العودة   منتديات أبو الفضل العباس عليه السلام > ¤©§][§©¤][ منتديات الاسرة والمجتمع ][¤©§][§©¤ > منتدى الحياة الزوجية
 
 

منتدى الحياة الزوجية [القسم للمتزوجين فقط] طريقة التعامل بين الزوجين؛ نصائح للحياة الزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-17-2013, 05:15 PM   رقم المشاركة : 1
حرت بين السهم والجود
عضوة مميزة
 
الصورة الرمزية حرت بين السهم والجود
الملف الشخصي





الحالة
حرت بين السهم والجود غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

2 أسس ومبادئ الحياة الزوجية السعيدة 5

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أسس ومبادئ الحياة الزوجية السعيدة 5

القسم الخامس : خصال الزوجين بين الواقع والطموح.

قال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}(الروم:21) صدق الله العلي العظيم.

لا زال الكلام موصولاً عن الأسس لاختيار الزوج لشريك حياته واختيار الزوجة لشريك حياتها، وقد استعرضنا أهم المواصفات التي رُكز عليها من قبل المشرع، وذُكرتُ بإسهاب في الروايات، وسنستعرض في هذا اليوم إيماءات في هذا المجال، طرحتها الروايات الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة من أهل البيت عليهم السلام وأبانوا الأهمية الفائقة لتلك الصفات، ومع أنّ بعض النصوص الروائية ذكرت أهمية الاتصاف بهذه الإيماءات لأجل استقرار الحياة الزوجية؛ إلاّ أنّ الإنسان يستطيع أن يتلمس من الروايات ضرورة توافر تلك السمات في اختيار الزوج لزوجته، وفي اختيار الزوجة لزوجها؛ للعيش معيشة هانئة وطيبة لكل من الزوجين.

صفات الزوجة التي ينبغي اجتنابها.
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وآله والأئمة من أهل البيت عليهم السلام بعض هذه الصفات من أجل حياةٍ سعيدة لكل من الزوجين، وإضفاء سمات الاستقرار والهناء لكل منهما، وقد تجلت هذه الأمور في خصال الزوجة، التي ذكرها النبي صلى الله عليه وآله عندما قال: ‹‹ألا أُخبركُم بشرار نسائكم؛ الذليلة في أهلها، العزيزة مع بعلها، الحقود التي لا تتورع من قبيح، المتبرجة إذا غاب عنها بَعلُها، الحصان معه إذا حضر؛ لا تسمع قوله، ولا تطيع أمره، وإذا خلا بها تمنعت كما تمنع الصَّعِبَة عند ركوبها، ولا تقبل منه عذراً ولا تغفر له ذنباً››، وسوف أُسلط الضوء على بعض الفقرات الواردة في هذه الرواية لما للفهم السليم لهذه الخصال من إضفاء السعادة على الحياة الأسرية.

تكيف الزوجة مع حاجات الزوج.
تفصح هذه الرواية عن مطلب في غاية الأهمية ألا وهو القدرة على التكيف من لدُن الزوجة في كسب قلب الزوج، فهل هذه الزوجة لها القدرة في التكيف لكسب قلب شريك حياتها بشكلٍ مستمر ؟ ثم ماذا ينبغي أن يتوافر لديها كي تستحوذ على مشاعره وتملك أحاسيسه؟
وقد بدأ النبي صلى الله عليه وآله في هذه الرواية ببيان ذلك من خلال الزوجة التي لا تتلمس السعادة في حياة زوجها، ووصفها بأنها امرأة شريرة؛ لأن الشر يتأتى من عدم تكيف الإنسان مع أقرب الناس إليه، والنبي صلى الله عليه وآله ذكر خصال تلك المرأة في مجموع صفات متعددة:

الأولى : المرأة المهانة في بيت أهلها.
عندما يقول النبي صلى الله عليه وآله: ‹‹ألا أخبركم بشرار نسائكم؛ الذليلة في أهلها››، فما معنى الذليلة في أهلها؟
هي تلك المرأة التي لا تتلقى الاحترام والتكريم في بيت أهلها، فينعكس ذلك على حياتها الزوجية، من حيث تعاملها مع زوجها، وتربيتها لأبنائها؛ لأنّ تربية الأهل إذا كانت قائمة على الإهانة والإذلال سوف تُولِد فيها عُقَداً نفسية، لها أسوأ الأثر على حياتها الزوجية؛ لأنّ ذلك الذُل والخنوع سوف يَبْرز في حياتها بصورة ممارسة لنوع من الغطرسة على زوجها، ولذلك يصفها النبي صلى الله عليه وآله بقوله: ‹‹الذليلة في أهلها، العزيزة مع بعلها››، لأنها سوف تعكس ما تتلقاه من تربية سيئة إلى واقع حياتها الزوجية، ولكي يتجنب الإنسان الوقوع في شراك هذا النوع من النساء، فلا بد له، أن يختار الزوجة التي رُبيت بكرامة عند أهلها، ولذا، ينبغي لنا أن نتريث، ولا نستعجل في اختيارنا، لأنّ ذلك سوف يؤثر على استقرار حياتنا الزوجية.

الثانية : السلامة من الأمراض النفسية.
ثم ينتقل النبي صلى الله عليه وآله ليذكر صفة ثانية، فيقول: ‹‹الحقود التي لا تتورع من قبيح››، وهذا المقطع من الرواية يُبين أمراً في غاية الأهمية، وهو السلامة من الناحية النفسية؛ بمعنى أنّ لا تكون الزوجة التي يختارها الزوج مصابة ببعض الأمراض النفسية التي تُؤثر على حياتها الزوجية، كالحقد على الآخرين؛ الذي يُشكل وبالاً على الواقع الأسري. والحقد صفة سيئة تدفع بصاحبها إلى ممارسة أي عمل مشين، كما قال صلى الله عليه وآله: ‹‹لا تتورع من قبيح››، وذلك، بسبب تولد الضغينة في قلب كلٍ من الزوج أو الزوجة.

الثالثة : المرأة المتبرجة إذا غاب عنها زوجها.
ثم تشير الرواية إلى مطلب في غاية الأهمية، وهو أنّ المرأة التي عاشت الدفء والحنان والعواطف الجياشة، سوف تمتلئ نفسيتها بالعفة ومبادئ الخير والفضيلة؛ وبالتالي، سوف تبث تلك المشاعر إلى قلب زوجها، وعند ذلك، يُمكنها أن تستقطب أحاسيسه وتُشبع له جميع رغباته. وهذا بخلاف الزوجة السيئة التي يصفها رسول الله صلى الله عليه وآله بقوله: ‹‹المتبرجة إذا غاب عنها بَعلُها››، فهذه المرأة تُظهر محاسنها لغيره، من الرجال، وأما زوجها فتظل محصنة نفسها معه، ولا تبدي شيئاً من محاسنها له.

آثار وجود الخصال السيئة في الزوجة.
ثم ينتقل النبي صلى الله عليه وآله إلى ذكر آثار توافر تلك الصفات السيئة في الزوجة، والتي أهمها:

الأول : عدم الانسجام والتكيف مع الحياة الزوجية. وذلك، من خلال مخالفة الزوج، وعدم إطاعتها لأوامره، ‹‹لا تسمع قوله ولا تطيع أمره››.
الثاني : رفضها وممانعتها للفراش الشرعي. وهذا ما أكده النبي صلى الله عليه وآله في قوله: ‹‹وإذا خلا بها تَمَنعت كما تمَنّعَ الصعبة››، فتتعامل مع زوجها تعامل الفرس التي يُريد صاحبها أن يمتطي ظهرها، ولكنها ترفض و تتمنع منه؛ لأنها لم تُمرن على ذلك، فلا يستطيع ذلك الفارس أن يمتطيها، والزوجة السيئة بمثابة هذه الفرس باعتبار عدم توفر المبادئ الطبيعية والسمات التي ركزت عليها الروايات في الزوجة الصالحة. وبالتالي، سوف تكون معاملتها لزوجها صعبة وغير مرنة، وتصبح كما قال صلى الله عليه وآله: ‹‹كما تَمَنَعَ الصَّعِبَة عند ركوبها››.
الثالث : عدم قبولها لعُذر زوجها. وهذا ما يشير إليه علماء التربية من أنّ الحياة الأسرية لا تخلو من الأخطاء والمشاكل، وتتطلب من الإنسان قدراً أكبر من التفهم والوئام واغتفار الخطأ؛ لأنّه الأسلوب الأمثل في إرجاع الحياة الزوجية إلى طبيعتها وهدوئها. بينما الزوجة التي كانت ذليلة عند أهلها واتصفت بالحقد، فهذه المرأة كما عبّر النبي صلى الله عليه وآله عنها، ‹‹فلن تقبل من زوجها عذراً ولن تغفر له ذنباً››، ولذلك، من الضروري، إذا أردنا أن نختار شريكة حياتنا أن نُلاحظ هذه الصفات، كي نتجنب أمثال تلك الزوجات.

خصال الزوج الصالح.
بعد أن انتهى النبي صلى الله عليه وآله من صفات الزوجة السيئة، أخذ يُبين صفات الزوج الصالح، وبدأ حديثه بقوله: ‹‹ألا أُخبركُم بخير رجالكم››، ثم بَيَّنَ أهم تلك الصفات التي يلزم توافرها في الرجل:

الأولى : التقوى و النقاء.
تحدثنا سابقاً عن أهمية التدين في الحياة الزوجية، إلا أنّ هذه الرواية تُشير إلى معنىً أرفع درجة من اتصاف الرجل بالدين، وهو أن يتصف بميزة أخرى مع تدينه؛ وهي التقى، وليس التقى فحسب، بل تُسبغ عليه صفة أخرى وهي النقاء، والرجل النقي هو الواصل إلى مراتب عالية في إيمانه ونزاهته، وهذا يعني أنّ التدين لا يكفي لوحده، بل لابد من الوصول إلى درجة من التقوى والنقاء حتى يُحقق لحياته الزوجية الاستقرار والعيش الهنيء.

الثاني : الكرم والسماحة.
ويصف النبي صلى الله عليه وآله ذلك الرجل بأنه ‹‹السَمِح الكفين››، والسمح له معنيان:
الأول : الزوج الكريم مع زوجته، فيوفر لها ما تحتاجه في الجانب المادي.
الثاني : الكريم في تعامله. ومع أنّ المدلول الأولي والظاهري للرواية، هو التركيز على أهمية العطاء المادي، إلا أنّ السمح يأخذ معنى الكريم في تعامله، لأنّ هذا الزوج كما يبذل المال من أجلها ولا يدخره، ويعتبره وسيلة لرفع مستوى زوجته وأسرته، فهو أيضاً كريم في تعامله وأخلاقه، ولذلك، نجد النبي صلى الله عليه وآله يصفه بقوله: ‹‹إنه خيرُ الرجال››، لأنه ندي الكف في العطاء المادي والمعنوي.

الثالث : غض البصر.
ثم يقول صلى الله عليه وآله: ‹‹السليم الطَرَفَين - الطَرْفَين››، من الأمور التي تجلب قلب المرأة وودها، أن يكون الزوج غاضاً للبصر عن غيرها من النساء، وهذا يُشعرها بأنها فتاة أحلامه، وسوف تسعى لإشباع رغباته، وتحقيق ما يدور في خُلده وخياله، وإحساسها بأنُوثتها الكاملة، وسوف تُدرك أنها تقوم بوظيفتها على أكمل وجه. ولكن عندما تجد أنّ طرْف زوجها يتحرك يميناً وشمالاً في نظره إلى النساء، فإنّ هذا يعني أنها لم تُحقق رغبات زوجها على النحو المطلوب، وهذا ينعكس سلباً عليها، وسوف تصاب بعُقدٍ نفسية باعتبارها لم تقم بوظيفتها الأنثوية تجاه زوجها، وقد أشار النبي صلى الله عليه وآله إلى هذه الحيثية وضرورة توافرها في الزوج من خلال غضه لطرفه، وقَصْر نظره على زوجته، ليشبع رغباته الكامنة في نفسيتها.

الرابع : البر بالوالدين.
هناك بعض المتزوجين عندما يتزوج ينسى أهله أو يريد من زوجته أن تنسى أهلها، لكنّ الزوج الناجح هو الذي يُبين لزوجته أهمية كونها بارة بوالدها ووالدتها، وذات علاقة سليمة مع أخوانها وأخواتها، ويُبين لها أنه بالرغم من حُبه لها وإشفاقه عليها، والود، الذي يكُنهُ بين جنبيه لشخصيتها، إلاّ أنه أيضاً لابد أن يُخصص قِسماً من وقته للبِّر بأبيه وأمه؛ لأننا نجد أحياناً أنّ بعض الزوجات تُريد أن تستحوذ على جميع وقت زوجها وتُنسيه أباه وأمه دون أن تتفهم أنّ ذلك سوف يضغط على أعصاب زوجها، ويعود في تعامله معها بشكل عكسي لا يُرضي تلك الزوجة، لأنها إذا أرادت أن تَكسِب قلبَ زوجها، فعليها أن تتعامل معه بمرونة في بِّره لوالديه، وهذا ما أكده النبي صلى الله عليه وآله في صفات الرجل بقوله : ‹‹البِّر بوالديه››، فعندما تختار المرأة زوجاً، فلا بد أن تُركز على أنّ يكون هذا الزوج على علاقة ذات وئام مع أبيه وأمه؛ فتسعى للاهتمام بوالديه، وحثه على ذلك، لأنّ هذا الأمر سوف ينعكس عليها، وعلى علاقتها بزوجها من جهة، وكذلك، على علاقتها بأبنائها من جهة أخرى، لأنها سوف تلد أبناءً بارين بآبائهم وأمهاتهم؛ باعتبار أنهم تربوا في كنف أبٍ وأم ٍبارين، والرواية تُركز على هذا المطلب، لأنها تحدثت عن الصفات العامة للرجل، ثم عطفت على ذلك بالخاص، وهو البِّر بالوالدين، لأنه من الصفات التي تندرج في التدين والخُلق، ولكنّ الروايات تذكر هذا الخصائص والميزات كي تؤكد على توافرها في الزوج والزوجة.
الخامس : توفير جميع احتياجات الأسرة.
ثم تقول الرواية: ‹‹ولا يُلجِئ عيالَهُ إلى غيره››، فهذا التعبير فيه إطلاق ليس فقط في الجانب المادي، فحسب، وإنما يشمل الجانب التربوي والسلوكي، وما يحتاجه الابن من إرواء ظمأه في الجوانب المتعددة، ولذا، من الأهمية بمكان في اختيار الزوج لزوجته أن يدقق في تلك الصفات القبيحة في المرأة، كي يتجنب تلك الصفات ويُركز على أضدادها، لما لذلك من إضفاء العيش الهنيء والحياة الوادعة والمستقرة في البيت الأسري. وإذا كان لا بد للرجل من أن يتحلى بهذه الصفات، فكذلك، الزوجة إذا أرادت أن تختار شريك حياتها، فلا بد لها أن تُركِز على تقواه ونقائه وكونه من الكرماء، أي، سمح - ندي- الكفين، سليم في نظره إلى النساء الأُخريات، فلا ينظر إليهنَّ نظراً حراماً.

ثمرات توافر الصفات الحسنة بين الزوجين.
ثم تقول الرواية عندما يتصف الزوجان بهذه المواصفات يكونان قادرين على اختيار ما يُحقق لهما الخير في دنياهما وأُخراهما، قال صلى الله عليه وآله: ‹‹إنّ من القِسْم الْمُصلِح للمرء المسلم أن يكون له المرأة، إذا نظر إليها، سرته، وإذا غاب عنها حفظته، وإذا أمرها أطاعته››، أي، إنّ الله تبارك وتعالى من كرمه وعطائه على عباده، يُقَسم الأرزاق ويمنح الهبات لهم، وبالخصوص إذا توافر للرجل الزوجة التي تَسرُهُ إذا نظر إليها، ولا ينبغي، أن نتصور أنّ السرور منحصرٌ في الناحية المادية؛ بل، يشمل ذلك، ما يعرفه من السجايا والخصال الحميدة، الكامنة في شخص هذه المرأة، التي تُوجب له السرور. وهذا بخلاف تلك الصفات التي أشارت إليها الروايات، بحيث إذا توافرت في الزوجة تجعل الحياة جحيماً معها. ولا بد من الإشارة إلى أنّ قول النبي صلى الله عليه وآله: ‹‹تَسرُهُ إذا نظر إليها››، هو مفهوم عام، لأنّ نظر الإنسان إلى الآخرين، كالزوجة -مثلاً- ليس من الناحية الجنسية فقط أو من ناحية المظهر الجمالي لها، وإنما يكون نظره لها كالنظر إلى العالم أو النظر إلى الشخص الذي تتوافر فيه مواهب، وهذا يؤدي بدوره إلى أن تكون النفس مائلة إليها بطبعها، فالنظر إلى هذه الزوجة بالمواصفات المذكورة في الروايات سوف يجعل النفس منشرحة، وفي غاية السرور. وأخيراً، لا بد للرجل أن يُركِّز على أن تكون شريكة حياته لا تحمل مرضاً نفسياً في ذاتها، فلا تكون حقودة؛ وإنما تُحِبُ الخير لنفسها وللآخرين، بالإضافة إلى كونها ذات عفاف، ولديها قدرة على استقطاب قلب زوجها من خلال عفافها.

في أمان الله وحفظه.






التوقيع :

رد مع اقتباس
قديم 04-17-2013, 05:15 PM   رقم المشاركة : 2
حرت بين السهم والجود
عضوة مميزة
 
الصورة الرمزية حرت بين السهم والجود
الملف الشخصي





الحالة
حرت بين السهم والجود غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

2 أسس ومبادئ الحياة الزوجية السعيدة 4

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أسس ومبادئ الحياة الزوجية السعيدة 4

القسم الرابع : الزواج في ظل التناسب العمري والقناعة الذاتية.
قال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}(الروم:21) صدق الله العلي العظيم.

لازال الكلام موصولاً عن الأسس التي استُعرضت في الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة من أهل البيت عليهم السلام للاختيار السليم لكل من الزوجين واختيار شريك حياته.

المعيار السابع :
التقارب العمري.
من المسائل التي أشارت إليها الروايات، ومنحتها أهمية بالغة، التقارب العمري؛ أي التقارب في السن بين الزوجين، وهذا لا يعني أنّ المُشرع يشترط في صحة الزواج أن يكون أحد الزوجين في نفس سن الزوج الآخر، بل، لو كان أحد الزوجين أكبر من الآخر بعشرات السنين، فالزواج صحيح من الناحية الشرعية، إلا أنّ حديثنا يتركز على مسألة الاختيار السليم أو الشراكة المنتجة والناجحة والواصلة في عطائها إلى مرتبة القمة، وأعلى درجات التضحية، ويتحقق ذلك، من خلال التقارب العمري بين الزوجين، وهذا ما أكد عليه الإمام الصادق عليه السلام عندما قال له رجل : إنّا نزوج صبياننا وهم صغار، فقال الإمام عليه السلام: ‹‹إذا زُوجوا وهم صغار لم يكادوا أن يأتلفوا››، والعلماء عندما يصلون إلى قول الإمام عليه السلام: ‹‹لم يكادوا أن يأتلفوا››، يشيرون إلى نقطتين هامتين :

الأولى : الحرية في الاختيار بمعنى أنّ القرار لابد أن ينطلق من كل منهما على أساس اختياره التام، فإذا كان أحدهما يكبر الآخر بسنوات عديدة، فإنه في الغالب يوجد ضغط خارجي من خلال الأبوين يؤدي إلى إخضاع إرادة أحد الزوجين لتقبل الآخر، ولذلك لا يحصل الائتلاف؛ كما أشار الإمام الصادق عليه السلام إلى ذلك.
الثانية : تحقق الانسجام والتوافق، لأنّ من الصعوبة بمكان أن يصبح بين الزوجين انسجام وتناغم في حال كون الفارق العمري بينهما كبيراً، وهذا يعني عدم وجود لُغة تفاهم مشتركة بينهما، ويصعب حينئذٍ على أحد الشريكين، التعايش مع الآخر والصبر عليه وتحمله، وبالتالي، لا يمكنه أن يُصيّر عدم التلاؤم إلى انسجام وتوافق؛ بينما لو كانا متقاربين في العمر لأمكن أن يتأتى التلاؤم والانسجام بينهما، بالإضافة إلى أنّ هذا التقارب يصبح عاملاً مساعداً في إخضاع العوامل السلبية في حياتهما، وتحويلها إلى إيجابية تصُب في مصلحتهما، وهذا ما أكده الإمام عليه السلام في قوله: ‹‹لم يكادوا أن يأتلفوا››، باعتبار أنّ الائتلاف والانسجام يمنح كُلاً من الزوجين النضج العالي ويُوصلهما إلى مرتبة عالية من السعادة في الحياة الزوجية؛ بيد أنّ هذا التلاؤم والتوافق الزوجي مرهون بمجموعة من العوامل؛ أهمها أمران :

الأول : استثمار التقارب العمري بين شريكي الحياة، وتفعيله، وهذا بدوره سوف يُؤثر في جعل مستوى التفكير متقارباً.
الثاني : التوافق في محصل العمر، باعتبار أنّ بذل الجهد في الحياة، وتلقي العناء والمرور على الأحداث سيجعل كل من الزوجين يقترب من التلاؤم من الآخر.

المعيار الثامن : القناعة الذاتية في الاختيار.
من المحاور التي أشارت إليها الروايات في الاختيار السليم، هي أن ينطلق القبول من خلال قناعة ذاتية لكل من الزوجين؛ وقد أومأنا إلى هذه المسألة باقتضاب في الأسابيع الماضية، ولكننا نرغب في أن نُفرِد لها بحثاً مستقلاً، كي نستوفي جميع جوانبها، وبالخصوص، إذا كُنا على معرفة تامة بأنّ الزواج مؤسسة اجتماعية متقومة بطرفين، يعيشان حياة واحدة، وشراكة دائمة في كل ما يرتبط بهما. ولا بد لهذه الشراكة من أن تكون وفق اختيار الرجل لفتاة أحلامه، ومنطلقاً من رضاه الذاتي، وقناعته النفسية التي يحملها بين جنبيه، وهكذا الحال بالنسبة للزوجة، فلا بد أن يكون اختيارها ناشئاً من قناعتها الشخصية.

أهمية القناعة الذاتية للفتاة في زواجها من الرجل.
ولقد ذكرت الروايات التي صدرت من المشرع المقدس أنه لا يجوز لأحد الأبوين أن يجبر ابنته على قبول الزواج من شخصٍ لا تريده، لأنّ ارتباطها الزوجي لابد أن يكون من خلال قناعتها الذاتية، ورضاها الخاص بها. وإن كان المشرّع الأقدس أباح للوالد أن يشترك مع ابنته في أمرها، وجعل رضاه وإذنه شرطاً في صحة العقد؛ إلا أنه لم يجعل للأب الاستقلالية في الرأي من دون موافقة الفتاة على الزواج، وإنما أكد على أن يكون زواجها منطلقاً من قناعتها الذاتية الصادرة منها. وإذا لم ينطلق الرضا من قِبَلِها فإنّ صحة الزواج محل إشكال لدى الفقهاء، ولذا، أكدوا على أنّ رضا الفتاة من شروط صحة الزواج، وقد أشارت الروايات إلى هذا النحو من الرضا بإشارات وإيماءات بسيطة؛ لأنّ في الغالب، الزوج هو الذي يختار لا المرأة.

أهمية القناعة الذاتية للرجل بزواجه من المرأة.
إنّ هناك مجموعة من الروايات أكدت على أنّ الرجل لابد أن تكون لديه القناعة التامة بالفتاة التي يتقدم لخطبتها؛ ولا يحق للأبوين إجباره على الفتاة التي لا يرغب فيها، وإن كان الغالب في الإجبار والإكراه على الزواج يكون على الفتاة، ولذا، أُولت الروايات عناية أكبر برضا الفتاة، وأما الرجل فإنّ الروايات ركّزت على عدم تدخل أحد الأبوين أوكلا هما في أمر زواجه، وأنّ له الاختيار الكامل في ذلك، وهذا ما أوضحه الإمام الصادق عليه السلام عندما جاءه رجل، وقال له: إني أريد أن أتزوج امرأة، وأنّ أبويَّ أرادا غيرها، فقال الإمام عليه السلام: ‹‹تَزَوجْ التي هَويتَ ودَعْ التي يَهوى أبواك››، فالاختيار للابن وليس للأبوين، لأنهما-كما أشرت- لن يعيشا مع هذه الزوجة، وإنما الزوج هو الذي سوف يعيش معها طوال حياته، بالإضافة إلى أنّ اختياره إذا كان ينطلق من خلال القناعة الذاتية، فإنه سيثمر نجاحاً متصلاً ووئاماً دائماً، وهذا من الأهمية بمكان، بحيث نجد أنّ هناك تركيزاً كبيراً عليه في الروايات بنحوٍ من الصرامة، كما حدث ذلك من قِبل الإمام عليه السلام عندما قال: ‹‹تزوج التي هويت ودع -اترك- التي يهوى أبواك››، لأنّ هذا الاختيار يعتبر في غاية الأهمية، وهو ما أسميناه بالقناعة الذاتية؛ لأنّ هذه القناعة تولد انسجاماً طبيعياً، يُشعِر الرجل بأنّ زواجه نابع عن إرادته واختياره المستقل، وبالتالي، هو من يتحمل التبعات أو بعض السلبيات الناتجة من سوء اختياره.

المعيار التاسع :
أن لا يكون الزواج قائماً على التفاخر الأسري.
ومن الأمور الهامة، التي لابد أن تُراعى بدقة في الاختيار للمرأة أو الرجل أن لا تُعطى الأهمية الكبرى للزواج من أسرة مشهورة أو ثرية جداً من دون الاهتمام بالمقومات الذاتية الأخرى من الدين والخلق، التي تعتبر من المبادئ الأساسية للزواج السعيد، ولكن البعض من الناس يقع في خطأ فادح أو تَغُرُه بعض الأماني الخادعة، فيُولي أهمية فائقة لاختياره الزوجي على أساس المظهر الخارجي للأسرة، وما تملكه من ثراء اقتصادي كبير، بغض النظر عن المقومات الأخرى، وبالخصوص إذا كان لا يمتلك تجربة، مع العلم بأنّ هذا الاختيار الظاهري من المقومات العارضة، التي سرعان ما يكتشف الزوج أو الزوجة بعد الزواج ضعفها وخوائها وعدم دخالتها في إضفاء السعادة على الحياة الزوجية. وبالرغم من أهمية اختيار الأسرة الكريمة والمعروفة، ولكن لابد من وضع هذا الاختيار في حدوده الطبيعية بحيث إذا لم تتوافر المقومات الذاتية التي ذكرناها في الزوجة فلا يكون هذا المقوم العارض هو الذي ينطلق به الزوج في اختيار زوجته، لأنه سوف يدرك أنّ اختياره ليس بموفق من جهة، وأنه لا يستحق منه هذا الكدح الكبير والإعطاء الجزل دون حساب من جهة أخرى، ولذلك، جاءت الروايات كي تحذر من الوقوع في هذا المنحدر الخطر لمثل هذا الزواج، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله قوله: ‹‹من نكح امرأة حلالاً بمال حلال غير أنه أراد به فخراً ورياءً وسمعة لم يزده الله بذلك إلاّ ذُلاًّ وهواناً››، ولا بد لنا من وقفة تأمل مع هذا الحديث النبوي الشريف، الذي يُوضح وقوع البعض في الخطأ، لأنّ اختياره الزوجي كان على أساس الافتخار على الآخرين باعتباره تزوج من البيت الفلاني، أو يكون لديه الرياء، في جعل الهدف من اختياره والمطمح الأساسي الذي يسعى إليه هو زواجه من تلك الأسرة دون أن يُولي المقومات الذاتية تلك الأهمية الكبرى، وعند ذلك، سوف يتحمل العواقب الوخيمة لهذا الاختيار من الشعور بالذل والهوان في شخصيته، وهذا ما أبانه النبي صلى الله عليه وآله بوضوح وجلاء تامين في الرواية السابقة. ولذا، على الشاب والشابة أن يكون لديهم مراعاة لهذه النقطة كي يتكلل زواجهما بالنجاح.

في أمان الله وحفظه.






التوقيع :

رد مع اقتباس
قديم 04-17-2013, 05:21 PM   رقم المشاركة : 3
حرت بين السهم والجود
عضوة مميزة
 
الصورة الرمزية حرت بين السهم والجود
الملف الشخصي





الحالة
حرت بين السهم والجود غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

2 أسس ومبادئ الحياة الزوجية السعيدة 3

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أسس ومبادئ الحياة الزوجية السعيدة 3

القسم الثالث : النظرة الشرعية بين الواقع الديني والاجتماعي.

قال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}(الروم:21) صدق الله العلي العظيم.

المعيار السادس : النظرة الشرعية بين الرجل والمرأة.
لا زال البحث موصولاً حول الأسس والقواعد السليمة للاختيار الأمثل لكل من الزوجين لشريك حياته، وقد استعرضنا بعض الأسس الهامة التي ركزت عليها الروايات، وانتهينا إلى موضوع الجمال، وبينا أنّ الجمال بالرغم من أهميته، إلا أنّ الروايات لم تجعله الأساس الذي ينطلق منه الزوج في اختيار زوجته، بل عليه أن يجعل الجمال تابعاً للدين. وهكذا بالنسبة للمال فلا ينبغي للزوج -حتى إذا كان لا يمتلك الوفرة المالية- أن ينطلق في اختياره لزوجته من جهة وفرة المال لديها.

أهمية النظرة الشرعية في الزواج السعيد.
من القواعد الهامة التي ذُكرت في الروايات لاختيار الزوجة هو التعرف على جسد المرأة عن قرب؛ أي، إنّ الزوج إذا أراد أن يختار زوجته فلا بد أن يتعرف عليها من الناحية الجسدية، وهذا الأمر له أهمية كبيرة باعتباره يصنع القناعة للإنسان في بدء مشواره العظيم في اختياره لزوجته على أساس المواصفات التي يرغب في توافرها في شريكة حياته، وهذه القناعة عندما تتحقق لدى الإنسان يصبح في انطلاقته على درجة من الاطمئنان والإيقان بأنّ اختياره كان سليماً، ومبتنياً على القواعد الصحيحة؛ وبالتالي سوف ينعكس على استقرار حياته الزوجية وسعادتها، وهذا هو الهدف الذي يروم منه المشرّع من تشجيعه على تعرف الرجل على جسد المرأة التي يريد الزواج بها.

النظرة الشرعية في الأحاديث.
إنّ معنى التعرف على جسد المرأة كما جاء في الروايات هو أن ينظر إليها قبل أن يتقدم لخطبتها بشكلٍ رسمي، وقد جرت العادة بين الناس في التعرف على المرأة بطريقتين: فتارةً يرسل بعض أقربائه للتعرف على المرأة، فتذكر أمه أو إحدى أخواته له المواصفات التي قد تعجبه وقد لا تعجبه، وتارةً يكتفي بعض الناس بوصف بعض قريباته لمن يريد أن يختارها. ولكن الشريعة المقدسة ركّزت على الإنسان في مبدأ الاختيار، أن لا يكتفي بالوصف وحده، وأنّ عليه أن ينظر بنفسه ويتعرف على المرأة بشكلٍ مباشر؛ ليبني حياته الزوجية على الأساس السليم -كما أشرنا- باعتبار أنّ الزواج أكبر مؤسسة يقوم بها الإنسان في حياته؛ وتمثل استمرارية وجوده من حيث النسل. ولذا، وردت روايات متعددة عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة من أهل البيت عليهم السلام توضح هذا المطلب، فقد جاء رجل يخبر النبي صلى الله عليه وآله أنه تزوج فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: ‹‹أنظرت إليها؟ قال: لا، قال (صلى الله عليه وآله): فاذهب وانظر إليها››.
فالنبي صلى الله عليه وآله لم يكتفِ من هذا الرجل أن يتعرف على شريكة حياته بشكل غير مباشر، وإنما أمره أن يذهب ويتعرف على هذه المرأة بشكلٍ مباشر، بل، نجد في روايات أخرى تفصيلات أكثر وأدق من ذلك، كما في تلك الرواية التي تتحدث عن ذلك السائل الذي جاء إلى الإمام الصادق عليه السلام وقال له: الرجل يريد أن يتزوج المرأة، يجوز له أن ينظر إليها؟ فقال الإمام عليه السلام: ‹‹نعم وترقق له الثياب››، فالإمام يريد أن يوضح الحدود للنظرة الشرعية؛ بحيث يتسنى للناظر أن يتعرف عن قرب على المرأة حتى يصبح اختياره قائماً على دعامة سليمة- كما أومأنا في سالف الكلام - باعتبار أنّ ترقيق الثياب كما يشير بعض الفقهاء تعبير كنائي من الإمام عليه السلام لمن يريد أن يتزوج المرأة، بحيث يتمكن من النظر إلى محاسنها، وقد تعجب هذا السائل من قول الإمام الصادق عليه السلام: ‹‹وترقق له الثياب››، فأزال الإمام عليه السلام هذا التعجب من ذهن ذلك السائل بقوله: ‹‹إنه يريد أن يشتريها بأغلى الأثمان››، أي، إنّ هذا الخاطب الراغب في تلك المرأة عندما يتزوجها، فهو يشتريها بأغلى الأثمان، وهنا لابد أن نقف عند قول الإمام عليه السلام: ‹‹إنه يريد أن يشتريها بأغلى الأثمان››، باعتبار أنّ البعض يتصور أنّ الإمام عليه السلام يشير إلى المهر، بينما كلام الإمام عليه السلام لا يرتبط بالمهر وحده، بل، يركّز على مسألة أعمق وأعظم من المهر، قد أشارت إليها روايات أخرى، وأوضحت أنّ من يريد أن يرتبط بالمرأة من خلال الزواج، فإنه سيطلعها على أسراره وخصوصياته الدينية وغير الدينية، وسوف يكشف لها واقع حاله، وهذه النقطة ذات أهمية بالغة، فلابد أن تكون هذه الشراكة مبتنية على وضوح وشفافية خاصة، ينطلق منها الزوج في مبدأ أمره، كما أنّ الزوج سوف يشترك معها في رباط وثيق يجمعهما، وهو الإنجاب والديمومة لنفسه ولها؛ لأنّ استمرار الحياة ووجود نسله، سيكون من خلالها، فلابد أن يتعرف عليها عن قرب، وهذا أغلى ثمن كما تعبر الرواية. ولعل هذا الرأي في النظرة الشرعية بهذا المستوى من العمق والدقة من خصائص المذهب الأمامي، وإن كان قد وردت بعض الآراء لدى مذاهب العامة تؤيد هذا الرأي.

حدود النظرة الشرعية عند الفقهاء.
إنّ الفقهاء يختلفون في النظرة الشرعية، التي هي-كما قلنا- قاعدة أساسية للتعرف على الجانب الجسدي والجسماني في المرأة، وهذا النحو من التعرف يعطي الإنسان القناعة بالطرف الآخر، ولذا، نجد بعض فقهائنا؛ كصاحب الجواهر رحمه الله والسيد الإمام وغيرهما، يقولون: إنّ الرجل يجوز له أن ينظر إلى جسد المرأة، بشكل بيّن وواضح ما عدا العورة استناداً إلى طائفة من الروايات، منها هذه الرواية التي ذكرناها، ‹‹وترقق له الثياب››. وبعض الفقهاء يخص النظرة الشرعية فقط بالوجه والكفين، وبعضهم يتوسط بين نظرة صاحب الجواهر وبين هذه النظرة المحدودة بالوجه والكفين، وذلك مثل السيد الخوئي والسيد السيستاني وبعض الفقهاء المعاصرين، حيث يقولون: إنّ نظر الرجل إلى المرأة التي يريد الزواج منها، ليس مقتصراً على الوجه والكفين، بل يجوز له النظر إلى شعرها ومحاسنها كالرقبة وبعض مواطن الجمال لديها، وهناك روايات أيضاً تدلل على ذلك فقد سأل بعض أصحاب الإمام الصادق عليه السلام الإمام عن هذه المسألة بالذات، قال: قلت أينظر الرجل إلى المرأة يريد تزويجها فينظر إلى شعرها ومحاسنها؟ قال الإمام عليه السلام مجيباً السائل: ‹‹لا بأس بذلك، إذا لم يكن متلذذاً››، أي يسوغ لمن أراد أن يتزوج أن ينظر إلى شعر المرأة ومحاسنها؛ بشرط أن لا يكون قاصداً التلذذ، ويشترط العلماء أيضاً لجواز هذه النظرة، أن يكون قاصداً الزواج بهذه المرأة التي يريد أن ينظر إليها، وأن يحتمل حصول الموافقة عليه وأما لو علم أنه يُرد فلا يجوز له النظر، وكذلك، من الضروري أن يكون لديه احتمال أن يحصل له إطلاع أكثر عليها عندما ينظر إليها، فهذه أهم الشروط التي أكد عليها الفقهاء لجواز النظرة الشرعية.

تقييد الحكم الأولي العام للنظرة الشرعية.
وهنا ينبغي أن نلتفت إلى مسألة هامة، وهي أنّ قوله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}(النور:30) هو أمر إلهي بوجوب غض النظر، وعلى هذا الأساس لا يجوز للإنسان أن ينظر إلى المرأة وهذا بالحكم الأولي، وهو حكم عام. وكذلك، الآية التي تقول: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} (النور:31)، فهي تثبت وجوب التستر والحجاب على المرأة لكن هذا بالحكم الأولي، وهو حكم عام، فيوجد لدينا حكم بعدم جواز نظر الرجل للمرأة التي ليست من محارمه، وأيضاً لا يجوز للمرأة أن تكشف شعرها أو شيء من محاسنها للرجل، وهذان الحكمان بالعنوان الأولي، ولكن تأتي الروايات التي تقول بجواز نظر الرجل للمرأة التي يريد الزواج منها فتُقيد هذين الحكمين، وتُوجِدُ حالة استثنائية لحرمة نظر الرجل للمرأة، وتحول هذه الحرمة إلى الجواز، وذلك، للرجل الذي يريد أن يرتبط مع تلك المرأة برباط الزوجية الوثيق، فهنا تقييد وتخصيص لذلك الحكم الأولي العام؛ لأنه كما يقول الإمام عليه السلام في الرواية، ‹‹يريد أن يشتريها بأغلى الأثمان››.

النظرة الشرعية حق للمرأة.
إنّ موضوع النظر إلى من يريد الزواج منه ليس حقاً مختصاً بالرجل، بل، هو أيضاً حق مشروع للمرأة بالنسبة لمن تريد أن تتزوجه، والروايات وإن كانت قد أبانت أنّ الرجل يجوز له أن ينظر إلى من يكون عازماً على الزواج منها، إلا أنّ هذا الحق مكفول للمرأة أيضاً، وإن لم تصرح به الروايات. وقد يقول قائل لماذا لم يرد ما يدل على جواز رؤية المرأة لمن ترغب الزواج منه؟

والسبب واضح من جهتين:
الأولى : من حيث أن المرأة تتمكن من رؤية الرجل في مناسبات متعددة وفرص مختلفة، فتراه في الطريق ماشياً مثلاً، وفي غير الطريق مما يتيح لها أن تنظر إليه بسهولة ويسر، مع ملاحظة أنها تتمكن من التعرف عليه بشكل سري حتى أنّ الرجل لا يشعر بذلك.
الثانية : يشير بعض الفقهاء إلى وجود أولوية في المقام؛ فإذا جاز للرجل أن ينظر إلى المرأة التي يريد أن يتزوج بها، فمن باب أولى أنّ لها الحق في رؤية من ترغب في الزواج منه؛ لأنّ الرجل يشتريها بأغلى الأثمان ويشركها في دينه وأماناته، وكذلك الحال بالنسبة للمرأة، فالملاك والمناط لكل من الزوجين واحد؛ بمعنى إذا ساغ للرجل لأجل هذه العلة والسبب أن ينظر إلى المرأة، فكذلك الحال بالنسبة إلى المرأة، ونظرها للرجل.

في أمان الله وحفظه.






التوقيع :

رد مع اقتباس
قديم 04-17-2013, 05:23 PM   رقم المشاركة : 4
حرت بين السهم والجود
عضوة مميزة
 
الصورة الرمزية حرت بين السهم والجود
الملف الشخصي





الحالة
حرت بين السهم والجود غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

2 أسس ومبادئ الحياة الزوجية السعيدة 2

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أسس ومبادئ الحياة الزوجية السعيدة 2

القسم الثاني : خصال الزوجة بين العقل والجمال والوراثة.

قال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}(الروم:21). صدق الله العلي العظيم.

أهمية الدين في اختيار الزوجين.

استعرضنا وإياكم في الأسبوع الماضي، مبادئ الاختيار السليم بين الرجل والمرأة للحياة الزوجية السعيدة، وذكرنا معيارين من معايير الاختيار السليم هما، الحرية التامة في اختيار الشريك الآخر، والاختيار على أساس الدين والخلق، وهنا مسألة هامة، لا بد من التركيز عليها إكمالاً للبحث السابق، وهي أهمية اختيار الزوج لزوجته واختيار الزوجة لزوجها على أساس الدين وحسن الخلق، ولذا، وردت روايات كثيرة عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة من أهل البيت عليهم السلام ذكرنا طائفة منها، وبالخصوص، ما يفصح عن أهمية اختيار الزوجة ذات الدين من لدن الرجل، ولكننا نريد أن نكمل ذلك، بذكر ما يُبين أهمية الدين في اختيار الزوج من قبل المرأة؛ فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله: ‹‹من زوج كريمته من فاسق؛ فقد قطع رحمها››، ولعلنا ندرك عمق هذه الرواية باعتبار أنّ مآل الولد الذي سوف تلده هذه المرأة سيندثر ويتلاشى من ناحيتين:

1) الناحية الطبيعية .
2) الناحية الدينية المعنوية .


وكلا الناحيتين من السوء بمكان، والنبي صلى الله عليه وآله عندما يقول: ‹‹فقد قطع رحمها››، فهو يريد أن يوضح أنّ هذا الأب لم يمنح لابن ابنته البقاء والاستمرار؛ سواءً من الناحية الطبيعية باعتبار أنّ الذنوب والآثام تؤثر على وجود الإنسان واستمراره، أو من الناحية الدينية المعنوية باعتبار أنّ الذنوب والآثام ستخرجه عن ربقة الدين ورابطة الإيمان.

المعيار الثالث :
الاختيار على أساس توافر العقل.
بعد أن أنهينا معيارين من معايير الاختيار السليم بين الزوجين، في الأسبوع الماضي، ننتقل إلى معيار آخر يتسم بأهمية فائقة في حياة الإنسان، وهو العقل، الذي يمثل ميزاناً يوزن به الصواب من الخطأ ويُعرف به الخير من الشر، ولذلك ورد في الروايات الإفصاح عن الأهمية الكبيرة للعقل، فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: ‹‹العقل ما عُبد به الرحمن، واكتُسب به الجنان››، كما أنه ورد أنّ بالعقل يُطاع الباري تبارك وتعالى. وعلى هذا الأساس، من الأهمية بمكان أن يختار الإنسان المُقبل على الزواج، المرأة العاقلة بالإضافة إلى ما ذكرناه من الدين والخلق، وذلك، لأنّ العقل يشكل عاملاً رئيسياً في استمرار حياته مع تلك المرأة في وئام، كما أنّ للعقل دوراً كبيراً في انتقال تلك السمات من الفهم الدقيق لشؤون الحياة والتعامل بمنطق العقل، إلى الأجيال الآتية من نسله. ولذلك، نجد أنّ النبي صلى الله عليه وآله والأئمة من أهل البيت عليهم السلام ركزوا على أهمية العقل كمعيار مؤثر في الاختيار السليم للزوجة، وأشاروا إلى الخطر الفادح المترتب على إهمال جانب العقل، من الوقوع في البلاء في معيشته وضياع أولاده؛ وهذا ما أكده الإمام أمير المؤمنين عليه السلام عندما قال: ‹‹إياكم وتزويج الحمقاء؛ فإنّ صحبتها بلاء وولدها ضياع››، وكل إنسان يدرك أنّ غير العاقل يوقع غيره في أمور لا تُحمد عقباها؛ ويدخله في مشاكل هو في غنى عنها؛ لأنه لا يُحكّم منطق العقل في التعامل الإيجابي بينه وبين الآخرين، ولذلك يقول شاعر الفرس الخيام:

فاشرب نقيعَ السُمِ مِن عَاقلٍ **** واسكُب على الأرض دواءَ الجهول
هذا البيت من الشعر يشير إلى أنّ العدو العاقل الذي يُقدم لك السم النقيع فتشربه أولى من ذلك الدواء الذي يقدمه لك غير العاقل. لذا، من الأهمية بمكان، أن يلاحظ الإنسان في اختياره ذات العقل والإدراك السليم. والبعض من الشباب يقع في خطأ كبير عندما يتصور أنّ سمات الجمال في المظهر الخارجي للمرأة هو كافٍ، من دون النظر إلى عقلها، لأن المرأة الحمقاء أو المجنونة حتى لو كانت جميلة، فهي تفقد العقل والاتزان الذي يمنحها القدرة على العيش مع الزوج وإدارة المنزل بشكل صحيح ، بالإضافة إلى أنها لا تملك الحكمة والوعي، كي تتعامل مع أبنائها بطريقة سليمة، ولن تكون قادرة على تنشئتهم على وفق التربية الصحيحة، لذا، كان الأئمة من أهل البيت عليهم السلام عندما يسألون عن الزواج من امرأة حمقاء أو مجنونه لوجود سمات جمالية فيها، كانوا يؤكدون على عدم الارتباط والزواج بمثل هؤلاء بحيث يترتب على هذه العلاقة تكوين أسرة وإنجاب، لما سينتقل إلى النسل بسبب ذلك من آثار ضارة ناتجة من الوراثة، وأما لو كان الارتباط الشرعي بالمجنونة أو الحمقاء على مستوى إشباع غريزته الجنسية فقط، فإن الأئمة عليهم السلام لم يكونوا يعارضون ذلك.

المعيار الرابع : جمال المرأة في مفهوم الإسلام.
البعض قد يتساءل عن السبب في التركيز على هذه القواعد التي ترتبط بالجانب المعنوي، بينما لا توجد إشارة أو إيماءة إلى الجانب الجمالي في المرأة، مع أنّ الإنسان من طبيعته البحث عن الجوانب الجمالية. إنّ مثل هذه التساؤلات كي نجيب عليها لا بد من التأكيد في البدء على أنّ النبي صلى الله عليه وآله والأئمة من أهل البيت عليهم السلام لم يهملوا ذكر جانب الجمال في اختيار المرأة، بل، نجد أنهم أولوه عناية فائقة، بحيث أنّ الإنسان إذا أراد أن يختار، يلاحظ الجمال؛ فقد ورد عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: ‹‹إذا أراد أحدكم أن يتزوج فليسأل عن شعرها، كما يسأل عن وجهها؛ فإنّ الشعر أحد الجمالين››، وأيضاً ورد عن النبي صلى الله عليه وآله: ‹‹أفضل نساء أمتي أصبحهن وجهاً››، ولكن هذا لا يعني أنّ الإنسان يُركز على الصباحة والسمات الجمالية في المرأة، أو الجوانب المالية فقط، ويتناسى الركائز التي تُبنى عليها دعائم البيت الزوجي أو بناء الأسرة، من الدين والخلق، لأنّ ذلك، يؤدي إلى فقدان التوفيق الإلهي في تحقيق الحياة الزوجية السعيدة، بالإضافة إلى أنه لا يتوفق لانجاب الذرية الطيبة والصالحة، ولن يصل إلى الهدف الذي ابتغاه من زواجه منها، وإن كان قد يتحقق له إشباع ظمأه الغريزي، وتشير جملة من الروايات إلى ذلك، فتقول: ‹‹من تزوج امرأة لجمالها جعل الله جمالها وبالاً عليه››، وفي حديث آخر، ‹‹من تزوج امرأة لمالها وكله الله إليه››، أي لا تبحث فقط عن ما لديها من المُكنة في الناحية الاقتصادية دون أن تتوافر فيها الخصال الهامة كالدين والخلق، والعقل، والتربية الصالحة، في بيئة تجسد قيم الإسلام في حياتها التعاملية.

المعيار الخامس : الاختيار وفق بيئة تربوية صالحة.
هناك مبدأ هام وقاعدة أساسية أفصحت عنها الروايات في اختيار الزوجة، كما جاء ذلك، في سؤال أحد الرواة للإمام الصادق عليه السلام عندما قال: إنّ صاحبتي هلكت - أي ماتت- وكانت لي موافقة وقد هممت أن أتزوج، فقال لي الإمام: ‹‹انظر أين تضع نفسك، ومن تشركه في مالك، وتطلعه على دينك وسرك››، فنلاحظ هنا وجود مجموعة من الصفات الهامة التي يؤكد عليها الإمام عليه السلام في اختيار الزوج لزوجته؛ فيقول: ‹‹انظر أين تضع نفسك››، أي، إنّ الإنسان بطبيعته عندما يرتبط بعلاقة زوجية، فلابد أن يكون شريكاً مع تلك الزوجة في إنجاب الولد، الذي سوف يُؤدي إلى شراكة في الإنتاج، فلا بد من أن يضع الإنسان نفسه في البيئة الصالحة المتدينة العاقلة ذات الخلق الكريم، لأنّ هذه الصفات الحسنة سوف تنتقل عبْر قوانين الوراثة على نسله، ولذا، نجد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، عندما أراد أن يخطب فاطمة بنت حزام الكلابية -أم البنين- قال لأخيه عقيل: ‹‹انظر إلى امرأة قد ولدتها الفحول من العرب لأتزوجها››، والإمام عليه السلام يركز هنا على مسألة القوانين المكتسبة، لأنّ هناك نوعين من القوانين، قوانين بيولوجية تنتقل عبر الكروموسومات والجينات، وهناك قوانين مكتسبة، يتأثر بها الإنسان من خلال محيطه العائلي الذي تترسخ فيه مبادئ الدين والخلق. وهذا ما أومأت إليه الرواية الآنفة الذكر عن الإمام الصادق عليه السلام في قوله: ‹‹انظر أين تضع نفسك ومن تشركه في مالك، وتطلعه على دينك››، فإنّ أوضح ما تشير إليه، مسألة الوراثة المكتسبة التي تربط بين جنبتي التربية والدين، فإذا كان لابد لنا من الاعتناء بالدين وحده، فإنه ينبغي أيضاً أن نعطي أهمية للدين الممتزج بالعوامل التربوية؛ التي تنعكس إيجاباً على الفتاة وحياتها مع زوجها وأولادها.

في أمان الله وحفظه.






التوقيع :

رد مع اقتباس
قديم 04-17-2013, 05:26 PM   رقم المشاركة : 5
حرت بين السهم والجود
عضوة مميزة
 
الصورة الرمزية حرت بين السهم والجود
الملف الشخصي





الحالة
حرت بين السهم والجود غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

2 أسس ومبادئ الحياة الزوجية السعيدة 1

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أسس ومبادئ الحياة الزوجية السعيدة 1

المبدأ الأول : الاختيار السليم بين الرجل والمرأة.

قال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} (الروم:21) صدق الله العلي العظيم.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ‹‹ من سعادة المرء الزوجة الصالحة ››.

أهمية الزواج في حياة الإنسان.
من أهم المنعطفات في حياة الإنسان تأسيس الحياة الزوجية، وهذا المنعطف مؤثر على الزوجين - الرجل والمرأة - لما له من أهمية كبيرة في التأثير على مسارات الحياة المختلفة، والتكامل على جميع الأصعدة المتنوعة،ونستطيع أن نوجز أهمية الزواج في أمرين:

الأول :
الوصول إلى السعادة والاستقرار.
بعض العلماء يشير إلى أهمية الزواج بقوله : لا يوجد شيء يستحق أن يُعِدّ له الإنسان روحه وقلبه كالزواج.
وذلك، باعتبار أنّ الزواج له تأثير كبير في حياة الإنسان؛ بحيث يجعلها ترفل بالسعادة وتهيمن عليها الطمأنينة وتحفها السكينة والهدوء، وبالتالي يستطيع أن يسير في خطى الحياة بثبات واستقرار. ولعل حديث الرسول صلى الله عليه وآله الذي ذكرناه آنفاً يشير إلى هذه الحقيقة، ‹‹من سعادة المرأة الزوجة الصالحة››، وكذلك قوله صلى الله عليه وآله: ‹‹ما استفاد امرؤ بعد الإسلام؛ أفضل من زوجة مسلمة، تسره إذا نظر إليها، وتطيعه إذا أمرها، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها ومالها››.

الثاني : الوصول إلى كمال الدين.
إن تكامل المرء لن يحصل بشكلٍ سليم إلاّ من خلال الزواج؛ لأنه يعطي المرء أكبر قدر ممكن من الحصانة ضد الانحراف، ولذا كان النبي صلى الله عليه وآله يُرشد الطبقة الشابة، ويحضها على الزواج، كي تحمل المناعة الكافية من مزالق الشيطان، قال صلى الله عليه وآله: ‹‹يا شاب عليك بالزواج، وإياك والزنا؛ فإنه ينزع الإيمان من قلبك››.
وخطاب النبي في الحديث ليس موجه لفئةٍ معينة من الشباب، بل، هو عام يشمل جميع أفراد الفئة الشبابية؛ سواء كانت ذكوراً أو إناثاً، فكما أنّ الزواج صيانة للشاب من الانحراف، كذلك هو صيانة للشابة من الانحراف. ولذا، يقول إمامنا أمير المؤمنين عليه السلام موضحاً هذه الحقيقة: ‹‹لم يكن من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله يتزوج إلاّ قال صلى الله عليه وآله: كمل دينه››، وكمال الدين تعبير في غاية الروعة باعتباره يرتبط بتوافر أساس هام يُكمل الجوانب العبادية والمعنوية التي يقوم بها الإنسان، ويحافظ على بقاء واستمرار هذه الجوانب متألقة ومشرقة في مسيرة الإنسان التكاملية.


الأسس السليمة للحياة الزوجية.
إنّ كثيراً من الشباب والشابات لا يعرفون الأسس والقواعد السليمة التي تُبنى عليها الحياة الزوجية السعيدة، ولذا، لا بد لنا - ونحن في مقتبل فصلٍ جديد، يكثر فيه الزواج، خصوصاً الزواج الجماعي - أن نستعرض بعض القواعد الهامة، التي لها مدخلية في إيصال الشباب والشابات إلى الفهم الصحيح في اختيار الشريك الآخر بشكل جيد.
ومن أهم هذه الأسس التي يقوم عليها الزواج، الاختيار السليم في جانب الزوج والزوجة.

الاختيار السليم أساس الزواج السعيد.
إنّ من أهم القواعد التي ركزت عليها الروايات الشريفة، وبُينت بشكلٍ واضح هي الطريقة السليمة في اختيار الشريك الآخر. فإذا لم يفهم الإنسان هذه القاعدة، التي نروم تسليط الضوء عليها؛ فإنّ المستقبل لن يكون مضيئاً له،وخصوصاً أنّ الشاب و الشابة في مقتبل عمرهما؛ ولا يمتلكان من التجارب ما يؤهلهما للوصول بذاتيهما إلى فهم معايير الاختيار السليم، التي يمكننا أن نلخصها في نقطتين رئيسيتين:

الأولى : الاختيار على أساس الدين والخلق.
الدين والخلق أهم الأسس التي يقوم عليه الاختيار في الزواج السليم؛ ولذا، ركّزت الروايات على هذا الجانب ومنحته أهمية فائقة؛ لما له أبلغ التأثير الإيجابي المنعكس على الزوج من زوجته من جهة، وأيضاً ينعكس على الزوجة من زوجها، من جهة أخرى. ولذا، نجد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله يقول: ‹‹عليك بذات الدين تربت يداك››، وذلك، لأنّ اختيار الزوجة - التي رضعت الإيمان ورُبيت على مبادئ الدين - من أساسيات الزواج السعيد؛ باعتبار أنّ الدين سوف ينعكس على خُلقها مما يعود على الزوج وعلى نسله بالخير الكثير. والروايات أكدت على هذا الأساس الهام - الخلق والدين - وأوضحت الآثار الوخيمة المترتبة على عدم الأخذ به، وهذا ما صرح به الإمام الباقر عليه السلام عندما روى عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله قوله: ‹‹إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه؛ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ››، فالشخصية التي تتصف بالمستوى الديني و الخُلقي الجيد، ينبغي أن لا تُرد حين تتقدم لخطبة إحدى الفتيات؛ لأنّ رد مثل تلك الشخصية، سيؤول إلى الفتنة والفساد الكبير؛ وهذه الفتنة تتضح بجلاء،عندما يتقدم الكثير من الشباب - الأكفاء ديناً وخُلقاً- لخطبة شابة، فيُواجهون بالرفض أكثر من مرة، لحججٍ واهيةٍ وغير سليمة؛ وهذا بدوره يؤدي إلى عزوف الكثير من الشباب عن التقدم لهذه الفتاة، وسوف تبقى في بيت أبيها دون حصولها على الزوج المناسب، وبالتالي سوف يعود بالضرر، ليس عليها فقط، وإنما على الشاب أيضاً، ويودي بهما في النهاية إلى هاوية السقوط والانحراف، وهذا يؤكده قوله: {وَفَسَادٌ كَبِيرٌ}. ولو تتبعنا أسباب الانحراف في أوساط الشباب والشابات لوجدنا أنّ أقوى هذه الأسباب تأثيراً هو تأخرهم عن الارتباط بالزواج.

ما هي أهمية الدين والخلق؟
إن الشخصية المتدينة لا يصدر منها الظلم لشريكة حياته مهما بلغت شدة الخلاف ما بينهما، باعتبار أنّ سيرته التي يسير عليها مرتبطة بالقانون، ولا تنطلق من الفوضى والنزوات الفاسدة، وردود الفعل، وإنما تنطلق من خلال التطبيق الدقيق لقواعد الشريعة الإسلامية، وهذا ما تشير إليه بعض الروايات، والتي ورد في مضمونها، إنه إذا زوجت ابنتك من المتدين، فإنه لن يسيء إليها حتى إذا اختلف معها. وقد بحث علماء العصر الحديث عن تأثير الدين في الحياة الزوجية، وتوصلوا إلى أنّ من يرتبط بالدين، أكثر نجاحاً في علاقاته الزوجية، وذلك لأنّ الجانب المعنوي في حياة الإنسان، يجعله ينظر إلى شريك حياته بعين الرضا والتقدير، مما يؤدي إلى تجاوز السلبيات، التي تؤثر في استقرار الحياة الزوجية، وصدق المصطفى صلى الله عليه وآله في قوله: ‹‹عليك بذات الدين تربت يداك››، وقوله صلى الله عليه وآله أيضاً: ‹‹ما استفاد امرؤ بعد الإسلام أفضل من زوجة صالحة››. والجانب الأخلاقي لا يقل أهمية عن الجانب الديني في اختيار الشريك الآخر، بل، يمتاز بأهمية كبيرة، لأنه كلما اتسع الجانب الأخلاقي كلما امتلك الإنسان من المرونة الفائقة ما يجعل حياته في وئام و سعادة، واستطاع بأخلاقه أن يتجاوز المشاكل الزوجية بنجاح، ويتعدى عقباتها بسلام.

الثانية : الحرية التامة في اختيار الشريك الآخر.
إن اختيار الطرف المناسب يرجع إلى كلٍ من الزوج والزوجة؛ فالزوج له الحرية التامة في اختيار شريكة حياته، وكذا الزوجة لها نفس الحرية في اختيار شريك حياتها.
ولذلك، لا يحق لأي طرف في العائلة أن يفرض عليها أو يجبرهما على شخص معين، لا يرغبان فيه، وهذا لا يعني أن يستغني الشاب والشابة عن مشورة غيرهما في اختيار الشريك الآخر، وإنما الأفضل لهما أن يستعينا بالأبوين باعتبار أن تجاربهما في الحياة وما عاشوه من عمر، كفيل بأن يمنحهما الرأي الصائب، وأيضاً يمكنهما الاستفادة من ذوي الرأي الحصيف، الذين أنضجتهم تجارب الحياة.

نتائج الاختيار الصحيح للشريك الآخر.

إن الكيفية السليمة في اختيار الشريك الآخر له من التأثير الشيء الكبير، ليس على حياة الإنسان في وضعه الحاضر؛ وإنما أيضاً على مستقبله باعتبار أنّ نسله وامتداده سيرتبط بما سوف يختار، وهناك نتيجتين هامتين للاختيار السليم :

الأولى : الوصول إلى السعادة المعنوية.
إن سعادة الإنسان من الناحية المعنوية، تتوقف بشكلٍ كبير على اختيار الزوج؛ فإذا كان الاختيار قائماً على أسس موضوعية؛ فإنه سيؤثر تأثيراً كبيراً على حياة الإنسان ومستقبله.

الثانية : نجاح الحياة الزوجية.
إنّ بعض الناس يستعجلون الاختيار؛ فلا يرجعون إلى ذوي الرأي أو إلى آبائهم وأمهاتهم، الذين مُحضوا التجربة، ووصلوا إلى أعلى مراتب النضج، مما يتسبب ذلك في اختيارٍ فاشل يؤدي إلى الفشل في حياتهم المستقبلية، وبالتالي، الوصول إلى الانفصال وضياع الأبناء.

في أمان الله وحفظه.






التوقيع :

رد مع اقتباس
قديم 04-22-2013, 02:00 PM   رقم المشاركة : 6
خادمة رقية
(هيهات منا الذلة)

 
الصورة الرمزية خادمة رقية
الملف الشخصي




الحالة
خادمة رقية غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي رد: أسس ومبادئ الحياة الزوجية السعيدة 1







التوقيع :
[flash=http://c.shia4up.net/uploads/13666600161.swf]WIDTH=600 HEIGHT=700[/flash]

رد مع اقتباس
قديم 04-22-2013, 02:00 PM   رقم المشاركة : 7
خادمة رقية
(هيهات منا الذلة)

 
الصورة الرمزية خادمة رقية
الملف الشخصي




الحالة
خادمة رقية غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي رد: أسس ومبادئ الحياة الزوجية السعيدة 2







التوقيع :
[flash=http://c.shia4up.net/uploads/13666600161.swf]WIDTH=600 HEIGHT=700[/flash]

رد مع اقتباس
قديم 04-22-2013, 02:01 PM   رقم المشاركة : 8
خادمة رقية
(هيهات منا الذلة)

 
الصورة الرمزية خادمة رقية
الملف الشخصي




الحالة
خادمة رقية غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي رد: أسس ومبادئ الحياة الزوجية السعيدة 3







التوقيع :
[flash=http://c.shia4up.net/uploads/13666600161.swf]WIDTH=600 HEIGHT=700[/flash]

رد مع اقتباس
قديم 04-22-2013, 02:03 PM   رقم المشاركة : 9
خادمة رقية
(هيهات منا الذلة)

 
الصورة الرمزية خادمة رقية
الملف الشخصي




الحالة
خادمة رقية غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي رد: أسس ومبادئ الحياة الزوجية السعيدة 4







التوقيع :
[flash=http://c.shia4up.net/uploads/13666600161.swf]WIDTH=600 HEIGHT=700[/flash]

رد مع اقتباس
قديم 04-22-2013, 02:09 PM   رقم المشاركة : 10
خادمة رقية
(هيهات منا الذلة)

 
الصورة الرمزية خادمة رقية
الملف الشخصي




الحالة
خادمة رقية غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي رد: أسس ومبادئ الحياة الزوجية السعيدة 5







التوقيع :
[flash=http://c.shia4up.net/uploads/13666600161.swf]WIDTH=600 HEIGHT=700[/flash]

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 08:15 PM.


منتديات أبو الفضل العباس
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات أبو الفضل العباس عليه السلام