العودة   منتديات أبو الفضل العباس عليه السلام > ¤©§][§©¤][ المنبر الاسلامي ][¤©§][§©¤ > المنتدى الإسلامي
 
 

المنتدى الإسلامي السير في الطريق إلى الله عز وجل

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-16-2014, 04:05 AM   رقم المشاركة : 1
صلاتي حياتي
(مشرفة منتدى الإمام الحسين عليه السلام)

الملف الشخصي




الحالة
صلاتي حياتي غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي ثمن الجنة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم

ثمن الجنة

عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: «ثلاث من أتى الله بواحدة منهنّ أوجب الله له الجنّة: الإنفاق من إقتار، والبِشر لجميع العالَم، والإنصاف من نفسه»(1).
الحديث يقول أنّ مَن كانت فيه واحدة من هذه الصفات وبها خُتمت حياته فهو يستحقّ الجنّة، وهذا لا يعني أن يكون الشخص مستحقّاً للنار ومع ذلك يجعله الله من أهل الجنّة، بل يعني أنّ مَن توجد فيه هذه الصفات أو واحدة منها فإنّه يكون مؤهّلاً للجنّة.
إنّ أعمال الإنسان وتصرّفاته إنّما تنبعث عن نفسه؛ فالأعمال الصالحة والخصال الحميدة تصدر عن نفسٍ قد ملكَ صاحبها زمامها كنفوس المعصومين عليهم الصلاة والسلام وأولياء الله تعالى، كما أنّ المعاصي لا تصدر إلاّ عن نفس غير مسيطَر عليها. ومن الطبيعي أنّ مثل هذا الإنسان لا يتمكّن من الاتّصاف بالصفات التي من شأنها أن تورده الجنّة. أمّا الإنسان المالك لزمام نفسه فسينتقل من خير إلى خير حتى يكون من أهل الجنّة. وهذه الخصال التي ذكرها الإمام عليه السلام لا تتوافر إلاّ عند ذوي النفوس العالية.


الخصلة الأولى: الإنفاق من إقتار

عن مروان بن أبي حفصة قال: «كان المنصور قد طلب معن بن زائدة الشيباني طلباً شديداً وجعل لمن يأتي به مالاً، فحدّثني معن باليمن أنّه اضطرّ لشدّة الطلب إلى أن نام في الشمس حتى لوّحت وجهه، وخفّف عارضيه، ولبس جبّة صوف غليظة وركب جملاً من الجمال الثقالة، وخرج عليه ليمضي إلى البادية، وكان قد أبلى في حرب يزيد بن عمرو بن هبيرة بلاءً حسناً، فخاف فاغتاظ المنصور وجدّ في طلبه.
قال معن: فلما خرجتُ من باب حرب تبعني عبد أسود متقلّداً سيفاً حتّى إذا غبتُ عن الحرس قبض على خطام الجمل فأناخه وقبض عليّ.
فقلت: ما لك؟
قال: طلبة أمير المؤمنين.
قلت: ومَن أنا حتى يطلبني أمير المؤمنين؟
قال: أنت معن بن زائدة.
فقلت: يا هذا اتّق الله، وأين أنا من معن؟
قال: دع هذا عنك، فأنا والله، أعرَف بك منك.
فقلت: فإن كانت القصّة كما تقول، فهذا جوهر حملته معي بأضعاف ما بذله المنصور لمن جاء بي، فخذه ولا تسفك دمي.
فقال: هاته. فأخرجته إليه فنظر إليه ساعة وقال: صدقت في قيمته، ولستُ قابله حتى أسألك عن شيء، فإن صدّقتني أطلقتك.
فقلت: قل.
فقال: إنّ الناس يصفونك بالجود، فأخبرني هل وهبتَ قطّ مالَك كلَّه؟
قلت: لا.
قال: فنصفه؟
قلت: لا.
قال: فثلثه؟ حتى بلغ إلى عشره. فاستحيت وقلت: أظنّ أني فعلت هذا.
فقال: ما أراك فعلته، وأنا والله راجل ورزقي من أبي جعفر عشرون درهماً، وهذا الجوهر قيمته ألف دينار وقد وهبته لك، ووهبتك لنفسك وجودك المأثور بين الناس، لتعلم أنّ في الدنيا من هو أجود منك، فلا تُعجبك نفسك، ولتحتقر بعد هذا كلّ شيء فعلته، ولا تتوقّف عن مكرمة.
ثم رمى بالجوهر في حجري وخلّى خطام البعير وانصرف.
فقلت: خذ ما وهبته إليك فإنّي عنه غنيّ.
فضحك وقال: أردتَ أن تكذّبني في مقالي هذا، والله لا آخذه ولا آخذ للمعروف ثمناً أبداً!
ومضى. فوالله، لقد طلبته بعد أن أمنت وبذلت لمن جاءني به ما شاء، فما عرفت له خبراً وكأنّ الأرض ابتلعته»(2).
فمَن كان يحمل بين جوانحه نفساً كنفس هذا الرجل فهو مُرشَّح لأن يتحوّل ويكون إنساناً صالحاً.


الإنفاق من إقتار أفضل من الإيثار

إن الإنفاق من إقتار أعلى درجة من الإيثار، ومثاله الإنفاق الذي قام به الإمام أمير المؤمنين والسيدة الزهراء وابناهما عليهم السلام حين قدّموا إفطارهم إلى المسكين واليتيم والأسير ثلاث ليالٍ متواليات وبقوا جائعين. أمّا الإيثار فقد لا يكون مع شدّة حاجة المؤثر إلى ما يؤثر به غيره، ومثاله أن يؤثر المرء بعباءة لا يملك غيرها ولكنه قد لا يحتاجها الآن أو أنّه يستطيع شراء غيرها، أمّا الإنفاق من إقتار فهو كما لو أنفق المرء عباءته مع أنّه لا يملك غيرها ولا يستطيع شراء غيرها، وحاجته فعليّة وشديدة إليها، كما لو كان الفصل شتاءً وهو يدفع بها البرد عن نفسه.

الخصلة الثانية: البِشر لجميع العالم

ومعناه أن يكون الإنسان طلق الوجه مع كلّ مَن يلقاه، سواء كان قريباً أوبعيداً، مسلماً أو كافراً، تربطه به علاقة ما أو لا تربطه. وهذا أيضاً أمرٌ صعب جداً. ولو قرّر أحد أن يجرّب هذا الأمر لَلمسَ صعوبته. فأنّى للمرء أن لا يضجر ولا يتبرّم ولا تظهر عليه آثار الاستياء مع أنّ في مجتمعه وبيئته الأذواق المختلفة والسلوكيات المتباينة، ناهيك عن الأحقاد والعداوات والمشاحنات والمشاكسات، فهذا يحسدك، وذاك يعاديك، والآخر لا يتّفق مع ذوقك في الطعام والشراب أو الدرس أو غير ذلك. فربّما ظهرت من صديق فلتة لا ينساها من كانت بحقّه ولو مضى عليها خمسون سنة، بل سيظلّ يتألّم منها كلّما تذكّرها.. فما أعظم الشخص الذي ينكر نفسه ويقاومها رغم كلّ ذلك ويظلّ منطلق الوجه مع الكُلّ.
إنّ الضحك ـ بصوت عالٍ، أو القهقهة ـ مكروه خلافاً للتبسّم، لذلك عبّر عليه السلام بالبشر ليميّز به التبسّم عن الضحك.
والأمر يعود إلى نفس الإنسان وإمكانية السيطرة عليها في مواجهة كلّ الحالات بصدر رحب ووجه طلق وبِشر وبشاشة؛ فإنّ ضبط النفس يحتاج إلى همّة عالية وتمرين ورياضة مستمرّين.


الاستقامة شرط أساسي

• كان أحد العلماء يذكر عن نفسه أنّه كان زميلاً لأحد المراجع المعروفين، وقد قطعا معاً جميع الأشواط الدراسية والعلمية، وأنّه لا يقلّ ذكاءً وعلمية عنه، ولكن عيبه الوحيد الذي حال دون بلوغه مقام زميله هو أنّه كان ينطوي على طبيعة ساخرة لا يستطيع معها أن يضبط نفسه فيما إذا رأى أدنى ما يثير انتباهه، بل كان يسخر ويستهزئ بكلّ مَن يلقاه.
يقول الرجل: آلمني وضعي ذات مرّة فقرّرت مع نفسي أن أضع حدّاً لحالتي هذه التي جعلتني متأخّراً، فيما تقدّم غيري. فعزمت على أن لا أُظهِر استهزاءً أو سخرية بعد اليوم لأحدٍ، وبالفعل واجهتني بعد ذلك عدّة حالات، فضبطت نفسي إزاءها واستطعت بمشقّة بالغة تجاوزها الواحدة تلو الأخرى، ولكني بعد فترة وجدت أن نفسي في ضيق شديد، فقلت: لا جدوى من صلاحها بعد الآن فلأنطلق وأدعها على سجيّتها تاركاً لها العنان لما تشتهي، وفعلاً تمّ لها ما أرادت، وعدتُ إلى شخصيتي السابقة. وها أنا اليوم لم أجد إلاّ التكسّب من صلاة الاستئجار التي أقبض ثمنها من ذلك المرجع الذي كان زميلي في الدراسة.
وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على أنّ السيطرة على النفس أمر صعب إلاّ أنّه وفي الوقت نفسه لاينبغي التراجع عن ترويضها.
• كانت الوالدة رحمها الله توصينا دائماً بأن نبتلع الكلمة ـ على حدّ تعبيرها ـ سبع مرّات قبل أن ننطق بها، أي لا نستعجل في إطلاقها بل نفكّر فيها سبع مرّات لئلا نندم بعد ذلك. وهذه الوصيّة إنّما تعبّر عن حكمة استُلهمت من حكم الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام: «لسان العاقل وراء قلبه، وقلب الأحمق وراء لسانه»(3). أي أنّ العاقل يفكّر أوّلاً ثم يتكلّم. أمّا الأحمق فيتكلّم ثم يفكّر في الكلمة التي قالها وفي أضرارها، وفوائدها، ولماذا قالها؟ أمّا العاقل فلا يعرّض نفسه للاستجواب بعد صدور القول منه، لأنّه فكّر في الأمر قبل ذلك عدّة مرّات.
• لا شكّ أنّ مَن يفكّر في عواقب أموره عدّة مرّات يتمكّن من إتقان مقدّماتها ولا يخطئ فيها غالباً. كما أنّ مَن يكرّر مطلباً يتقنه ويتفوّق فيه.
يقول الشهيد الثاني فيما يوصي به طالب العلم في حفظه لدرسه: «ثم يحفظه حفظاً محكماً، ثم يكرّره بعد حفظه تكراراً جيداً، ثم يتعاهده في أوقات يقرّرها لمواظبته، ليرسخ رسوخاً متأكّداً، ويراعيه بحيث لا يزال محفوظاً جيّداً»(4).
وهكذا الحال بالنسبة لتعويد النفس على الخصال الحسنة كما في البِشر مع كلّ العالَم؛ فإنّ للناس أذواقاً مختلفة، وقد يواجه المرء يومياً عشرات الأشخاص والحالات، فربّما يتألّم من بعضهم، ولكي يحافظ على خصلة البشر مع الناس ينبغي له أن يضغط على نفسه لكي لا يظهر التأثّر على وجهه وسلوكه، فإن نجح في تكييف حياته بهذه الصورة فهذا معناه أنّه مسيطر على نفسه.
• قال أحد العلماء: إنّ أحد أساتذتي كان يتبرّم بسرعة وربّما أغلظ مع الطلاّب. فناقشته يوماً في مسألة وبقيت ألفّ معه وأدور، وكلّما أجابني رددت عليه وناقشته حتى تأثّر كثيراً، فضربني بقوّة على صدري بظهر كفّه ضربة بقيت أعاني منها لمدّة ثلاثة أيام حتى أنّني استعملت اللصقة الطبّية من شدّة الألم.
يبدو أنّ الأستاذ لم يملك نفسه فتصرّف هكذا، مع أنّ النقاش المثمر هو الطريق الأمثل لتنمية الطلاّب علمياً، ولا ينبغي للأستاذ أن يتصرّف بغير الكياسة وسعة الصدر. ربّما يتألّم الأستاذ من تلميذه لأنّه لم يفهم الدرس بسرعة أو لأنّه فهمه ولكنّه يراه مشاكساً، ولكن تبقى النقطة المهمّة في الأمر هي أن يسيطر الإنسان على نفسه ويتمالك أعصابه، ويلقى الجميعَ بالبِشر ورحابة الصدر.


المؤمن هشّ بشّ

ورد في الأثر أنّ: «المؤمن هشّ بشّ»(5). فالمؤمن ينبغي أن يكون بشّ الوجه والمحيّا وإن كان متألّماً، وهذا يتطلّب إرادة قويّة ونفساً متربيّة، لأنّ النفس بطبيعتها لا تترك الإنسان هكذا، بل تدعوه للعبوس في وجه الآخرين بسبب أزمات الحياة والحالات المختلفة التي لا ترتاح لها إلاّ إذا كان الإنسان مؤمناً كما وصفه أمير المؤمنين عليه السلام في قوله: «حزنه في قلبه وبشره في وجهه»(6).
ولا عجب إن كان التحلّي بهذه الخصال أمراً صعباً لأنّها ثمن الجنّة، والجنّة لا تثمّن، فاللحظة الواحدة فيها لا يعدلها ملايين ولا المليارات من كنوز الدنيا؛ خصوصاً بعد اقترانها بالخلود.
فالحديث الذي صدّرنا به الكلام وهو أنّ صاحب النفس التي تتمتع بإحدى الخصال التي ذكرها الإمام عليه السلام يستوجب الجنّة، وقلنا إنّ ذلك بحاجة إلى تمرين وترويض مستمرّين للنفس، وأضيف: إنّ ّمَن تحلّى بإحدى هذه الخصال جاءته البقية تباعاً؛ لأنّها صفات متلازمة.


الخصلة الثالثة: إنصاف الناس من النفس

يجدر بالمؤمن فيما لو اكتشف أنّ الحقّ ليس معه بل مع مقابله ـ سواء كان أستاذه أو تلميذه أو صديقه أو قريبه أو زميله أو أيّ شخص آخر يتعامل معه ـ أن يقرّ له ويتراجع، وهذه الخصلة لا يمكن أن تكون إلاّ في نفس خاضعة للإيمان وللعقل.
يقول الله تعالى في وصف النفس الخاضعة لغير الحقّ: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ﴾(7)، وقد يكون هذا حال معظم الناس إلاّ مَن روّض نفسه على خلاف أهوائها وغرائزها. فلو قيل للمؤمن (اتّق الله) فإنّه سيشعر بذلّ المعصية، أمّا إذا لم يكن الشخص مؤمناً حقّاً أخذته العزة بالإثم وكابر.
كنت في بعض الأيّام أتمشّى مع أحد الإخوان، في مكانٍ، فرأينا شخصاً يسبّ الله ـ والعياذ بالله ـ فنهره ذلك الأخ وردعه. ولكنّ ذلك الشخص التفت إلينا قائلاً: أنا أشعر وأعني ما أقول ولست جاهلاً أو غافلاً! وهكذا أخذته العزّة بالإثم.
من النادر أن تلقى أحداً يتقبّل النصيحة من أعماقه ـ ولا أعني بالنصيحة الموعظة العامّة كالحديث الذي يلقيه الخطيب أو المحاضر، بل المقصود بها النصيحة المباشرة في موقعها المناسب وإن كانت بالأسلوب الصحيح وباللطف واللين ـ فإنّ النفوس في الغالب لا تخضع للحقّ ولا تذعن له وإن لم يكن موقفها صحيحاً، بل كلٌّ يحاول أن يُظهِر لنفسه وللآخرين أنّ موقفه كان صحيحاً وأنّه لم يكن جاهلاً بحقيقة الأمر.
وهذه الخصلة كالخصلتين السابقتين تماماً، وهي كلّها أمامكم وبأيديكم. وبإمكانكم أن تجرّبوا أنفسكم فيها لتروا بأُمّ أعينكم إن كانت سهلة أم صعبة، وإن كانت النفوس مختلفة فيما بينها إزاء كلّ من هذه الخصال حسب المحيط والتربية والأجواء التي عاشتها والمراحل التي قطعتها، إلاّ أنّه تبقى الصعوبة موجودة عند كلّ النفوس ولكن بدرجات مختلفة، فبعضها أصعب لدى بعض وبعضها أقلّ صعوبة وهكذا.


مزيداً من التفكير في الجنّة

نحن ـ طلاّب العلوم الدينية ـ حريّ بنا أكثر من غيرنا أن نفكّر في الجنّة والشوق لنيلها؛ ذلك لأنّ المفترض أنّ سبب توجّهنا إلى هذا السبيل هو طلب رضى الله سبحانه وتعالى، وبسبب زيادة معرفتنا عموماً بهذه الأمور.
فينبغي لطالب العلم أن يفكّر أكثر من غيره في الجنّة، وليُعن نفسه في الثبات على ما أخلص فيه، فهو أَولى من الجميع بذلك؛ لأنه ترك الدنيا ـ وإن كانت مقبلة عليه ـ من أجل الله سبحانه.
ولا شكّ أنّ كثيراً منا لو لم يكن من طلاّب العلوم الدينية لكان وضعه المالي والاقتصادي أحسن. إذاً مادمنا قد تخلّينا عن الدنيا وبعناها ـ ولو إلى حدّ ما ـ فلنركّز قليلاً ونهتمّ ليكون المثمن هو الجنّة؛ فإنّ الله تعالى قد خلق الجنّة للمؤمنين المخلَصين والخيّرين المخلِصين، وأنتم ـ الطلبة ـ قد قطعتم مسافةً باختياركم، فأكملوا الطريق. وكما تحملتم عناء الابتداء فتحمّلوا لتكملوا المسيرة.
فلنجرّب من الآن ولنبدأ بأسهل الخصال ثم نرتقي، فنبدأ بالبِِشر للعالم، فهو أسهل نسبياً من الإنفاق عن إقتار، ومن إنصاف الناس.
وأكرّر أنّ ذلك لا يعني الضحك دائماً؛ فإنّ الله تعالى قد ذمّ الضحك بقوله عزّ من قائل: ﴿فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا﴾(8). بل المقصود بشر الوجه بحيث لو رآه المهموم زالت همومه؛ علماً أنّ هذا التصرّف يؤثّر في الناس أكثر من القول. فقد تحاول أن تزيح الهمّ عن صدر أخيك من خلال كلامك معه لمدّة نصف ساعة أو أكثر ولا ترى استجابة، بينما يمكن أن يكون لمقابلتك الطيّبة معه ولقائك إيّاه بالبِشر الأثر في تحسّن حالته، مع أنّ هذا الموقف قد لا يستغرق دقيقة واحدة، ولهذا ورد في الحديث عن الصادق عليه السلام: «كونوا دعاة للناس بغير ألسنتكم»(9).
فلنجرّب أن نكون منبسطي الوجوه مع مَن نلقى، ولا نيأس؛ فإنّه وإن كان أمراً صعباً في الجملة إلا أنّه ممكن التحقق بالممارسة والمواظبة.
• كان اثنان من أقربائنا بينهما مشكلة، فذهب إليهما قريب لهما ـ توفّي هو الآخر ـ ونصحهما بطريقة لطيفة، فقال: إنّكما لا ينقصكما شيء إلاّ إزالة التخاصم الموجود بينكما، فأنتما بحمد الله مسلمان مواليان لأهل البيت سلام الله عليهم ومن المصلّين الصائمين القارئين للقرآن والعاملين للخيرات والعارفين لأحكام الدين، فلماذا تحتفظان بـ «بعرة الفأر» هذه في صحيفة أعمالكما؟!
وأنتم ـ طلاب العلوم الدينية ـ الذين تركتم في الغالب معظم اللذات الدنيوية من أجل الله سبحانه، لماذا لا تكملون صحيفة أعمالكم بجعلها خالصة كلّها لله تعالى؟ فما على المرء إلاّ أن يحاول ويبدأ، والله تعالى هو الذي يعينه شيئاً فشيئاً حتى يبلغ المقصود.
أمّا الصعوبة في ذلك فشيء طبيعي ويحتاج إلى تمرين وممارسة واستمرار واستعانة بالله تعالى.

___________________________
(1) الكافي: ج2 ص103، باب حسن البشر، ح2.
(2) الفرج بعد الشدّة للقاضي التنوخي: ج2 ص372.
(3) نهج البلاغة: ج4 ص11 رقم 40.
(4) منية المريد للشهيد الثاني: ص264.
(5) راجع كتاب التمحيص للإسكافي ص74 رقم171.
(6) بحار الأنوار: ج75 ص73 باب 16ـ جمع من جوامع كلمه عليه السلام، ح41.
(7) سورة البقرة، الآية: 206.
(8) سورة التوبة، الآية: 82.
(9) الكافي: ج2 ص78 ح14.


اللهم صل على محمد وآل محمد الأوصياء الراضين المرضيين بأفضل صلواتك وبارك عليهم بأفضل بركاتك
والسلام عليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته






رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 12:10 PM.


منتديات أبو الفضل العباس
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات أبو الفضل العباس عليه السلام