فحدّثْ حديثك!..).. فإلى الآن الشيخ يستنكف عن ذكر مشكلته.
(فقلت له: أحكي لك الواقع أنا في غاية الفقر والحاجة، مذ شعرتُ على نفسي.. ومع ذلك معي سعالٌ أتنخّع الدم، وأقذفه من صدري منذ سنين، ولا أعرف علاجه.. وما عندي زوجة، وقد علق قلبي بامرأة من أهل محلتنا في النجف الأشرف، ومن جهة قلة ما في اليد ما تيسر لي أخذها.. وقد غرّني هؤلاء الملاّئية وقالوا لي: اقصد في حوائجك صاحب الزمان، وبتْ أربعين ليلةً الأربعاء في مسجد الكوفة، فإنك تراه ويقضي لك حاجتك.. وهذه آخر ليلة من الأربعين، وما رأيت فيها شيئاً، وقد تحمّلتُ هذه المشاق في هذه الليالي، فهذا الذي جاء بي هنا، وهذه حوائجي).. يبدو أن الرجل قد تبرّم من تأخير الحاجة، وأخذ يصبّ اللوم على من نصحه بهذا الاقتراح.
(فقال لي -وأنا غافلٌ غير ملتفتٍ-: أمّا صدرك، فقد برأ.. وأما الامرأة، فتأخذها عن قريب.. وأما فقرك، فيبقى على حاله حتى تموت).. نتعلم من هذا درسا، وهو أنه علينا أن نطرح حوائجنا بين أيديهم، وهم يدرسون الحالة.. ولعل الذي أبطأ عني هو خير لي، لعلمك بعاقبة الأمور.. نعم، رأوا الصلاح في صحة بدنه، ورأوا الصلاح في أن يقترن بتلك المرأة.. أما بالنسبة إلى الحالة المادية، فقد رأوا بأن هذا الفقر خير له.. ولهذا ما دعوا له بالغنى.. تذكرنا هذه القصة بثعلبة، ذلك الذي كان في زمان النبي (ص) وعندما استغنى، خرج من المدينة وانقطع عن النبي (ص)، وحُرم بركات خطبه، إلى أن استنكف من دفع الزكاة... الخ.
(وأنا غير ملتفتٍ إلى هذا البيان أبدا، فقلت: ألا تروح إلى حضرة مسلم؟.. قال: قم!.. فقمت وتوجّه أمامي، فلما وردنا أرض المسجد، فقال: ألا تصلي صلاة تحية المسجد)؟.. يبدو أيضا أن هذه من الآداب والسنن المطلوبة، ليحيي الإنسان المسجد عند أول دخوله.. وروايات تحية المسجد، أو أن الأرض تعجّ إلى الله من بول الأغلف، أو النائم بين الطلوعين -مثلا- محمولة على أن هناك ملائكة موكلة بذلك المكان، وبكل بقعة هنالك وجودات شريفة ولطيفة.. ولهذا يقال: من كان مواظبا على المسجد، وخرج عن المسجد مسافرا، ثم عاد بعد فترة.. فإن المسجد يستقبل هذا المصلي استقبالا، كما يستقبل أحدنا أهله وعياله.
(فقلت: أفعل، فوقف هو قريباً من الشاخص الموضوع في المسجد، وأنا خلفه بفاصلةٍ، فأحرمتُ الصلاة وصرتُ أقرأ الفاتحة.. فبينما أنا أقرأ، وإذا يقرأ الفاتحة قراءةً ما سمعتُ أحداً يقرأ مثلها أبداً، فمن حسْن قراءته قلت في نفسي: لعله هذا هو صاحب الزمان.. وذكرتُ بعض كلماتٍ له تدلّ على ذلك، ثم نظرت إليه بعد ما خطر في قلبي ذلك -وهو في الصلاة- وإذا به قد أحاطه نورٌ عظيمٌ، منعني من تشخيص شخصه الشريف، وهو مع ذلك يصلي، وأنا اسمع قراءتهوقد ارتعدت فرائصي، ولا أستطيع قطع الصلاة خوفاً منه، فأكملتها على أي وجهٍ كان، وقد علا النور من وجه الأرض، فصرتُ أندبه وأبكي وأتضجّر وأعتذر من سوء أدبي معه في باب المسجد.
وقلت له: أنت صادق الوعد، وقد وعدتني الرواح معي إلى مسلم.. فبينما أنا أكلّم النور، وإذا بالنور قد توجّه إلى جهة المسلم، فتبعتُه فدخل النور الحضرة، وصار في جوّ القبة، ولم يزل على ذلك، ولم أزل أندبه وأبكي، حتى إذا طلع الفجر عرج النور.. فلما كان الصباح التفتُ إلى قوله: أما صدرك فقد برأ، وإذا أنا صحيح الصدر، وليس معي سعالٌ أبداً.. وما مضى أسبوع، إلا وسهّل الله عليّ أخذ البنت من حيث لا أحتسب.. وبقي فقري على ما كان، كما أخبر صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه الطاهرين).
[/align]


للاستماع
[RAMS]http://www.alseraj.net/ar/media/leqa/leqaV4.ram[/RAMS]






التوقيع :
[flash=http://up.7cc.com/upfiles/Rkq29611.swf]WIDTH=550 HEIGHT=500[/flash]

رد مع اقتباس
قديم 09-11-2010, 10:09 AM   رقم المشاركة : 5
.ابوفاضل.
( عضومـاسي متألق )

 
الصورة الرمزية .ابوفاضل.
الملف الشخصي




الحالة
.ابوفاضل. غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي المتشرفون باللقاء _5 ما جرى على من امره الامام بصلة والده المريض

[align=justify]
إن من القضايا التي نستفيديها من ذكر قصص الذين تشرفوا باللقاء، هي العبرة في مسألة التفاتة صاحب الأمر والزمان (عج) لبعض محبيه.. وعلينا أن نلتفت إلى القواعد التي ذكرناها سابقا، وهي أن لكل قضية روح وجوهر، فعلينا أن نتأسى بتلك الجوهرة.. فالإمام مظهر حكمة الله تبارك وتعالى.. فإذا كان لقمان الحكيم، قد أوتي الحكمة.. فكيف بمن هو خاتم الأوصياء؟.. وكيف بمن سيأتي المسيح بن مريم ليصلي خلفه في بيت المقدس؟.. فهذا مظهر تجلي حكمة الله تعالى في الأرض.
إن الإمام (ع) مع انشغالاته وخلواته مع ربه، فهو كجده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، وله عبارة بليغة ومؤثرة حيث يقول: (لي مع الله حالات، لا يحتملها ملكٌ مقرّبٌ، ولا نبيٌّ مرسلٌ).. إن لكل نبي خلوته مع الله، ولكل معصوم كذلك.. وكذلك الإمام (ع) له ساعات خلوة مع رب العالمين، كجده سيد المرسلين.. إذ يناجي ربه في جوف الليل، وإذا أراد أن يلتفت إلى ما سوى الله من البشر، فلا بد من وجود عذرٍ ومبررٍ وقابليةٍ.. إما حب شديد، أو ورطة بليغة، أو استغاثة صادقة، أو يقين به، واعتقاد راسخ بعناياته في زمن الغيبة.
ومنذ أن غاب (ع) إلى يومنا هذا، إن قضايا التشرف بلا سفارة، من القضايا المتواترة في تاريخ علمائنا، وخصوصا المبرّزين منهم: كالسيد بحر العلوم، والأنصاري، والشيخ المفيد، وغيرهم.. وليس من المهم المواجهة، أي أن تقع عيوننا على طلعته البهية، وإن كان هذا مطلب ندعوه في دعاء العهد: (اللهم!.. أرنا الطلعة الرشيدة، والغرّة الحميدة).. ليس لنا فحسب!.. بل للأمة، أي بمعنى الدعاء بالفرج العاجل.. ولكن من المهم جدا أن يناجي الإنسان ربه، ويستغيث بالإمام بطريقته الخاصة.. فلو جعلَنا الإمام ضمن من يدعو لهم في صلاة الليل بالمغفرة -ولو مرة واحدة- لم يبقَ من ذنوبنا شيء.. ولو أن الإمام صار بناؤه أن يتكفّلنا تكفّل الأيتام، فهل نخشى من الضياع؟.. وهل نخشى من الإنصراف؟.. وهل نخشى من إنفلات زمام الأمور في حياتنا؟..
فلننظر إلى عناية الإمام (ع) بهذا الرجل!.. فقد التقى به -على ما هو النقل- ولكن بهدف تربوي، لا لمجرد اللقاء العابر.. (أخبر الشيخ باقر، عن رجلٍ صادق اللهجة، كان حلاقا، وله أب كبير السن).. إن الابتلاء بالأب كبير السن والمريض، من التكاليف الصعبة: فمن ناحية هناك حق الأبوة والخدمة إلى اللحظات الأخيرة من الحياة.. ومن ناحية فإن النفس قد تتبرم، خاصة إذا كان الأب مقعدا، ويحتاج إلى خدمة مباشرة.. والإنسان في أفضل التقادير، قد يؤدي هذه الخدمة، ولكن على مضض.. وقد يتمنى في أعماق وجوده أن يتخلص من هذه الخدمة، بذهاب أبيه إلى العالم الآخر.
يقول: ( وهو لا يقصر في خدمته، حتى أنه يحمل له الإبريق إلى الخلاء، ويقف ينتظره حتى يخرج، فيأخذه منه، ولا يفارق خدمته إلا ليلة الأربعاء، فإنه يمضي إلى مسجد السهلة، ثم ترك الرواح إلى المسجد، فسألته عن سبب ذلك، فقال: خرجت أربعين أربعاء، فلما كانت الليلة الأخيرة، لم يتيسر لي أن أخرج إلى قريب المغرب، فمشيت وحدي، وصار الليل، وبقيت أمشي حتى بقي ثلث الطريق، وكانت الليلة مقمرة).. إن إنسانا التزم أربعين ليلة، من الطبيعي أنه يتمنى في الليلة الأخيرة أن يحظى بشيء، فيعز عليه ترك تلك الليلة.. فإن له أبا يحتاج إلى عناية، فدار الأمر بين أن يخدم أباه تلك الليلة -ليلة الأربعاء- وبين أن يكمل عمله.. وطبيعي أن يقدّم إكمال العمل على خدمة أبيه، الذي يحتاج إلى رعاية.
يقول: (رأيت أعرابيا على فرسٍ قصدني، فقلت في نفسي: هذا سيسلبني ثيابي، فلما انتهى إليَّ كلّمني بلسان البدو من العرب، وسألني عن مقصدي.. فقلت: مسجد السهلة.. فقال: معك شيء من المأكول؟.. فقلت: لا.. فقال: أدخل يدك في جيبك -هذا نقل بالمعنى- وأما اللفظ "دورك يدك لجيبك" فقلت: ليس فيه شيء، فكرّر عليَّ القول بزجرٍ، حتى أدخلت يدي في جيبي، فوجدت فيه زبيبا، كنت أشتريته لطفلٍ عندي، ونسيته، فبقي في جيبي).. إن هذه علامة أولى: وهي أنه أخبره بما عنده.. أليس عيسى بن مريم (ع) كان يكلّم الناس بما يدّخرون في بيوتهم؟!.. فهذه صفة من صفات الأولياء.
يقول: (ثم قال لي: أوصيك بالعود!.. أوصيك بالعود!..أوصيك بالعود!.. –والعود في لسانهم اسم للأب المسنّ- ثم غاب عن بصري.. فعلمت أنه المهدي (ع) وأنه لا يرضى بمفارقتي لأبي، حتى في ليلة الأربعاء.. فلم أعد).
إن الدرس العملي من هذه القضية، أن الإنسان لا ينبغي أن يستحدث لنفسه طريقة في الحياة، كأن يتخذ وردا ليبلغ إلى مقصوده، أو يعتاد على عملٍ ولا يوازن بين الأمور.. ونحن عندنا في الشريعة باب واسع ومهم، يسمى باب التزاحم: أي هنالك مهم وهنالك أهم.. وهنالك راجح، وهنالك مرجوح.. وهنالك واجب، وهنالك مستحب.. فعندما يرى الشيطان بأنه لا يمكن أن يشغل هذا الإنسان بالحرام، فعندئذ يشغله بما هو دون المطلوب منه؛ فيشغله بالمستحب عن الواجب، ويشغله بالمهم عن الأهم.
إن الإنسان المؤمن المراقب لنفسه، والولي الصالح -لا أهل الدعوى، وأهل الإدعاءات الزائفة- يرى في كل ساعة وظيفة، فليست هنالك وظيفة ثابتة.. -فمثلا- هذه الساعة كنت أمضيها مع أهلي، ولكن هذه الساعة في هذه الليلة، أين أمضيها؟.. فعليَّ أن أفكر، هل راجح الذهاب إلى مجلس، يطلب فيه علم؟.. أو هل الراجح تنفيس كربة مؤمن؟.. أو هل الراجح في تلك الليلة الجلوس إلى أهلي وولدي؟.. أو هل الراجح أن أتصل برحمي؟.. فلا أدري أين هو الراجح؟..
إن على الإنسان أن يتأمل، ويحاول أن يكتشف.. فالمؤمن لا يعتاد شيئا.. "فلكل ظرفٍ تكليف، ولكل يومٍ تكليف".. فهنيئا لمن استيقظ صباحا، ورتّب برنامجه من الصباح إلى المساء!.. فبعد ساعات العمل ما هي التكاليف اللازمة؟.. أين يذهب؟.. وإلى أي مجلس؟.. ومن يصادق؟.. ومن يزور؟.. وماذا يقرأ؟.. وماذا يدعو؟.. فيجعل لنفسه ساعة للمناجاة، وساعة للتعلم، وساعة للتفكر؛ فيحاول فيها أن يفكر فيما يرضي الله تعالى.
فإنْ فكّر وعمل بما وصل إليه، أحبّه الله -ولو كان مخطئا- لأنه فكّر وقلّب الأمور، واكتشف الملاكات بحسب نظره القاصر، ثم رجّح ما هو خير له بنظره.. فهذا الإنسان رأى أنها ليلة الأربعاء، وهو مواظب على هذا الورد المجرّب.. فبشكل طبيعي وتلقائي ومن دون تفكير، قدّم الذهاب إلى مسجد السهلة، على خدمة هذا الوالد المسكين.. ولكن يأتيه التنبيه أنه عليك بالأب هذه الساعة!.. وإن كانت ليلة حاسمة، وساعة ذهبية، إلا أن خدمة الوالدين مع كبر سنهما، مقدمٌ على أية عبادة أخرى، ليست بواجبة عليك.
[/align]


للاستماع الى نص المحاضره
[rplayer]http://www.alseraj.net/ar/media/leqa/leqaA5.ram[/rplayer]






التوقيع :
[flash=http://up.7cc.com/upfiles/Rkq29611.swf]WIDTH=550 HEIGHT=500[/flash]
آخر تعديل .ابوفاضل. يوم 09-11-2010 في 10:40 AM.

رد مع اقتباس
قديم 09-11-2010, 10:42 AM   رقم المشاركة : 6
.ابوفاضل.
( عضومـاسي متألق )

 
الصورة الرمزية .ابوفاضل.
الملف الشخصي




الحالة
.ابوفاضل. غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي المتشرفون باللقاء (7) امام مسجد الكوفة حين اشتغال فكره

[align=justify]
هذه قضية أخرى من قضايا اللقاء بالإمام (عج) صاحب العصر والزمان، في زمان الغيبة، وعنايته بمن يحبه من علماء عصره.. يقول صاحب كتاب جنة المأوى: (حدثني السيد الثقة التقي الصالح، السيد مرتضى النجفي -رحمه الله–).. النجفي وهو الشيخ جعفر كاشف الغطاء.. لاحظ هذه الأعلام في حياة الطائفة: السيد بحر العلوم، والمقدس الأردبيلي، والشيخ جعفر كاشف الغطاء، والشيخ مرتضى الأنصاري!.. إن هذه الوجودات البارزة، كانت تؤثر فيمَن أدركهم تأثيرا غريبا.. أي أن نفس معايشة هؤلاء الأعلام، كانت لها تأثيراتها في نفوسهم.. ومن المعروف أن الإنسان الصالح، والعبد الصالح الولي، يؤثر في نفس من يعاشر، حتى لو لم يتحدث معه.. فمن الممكن أن يكون التأثير في نفوس المحيطين به، من خلال نظراته ودعواته.
(وقد أدرك الشيخ شيخ الفقهاء وعمادهم، الشيخ جعفر النجفي -وكان معروفاً عند علماء العراق بالصلاح والسداد- وصاحبتُه سنين سفراً وحضراً، فما وقفتُ منه على عثرةٍ في الدين.. قال: كنا في مسجد الكوفة مع جماعةٍ، فيهم أحد من العلماء المعروفين المبرزين في المشهد الغروي، وقد سألته عن اسمه غير مرة، فما كشف عنه، لكونه محل هتك الستر وإذاعة السرّ.
ولما حضرت وقت صلاة المغرب، جلس الشيخ لدى المحراب للصلاة، والجماعة في تهيئة الصلاة بين جالسٍ عنده، ومؤذّن، ومتطهّر.. وكان في ذلك الوقت، في داخل الموضع المعروف بالتنور ماء قليل من قناةٍ خربة.. وقد رأينا مجراها عند عمارة مقبرة هانئ بن عروة، والدرج التي تنزل إليه ضيقة مخروبة، لا تسع غير واحد.
فجئت إليه وأردت النزول، فرأيتُ شخصاً جليلاً، على هيئة الأعراب، قاعداً عند الماء يتوضأ، وهو في غايةٍ من السكينة والوقار والطمأنينة).. إن الوقار في المؤمن من الصفات التي يريدها الشارع المقدس، وقد ورد في بعض الأخبار: "أن سرعة المشي تذهب ببهاء المؤمن".. ومن الممكن تطبيقها اليوم حتى على سرعة السياقة، فإن ذلك قد يعد وهناً للرجل المؤمن في نظر العرف.. وتناول الطعام في الأماكن العامة، التي لا يتعارف فيها وجوه المؤمنين، والأكل في الطرقات.. والجلوس مع الأنذال والبطالين، في المقاهي اللاهية واللاغية والمطربة.. أي أن على الإنسان أن يتحاشى كل ما يذهب بوقاره.
(وكنت مستعجلاً لخوف عدم إدراك الجماعة، فوقفتُ قليلاً، فرأيته كالجبل لا يحرّكه شيءٌ.. فقلت -وقد أُقيمت الصلاة- ما معناه: لعلك لا تريد الصلاة مع الشيخ؟.. أردتُ بذلك تعجيله، فقال: لا، قلت: ولِمَ؟.. قال: لأنه الشيخ الدُّخني).. والدخن حب صغير، يزرع كحب السمسم مثلا، ويستفاد منه كمادة من المواد الزراعية، وفي تلك الأيام كان لتلك المادة أسواق رائجة.. (فما فهمت مراده، فوقفتُ حتى أتم وضوءه، فصعد وذهب، ونزلتُ وتوضأتُ وصليتُ.. فلما قُضيت الصلاة، وانتشر الناس -وقد ملأ قلبي وعيني هيئته وسكونه وكلامه- فذكرت للشيخ ما رأيتُ وسمعتُ منه.. فتغيّرت حاله وألوانه، وصار متفكّراً مهموماً، فقال: قد أدركتَ الحجّة (ع) وما عرفته، وقد أخبر عن شيءٍ ما اطّلع عليه إلا الله تعالى.
اعلم أني زرعت الدُخنة (أي حب الجاورس) في هذه السنة في الرحبة، وهي موضعٌ في طرف الغربي من بحيرة الكوفة، محلّ خوفٍ وخطرٍ من جهة أعراب البادية المترددين إليه.. فلما قمتُ إلى الصلاة، ودخلت فيها، ذهب فكري إلى زرع الدُخنة، وأهمّني أمره، فصرت أتفكر فيه وفي آفاته).
وعليه، فإن الدرس الذي يجب أن يتعلمه المؤمن من هذه القصة، هو الاهتمام بالصلاة بين يدي الله عز وجل.. أتعرفون موقع الصلاة في حياة الإنسان؟.. إن الإمام يرى بأن الصلاة المتلبسة بفكرة من الأفكار، أو الصلاة مع شيء من حطام الدنيا.. فإن هذه الصلاة هي صلاة السوق، وصلاة الأسهم، وصلاة العملة الصعبة، وصلاة الوظيفة.. وليست هذه صلاة رب العالمين.. فإذن، إن أئمة الهدى (ع) ليس لهم منهج إلا منهج رب العالمين، وقد أوصى بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم.. فالصلاة هي قرة عين الرسول، وقرة عين المهدي (ع).. فالذي يريد أن يحظى بشرف لقائه، وبشرف نظرته الكريمة، عليه أن يكون أهلا لذلك.
إن اللقاء جيد، ولكن الذي هو أهم من اللقاء إلتفاته إليك، سواء تم اللقاء أو لم يتم.. فطالما هناك قوم لم يلتق بهم الإمام.. وهذا الرجل الذي نقل القصة، لم يكن متميزا، وليس من العلماء مثلا.. أو لعله أنه السيد المعهود.. وبالتالي، فإن الإنسان قد لا يتشرف باللقاء، ولكنه مورد لنظرة إمامه صلوات الله وسلامه عليه.. فإذا أردنا أن يلتفت إلينا، علينا أن ننظر إلى جوهر الصلاة، وإلى روح الصلاة، فإنه لا يرفع من صلاتنا، إلا ما أقبلنا فيها بقلوبنا.
[/align]



للاستماع للمحاضرة
[RAMS]http://www.alseraj.net/ar/media/leqa/leqaA7.ram[/RAMS]






التوقيع :
[flash=http://up.7cc.com/upfiles/Rkq29611.swf]WIDTH=550 HEIGHT=500[/flash]

رد مع اقتباس
قديم 09-11-2010, 10:45 AM   رقم المشاركة : 7
.ابوفاضل.
( عضومـاسي متألق )

 
الصورة الرمزية .ابوفاضل.
الملف الشخصي




الحالة
.ابوفاضل. غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي المتشرفون باللقاء 6 الحاج علي البغدادي في الكاظمين

[align=justify]
المتشرفون باللقاء 6 الحاج علي البغدادي في الكاظمين

إن الامتياز الأول لهذه القضية، أنها وقعت في السنوات المتأخرة، في هذا القرن الأخير.. والامتياز الآخر لها، لأن صاحب هذا الأمر، لا يعد من رجال الدين، ولا من العلماء المعروفين.. وإنما هو من عامة الرعية.
إن الفرق بين ما نطرحه نحن في هذه الحلقات المباركة، وبين السرد المجرد، هو أننا نحاول أن نتلمس النقاط العملية.. وما الذي يستهوي صاحب الأمر (ع) من سلوكيات الفرد الموالي؟.. فقد لاحظنا في القضايا السابقة، أن الصلاة الخاشعة، كانت محطة ملفتة في نظر الإمام (ع).. وفي قضية العلوي المصري، لاحظنا بأن زيارة الحسين (ع) كانت قضية متميزة.. وفي قصة السيد بحر العلوم، وجواره لبيت الله الحرام، وتصديه لتبليغ الأحكام، ودعوة الناس إلى منهج أهل البيت، كانت القضية المعبرة.. وإصرار السيد مهدي بحر العلوم على تدريس العلم، وحرصه على الانتقال من مسجد الكوفة أو السهلة؛ ليصل إلى حوزة البحث العلمي، فقها وأصولا في النجف الأشرف، كانت من موجبات التفاتة الإمام إليه مثلا.
فيلاحظ أن في كل قضية هناك ركنا من الأركان، ومجموع هذه القضايا، تعطينا صورة إجمالية عن المواصفات المطلوبة، للإنسان الذي يريد أن يحظى برعايته، لا بلقائه.. فاللقاء أمر جانبي، فالذي يهمنا هو التفاتة الإمام، ورعاية الإمام لمحبيه في زمان الغيبة.. (أنا وعلي أبوا هذه الأمة).. فبذهاب النبي، وبذهاب الوصي، أصبحنا كلنا أيتام في هذا العصر.. فمن أولى من صاحب الأمر (ع) أن يمسح بيده على رؤؤس اليتامى، الذين فقدوا نبيهم ووليهم، كما نقرأ في دعاء الافتتاح: (اللهم!.. إنا نشكو إليك فقد نبينا، وغيبة ولينا)؟..
يقول الراوي: (في سنة من سني عشرة السبعين، كان عندي مقدارٌ من مال الإمام (ع)، عزمتُ على إيصاله إلى العلماء الأعلام في النجف الأشرف.. وكان لي طلبٌ على تجارها، فمضيتُ إلى زيارة أمير المؤمنين صلوات الله عليه في إحدى زياراته المخصوصة، واستوفيتُ ما أمكنني استيفاؤه من الديون التي كانت لي، وأوصلت ذلك إلى متعددين من العلماء الأعلام من طرف الإمام (ع).. لكن لم يفِ بما كان عليّ منه، بل بقي عليّ مقدار عشرين توماناً، فعزمتُ على إيصال ذلك إلى أحد علماء مشهد الكاظمين.. فلما رجعت إلى بغداد، أحببت أداء ما بقي في ذمتي على التعجيل، ولم يكن عندي من النقد شيءٌ، فتوجّهتُ إلى زيارة الإمامين (ع) في يوم خميس، وبعد التشرّف بالزيارة دخلتُ على المجتهد -دام توفيقه- وأخبرته بما بقي في ذمتي من مال الإمام (ع)، وسألته أن يحوّل ذلك عليّ تدريجاً).. إن البعض قد يكون في ذمته حقوق شرعية، ولا يمكنه الأداء؛ فيتماهل في ذلك.. بل عليه أن يذهب إلى وكيل المجتهد، ويسلمه المال، ثم يرجعه له مقسّطا.. وبذلك يكون قد أدى الخمس، وما بقي في ذمته إنما هو دَينٌ بينه وبين العالم دين، أو مرجع التقليد.. فهذه هي الطريقة المثلى للتخلص من الخمس، إن لم يكن له في ذلك سيولة نقدية.. وهذا الذي عمله هذا الرجل.
يقول: (ورجعتُ إلى بغداد في أواخر النهار، حيث لم يسعني لشغلٍ كان لي، وتوجّهتُ إلى بغداد ماشياً، لعدم تمكني من كراء دابة.. فلما تجاوزتُ نصف الطريق، رأيتُ سيداً جليلاً مهاباً، متوجهاً إلى مشهد الكاظمين (ع) ماشياً.. فسلّمتُ عليه فردّ عليَّ السلام، وقال لي: يا فلان!.. -وذكر اسمي- لِمَ لم تبقَ هذه الليلة الشريفة -ليلة الجمعة- في مشهد الإمامين؟.. فقلت: يا سيدنا!.. عندي مطلبٌ مهمٌّ، منعني من ذلك.. فقال لي: ارجع معي!.. وبت هذه الليلة الشريفة عند الإمامين (ع)، وارجع إلى مهمّك غداً إن شاء الله.. فارتاحت نفسي إلى كلامه، ورجعتُ معه منقاداً لأمره.. ومشيتُ معه بجنب نهرٍ جارٍ، تحت ظلال أشجارٍ خضرةٍ نضرةٍ، متدلية على رؤوسنا، وهواء عذب.. وأنا غافلٌ عن التفكّر في ذلك، وخطر ببالي أنّ هذا السيد الجليل سمّاني باسمي، مع أني لم أعرفه.
ثم قلت في نفسي: لعله هو يعرفني وأنا ناسٍ له.. ثم قلت في نفسي: إنّ هذا السيد كأنه يريد مني من حقّ السادة، وأحببتُ أن أوصل إلى خدمته شيئاً من مال الإمام الذي عندي.. فقلت له: يا سيدنا!.. عندي من حقكم بقيةٌ، لكن راجعتُ فيه جناب الشيخ الفلاني لأؤدي حقكم بإذنه -وأنا أعني السادة- فتبسّم في وجهي، وقال: نعم، وقد أوصلتَ بعض حقنا إلى وكلائنا في النجف الأشرف أيضاً.. وجرى على لساني أني قلت له: ما أديته مقبولٌ؟.. فقال: نعم، ثم خطر في نفسي أنّ هذا السيد يقول: بالنسبة إلى العلماء الأعلام وكلائنا، واستعظمتُ ذلك: ثم قلت: العلماء وكلاء على قبض حقوق السادة، وشملتني الغفلة.
ثم قلت: يا سيدنا!.. قرّاء تعزية الحسين (ع) يقرؤون حديثاً: أنّ رجلاً رأى في المنام هودجاً بين السماء والأرض، فسأل عمن فيه، فقيل له: فاطمة الزهراء وخديجة الكبرى، فقال: إلى أين يريدون؟.. فقيل: زيارة الحسين (ع) في هذه الليلة ليلة الجمعة، ورأى رقاعاً تتساقط من الهودج، مكتوبٌ فيها أمانٌ من النار لزوّار الحسين (ع) في ليلة الجمعة.. هذا الحديث صحيح؟.. فقال (ع): نعم، زيارة الحسين (ع) في ليلة الجمعة أمانٌ من النار يوم القيامة).. فهو لم يعلق على مسألة الهودج، لأن ذلك منام.. ولكنه أعطى رأي في زيارة الحسين (ع) في ليلة الجمعة.
قال: (وكنت قبل هذه الحكاية بقليلٍ، قد تشرّفت بزيارة مولانا الرضا (ع)، فقلت له: يا سيدنا!.. قد زرتُ الرضا علي بن موسى (ع)، وقد بلغني أنه ضمن لزوّاره الجنة، هذا صحيح؟.. فقال (ع): هو الإمام الضامن.. فقلت: زيارتي مقبولة؟.. فقال (ع): نعم، مقبولة.. وكان معي في طريق الزيارة رجلٌ متديّنٌ من الكسبة، وكان خليطاً لي وشريكاً في المصرف.. فقلت له: يا سيدنا!.. إنّ فلاناً كان معي في الزيارة، زيارته مقبولة؟.. فقال: نعم، العبد الصالح فلان بن فلان زيارته مقبولة.. ثم ذكرتُ له جماعةً من كسبة أهل بغداد، كانوا معنا في تلك الزيارة وقلت: إنّ فلاناً وفلاناً وذكرت أسماءهم كانوا معنا، زيارتهم مقبولة؟.. فأدار (ع) وجهه إلى الجهة الأخرى، وأعرض عن الجواب).
نعم، هو الإمام الضامن، ولكن الإمام الضامن لمن له القابلية.. فالإنسان عندما يزور المشاهد المشرفة، يتعرّض لأجواء الرحمة.. ولكن لا بد من كسب القابلية.. ولهذا نلاحظ أنه من علائم الزيارة، أو من سمات زيارة المعصومين، مناجاة رب العالمين، والاستغفار، وغسل الزيارة، وصلاة ركعتين.. أنظروا إلى زيارة أمين الله!.. كم فيها من فقرات اللتجاء إلى الله سبحانه وتعالى؟!.. وفي زيارة الرضا تقول: (ذنوبي أثقلت ظهري، ومنعتني من الرقاد، وذكرها يقلقل أحشائي).. هكذا علمونا!.. أين هذا ممن يدّعي الشرك، وعبادة القبور، والتوسل بمن لا حياة لهم؟.. فنحن عندما نذهب إلى تلك القباب السامية لتصليح علاقتنا مع رب العالمين، نتخذهم وسيلة {وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ}.. فإذن،، إن الإمام (ع) هو الإمام الضامن، فالحاج علي البغدادي زيارته مقبولة، وزيارة صديقه مقبولة.. ولكن بقيه الكسبة، أعرض بوجهه الإمام، ولم يجب.
(فهبته وأكبرته وسكتُّ عن سؤاله، فلم أزل ماشياً معه على الصفة التي ذكرتها، حتى دخلنا الصحن الشريف، ثم دخلنا الروضة المقدسة من الباب المعروف بباب المراد، فلم يقف على باب الرواق، ولم يقل شيئاً حتى وقف على باب الروضة من عند رجلي الإمام موسى (ع)، فوقفت بجنبه، وقلت له:
يا سيدنا!.. اقرأ حتى أقرأ معك، فقال: السلام عليك يا رسول الله!.. السلام عليك يا أمير المؤمنين!.. وساق على باقي أهل العصمة (ع) حتى وصل إلى الإمام الحسن العسكري (ع).. ثم التفت إليّ بوجهه الشريف، ووقف متبسّماً وقال: أنت إذا وصلت إلى السلام على الإمام العسكري، ما تقول؟.. فقلت: أقول: السلام عليك يا حجّة الله!.. يا صاحب الزمان!.. قال: فدخل الروضة الشريفة، ووقف على قبر الإمام موسى (ع) والقبلة بين كتفيه.. فوقفتُ إلى جنبه، وقلت: يا سيدنا!.. زرْ حتى أزور معك، فبدأ (ع) بزيارة أمين الله الجامعة المعروفة).. هذه الزيارة الجامعة تطلق تارة على الزيارة الجامعة المعروفه الطويلة، وتطلق تارة أخرى على زيارة أمين الله.. لأن الإنسان بزيارة أمين الله، بإمكانه أن يزور جميع المعصومين (ع)، طبعا مع تغييرٍ في بعض العبارات بالنسبة الى أمير المؤمنين (ع).
( فزار بها وأنا أتابعه، ثم زار مولانا الجواد (ع)، ودخل القبة الثانية قبة محمد بن علي (ع)، ووقف يصلي فوقفتُ إلى جنبه متأخراً عنه قليلاً، احتراماً له، ودخلتُ في صلاة الزيارة.. فخطر ببالي أن أسأله أن يبات معي تلك الليلة، لأتشرّف بضيافته وخدمته، ورفعتُ بصري إلى جهته، وهو بجنبي متقدّماً عليّ قليلاً فلم أره.. فخففتُ صلاتي وقمتُ، وجعلتُ أتصفّح وجوه المصلين والزوّار، لعلي أصل إلى خدمته، حتى لم يبق مكانٌ في الروضة والرواق إلا ونظرتُ فيه.. فلم أر له أثراً أبداً، ثم انتبهتُ وجعلتُ أتأسف على عدم التنبه لما شاهدته من كراماته وآياته، من انقيادي لأمره مع ما كان لي من الأمر المهم في بغداد، ومن تسميته إياي مع أني لم أكن رأيته ولا عرفته.
ولما خطر في قلبي أن أدفع إليه شيئاً من حق الإمام (ع)، وذكرتُ له أني راجعت في ذلك المجتهد الفلاني لأدفع إلى السادة بإذنه، قال لي ابتداءً منه: نعم، وأوصلت بعض حقنا إلى وكلائنا في النجف الأشرف. ثم تذكرتُ أني مشيتُ معه بجنب نهرٍ جارٍ، تحت أشجارٍ مزهرةٍ متدليةٍ على رؤوسنا، وأين طريق بغداد وظل الأشجار الزاهرة في ذلك التاريخ؟.. وذكرتُ أيضا أنه سمى خليطي في سفر زيارة مولانا الرضا باسمه، ووصفه بالعبد الصالح، وبشّرني بقبول زيارته وزيارتي.. ثم إنه أعرض بوجهه الشريف عند سؤالي إياه، عن حال جماعة من أهل بغداد من السوقة، كانوا معنا في طريق الزيارة، وكنت أعرفهم بسوء العمل، مع أنه ليس من أهل بغداد، ولا كان مطّلعاً على أحوالهم، لولا أنه من أهل بيت النبوة والولاية، ينظر إلى الغيب من وراء سترٍ رقيقٍ.
ومما أفادني اليقين بأنه المهدي (ع)، أنه لما سلّم على أهل العصمة (ع) في مقام طلب الإذن، ووصل السلام إلى مولانا الإمام العسكري، التفت إليّ وقال لي: أنت ما تقول إذا وصلت إلى هنا؟.. فقلت: أقول: السلام عليك يا حجة الله!.. يا صاحب الزمان!.. فتبسّم ودخل الروضة المقدسة، ثم افتقادي إياه وهو في صلاة الزيارة، لما عزمت على تكليفه بأن أقوم بخدمته وضيافته تلك الليلة، إلى غير ذلك مما أفادني القطع، بأنه هو الإمام الثاني عشر صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين، والحمد لله رب العالمين).
إن هذا الرجل اكتسب هذه الصفة، وذلك بسبب تجشمه عناء السفر في تلك الأيام؛ ليذهب ويعطي حقوق الإمام (ع).. فالذي يشتاق إلى الإمام ويتمنى رؤيته، ويدعو له بالفرج، وفي أمواله حق معلوم للسائل والمحروم، وفي أمواله حق لإمامه (ع).. كيف يجمع بين دعوى الشوق، وبين ذلك؟.. فمن لا يمكنه دفع الخمس، فليتصالح، أو ليستأذن، أو يقسّط .. وليكتب ما في ذمته من الحقوق، كي يكون مرضيا عنده صلوات الله وسلامه عليه.
[/align]
للاستماع الى المحاضره
[rams]http://www.alseraj.net/ar/media/leqa/leqaA6.ram[/rams]






التوقيع :
[flash=http://up.7cc.com/upfiles/Rkq29611.swf]WIDTH=550 HEIGHT=500[/flash]

رد مع اقتباس
قديم 09-16-2010, 11:22 PM   رقم المشاركة : 8
ثآر الله
(عضو مميز)
 
الصورة الرمزية ثآر الله
الملف الشخصي




الحالة
ثآر الله غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي رد: المتشرفون باللقاء (1 ) ما جرى على على بن مهزيار فى مكة المكرمة

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم

السلام عليك يامولاي ياصاحب الزمان ورحمة الله وبركاته
اشكر لك المجهود القيم والموضوع المميز
وجعلنا الله وأياكم من المبتعدين عن الدنيا وزخرفها وزبرجها
والمنتظرين لأمامنا قولاً وفعلاً
تقبلوا وافر المودة






التوقيع :
[flash=http://www.gmrup.com/d2/up13149154021.swf]WIDTH=500 HEIGHT=300[/flash]

رد مع اقتباس
قديم 09-17-2010, 01:04 AM   رقم المشاركة : 9
عاشقة أهل البيت(*ع)
( عضوفضي )
 
الصورة الرمزية عاشقة أهل البيت(*ع)
الملف الشخصي




الحالة
عاشقة أهل البيت(*ع) غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي رد: المتشرفون باللقاء (1 ) ما جرى على على بن مهزيار فى مكة المكرمة

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم

يا الله ارزقنا شفاعة الامام المهدي عليه السلام واهل البيت عليهم السلام

شكرا على الموضوع الرائع






التوقيع :
يا الله ارزقنا شفاعة اهل البيت في الاخره وزيارتهم في الدنيا

يا الله يا ارحم الراحمين

يا الله عجل لنا ظهور الامام القائم عليه السلام
واجعلنا من انصاره ياكريم
متباركين يا اهل بيت رسول الله صل الله عليه وال وسلم
متباركين يا مراجعنا العظام
متباركين

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 06:53 PM.


منتديات أبو الفضل العباس
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات أبو الفضل العباس عليه السلام