العودة   منتديات أبو الفضل العباس عليه السلام > ¤©§][§©¤][ المنبر العقائدي ][¤©§][§©¤ > مكتبة العباس العقائدية
 
 

مكتبة العباس العقائدية يختص بجميع الكتب الشيعية العقائدية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-30-2010, 12:54 PM   رقم المشاركة : 1
دفء المشاعر
(يارب عفوك)

 
الصورة الرمزية دفء المشاعر
الملف الشخصي





الحالة
دفء المشاعر غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

Ah11 كتاب مسير الارواح في البرزخ‎

تمهيد للمؤلف
يمثل هذا الكتاب تصورات لتجسم أعمال الإنسان وانعكاساتها في عالم الآخرة ٬ هذه التصورات تبادرت إلى
الذهن استلهاماً من الآيات والروايات ٬ على أمل أن تكون دافعاً للتنبّه واليقظ ة.
لا شك في أننا نجهل تفاصيل ما يجري على القابعين في التراب وأهل الب رزخ لا سيما وأنّ الآيات قليلاً ما
تطرقت إلى ذلك ٬ والروايات وحدها التي أخبرتنا عن جزء يسير من أسرار عالم الأرواح ٬ وإنني أعترف بأن
هذه الرحلة منذ بدايتها وحتى نهايتها لا تفي بما يطمح إليه القراء الكرام وبالذات أهل الفن والمطالعة ٬
وعطفاً على ماتقدم أرى من الضروري الإشارة إلى ما يلي :
۱- فيما يتعلق بشخصية القصة : إن للإنسان في عالم المادة جسدين أحدهما الثقيل الذي يحمل الروح ولا
تنفصل عنه إلا عند الموت حيث يدفن تحت التراب ٬ والآخر جسد شفاف ومجرد كالروح ولا معنى للزمان
والمكان بالنسبة له ٬ وهو مانشاهده في الم نام كثيراً .
وبطل القصة هو الجسد الشفاف ٬ وبتعبير آخر الجسد البرزخي المثالي وهو ذو أعضاء وجوارح ٬ لكنها
ليست مادية ٬ وأفضل ما نعبر به عن مثل هذا الجسد هو ما يصور روح الإنسان لا الذي يحددها ٬ وقد ورد
في الروايات حول كيفية حضور الإنسان في البرزخ أنه يحضر : كقالبه في الدنيا كهيئة الأجساد في صورة
كصورت ه.
۲- بالرغم من القول بأن عالم البرزخ هو عالم المثال وصوروه بمثل الدنيا وليس منها ٬ لكنه عالم أوسع من
الدنيا ٬ وكما يذهب البعض أنه يشبه الدنيا في اشتماله على الزمان والمكان لكنه ليس من نوعها ومرادنا من
القول بالأمكنة هو لبيان حالة الروح فقط .
إن تعبير القرآن الكريم بدار السلام ٬ وتعبير الروايات بوادي السلام باعتباره مكان تستقر فيه أرواح
المؤمنين إنما هو لبيان السعادة والسرور والأمن والسلام الذي تتمتع به روح المؤمن وهذا ما يحتاج إلى
سعي حثيث ومجاهدة بالغة لغرض بلوغه .
وكذا برهوت فهي ليست من صحاري هذه الدنيا ٬ بل هي تفيد صورة العذاب يمثل اجتيازه غاية السعادة ٬
والمكوث فيه غاية الشقا ء.
۳- يودي التأكيد هنا على أن عالم البرزخ يمثل مرآة القيامة الكبرى سواء للمؤمن أو الكافر . وقد جرت
الإشارة إلى ذلك في مجرى القصة ٬ وبناء على ذلك ننوه إلى ما يلي :
أ نظراً
لحتمية المرور على الصراط يوم القيامة ٬ وكما يعبر الإمام علي ( ع ) (( واعلموا أن مجازكم على
الصراط )) ٬ ولا شك في صعوبة الجواز على الصراط بالنسبة لبعض المؤمنين . فقد اخترنا الجواز على
برهوت البرزخ كتعبير عن صراط ال قيامة . ولكن كيف تكون الحقيقة ؟ الله أعلم .
ومن خلال رؤية أخرى ٬ استناداً لما ورد في الآية ۷ من سورة مريم (( وإن منكم إلا واردها )) – كما تقدم
القول فإن صورة مصغرة من ذلك البرهوت موجودة في البرزخ – بيد أن النجاة منه تكون حليف المتقين أما
الظالمين فيُلقون فيه .
ب – في ضوء القول بأن (( البرزخ صورة مصغرة عن القيامة )) فقد جرى الاستفادة من بعض الآيات
والروايات التي توضح أحوال القيامة بصراحة ٬ في تصوير عالم البرزخ

وفي الختام لابد من التأكيد على أن هذا الكتاب بيان لواقعة وليس لقصة يطبعها فن كتابة القصة ٬ وأُ ذكر
بالمساعي التي بذلت في هذا الكتاب لأن تخرج المطالب بصورة موضوعية مترا بطة وجرى تدوينها بأسلوب
يسيط ٬ وأن لا تتأثر جذابيتها تحت وطأة المواعظ .
المؤلف : أصغر بهمني

__________________________________________________ ___

الفصل الاول

البرزخ
... الاحتضار ...
منذ أيام عمّ الألم جسدي وأخذ يؤذيني .... وبدأت علامات الموت تدنو مني وحلّت بي حالة الاحتضار .
أداروا برجليّ نحو القبلة ٬ وأحاط بي زوجتي وأبنائي وأقربائي وبعض أصدقائي ٬ ومنهم من ترقرقت دموع
عينيه ٬ أغمضتُ عينيّ بهدوء وغرقتُ في بحر أفكاري ٬ وأخذتُ أفكر مع نفسي ٬ بمَ قضيتُ عمري ٬ ومن
أين لملمت أموالي رغم
قلتها – وأين أنفقتها ؟
لقد كان التفكير بذلك يؤلمني كثيراً ٬ ومن شدة القلق فتحت عيوني .
الموت (( خروج الروح من الجسد ))
(( الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا ) )
في تلك الأثناء انتبهت إلى وجود شبح طويل القامة يرتدي ثياباً بيضاء قد نشب يديه على أطراف أصابع
قدميّ وأخذ يتجه نحو الأعلى من جسدي ٬ ولم أكن أشعر بالألم عندما كان عند قدميّ لكن الألم أخذ يزداد كلما
ارتفع نحو الأعلى وكأن الألم بأجمعه أخذ يتحرك إلى الأعلى م ن جسدي ٬ حتى وصلت يده إلى حلقومي ٬
حينها أصبح جسدي بلا شعور ٬ بيد أن رأسي أصبح ثقيلاً بحيث كنت أشعر بأنه سينفجر من شدة الضغط ٬
أو أن عينيّ ستخرجان من حدقتيهما .
تقدم عمي الشيخ العجوز نحوي وقد امتلأت عيناه بالدموع وقال لي : ياولدي اقرأ الشهادتين ٬ أنا أقر أها
وأنت رددها معي : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله وأن علياً ولي الله ....
لقد كنت أراه وأسمع صوته ٬ فتحركت شفتاي ببطء ٬ وما أن أردت التلفظ بالشهادتين حتى أحاطت بي أشباح
سوداء وألحّوا عليّ أن لا أنطق بالشهادتين . لقد كنت سمعت بأن الشياط ين تحاول سلب إيمان المرء عند
موته ٬ لكنني لم أكن أتصور أبداً إنهم يفلحون في صد ي.
ومرة أخرى أدنى عمي وجهه مني وتلفظ بالشهادتين ٬ ولما أردت تحريك لساني تحرك الشياطين مرة أخرى
ولكن عن طريق التهديد في هذه المرة .
لقد كانت لحظات عجيبة ٬ فمن ناحية كان الذي يرت دي ثياباً بيضاء يمارس أعمالاً مدهشة . ومن جهة ثانية ٬
كنت أواجه إصرار عمي على النطق بالشهادتين ٬ وثالثة محاولات الأشباح الخبيثة في سلب إيماني في آخر
لحظات حياتي .
ثقل لساني وكأن شفتي قد خبطت مع بعضها ٬ لقد اعتراني العجز ٬ وكنت أريد الخلاص من هذا الوضع
الم ؤلم ولكن كيف ؟ وعن أي طريق ؟ وبواسطة من ؟ في غضون ذلك التجاذب ظهرت من بعيد أنوار ساطعة
فقام ذلك الرجل ذو الثياب البيضاء إجلالاً لها ولّت تلك الوجوه القبيحة هاربة ٬ ورغم عدم معرفتي في تلك
اللحظات لتلك الأنوار الطاهرة الفريدة لكنني عرفت فيما بعد أنهم الأئمة الأطهار ( ع ) قد حضروني في
اللحظات الحساسة وببركة وجودهم أشرق وجهي وانفتح لساني فحركت شفتيّ ونطقت بالشهادتين هنا امتدت
يد ذلك الرجل ذي الثياب البيضاء لتمسح على وجهي ٬ وشعرت بالاطمئنان بعد أن كنت أعاني شدة الألم
والاضطرا ب.
لقد أصبحت وكأنني ألقيت الآلام والعذ اب بأجمعه على كاهل أهل الدنيا لأنني شعرت بالاستقرار وكأنني لم أرَ
حرية واستقراراً كالذي عشته في ذلك اليوم فقد انفتح لساني وأشرح عقلي . كنت أرى الجميع وأسمع
أحاديثهم . هنا وقعت عيناي على ذلك الرجل ذي الثياب البيضاء فسألته : من أنت ؟ وماذا تريد مني ؟ فإنني
أعرف كل الذين حولي إلا أنت ٬ فقال : كان عليك أن تعرفني ٬ أنا ملك الموت ٬ فاضطربت لسماع اسمه
واهتز كياني ٬ فوقفت أمامه أتخضع وقلت : السلام عليك يا ملك ربي فلطالما سمعت باسمك ومع ذلك لم
أستطع معرفتك حين الموت ٬ هل تريد الإذن مني كي تقبض روحي ؟
فأجاب ملك المو ت مبتسماً : إنني لا أحتاج إلى إذنٍ من أي أحد لأنتزع روحه من جسده ٬ وإذا ما تأملت جيداً
سترى إنك قد ودعت الحياة الفانية ٬ انظر إلى جسدك قد بقي بين أهل الأرض ٬ فنظرت إلى الأسفل
فاستحوذت عليّ الدهشة والحيرة ٬ إذ أن جسدي مطروح على الأرض بلا حراك بين أقربائي وم عارفي ٬ فيما
كانت زوجتي وأبنائي وكثير من الأقارب يحومون من حولي وهم يبكون وترتفع صرخاتهم إلى عنان السماء
وأخذ آخرون بالشكوى والتساؤل : لقد تعجل عليه الموت ٬ لماذا ؟
أخذت أفكر مع نفسي : لِمَ ينوح هؤلاء ؟ ومن أجل من ؟ أردت دعوتهم لالتزام الهدوء ٬ وهل يكون ذلك ؟
.... صرخت فيهم : أيها الأعزاء التزموا الهدوء ٬ أما تريدون راحتي واستقراري ؟ فلماذا هذا التفجع
والحزن ؟
بعد الألم المضني أصبحت الآن في كامل الراحة والسعادة .
إنني أخاطبكم أما تسمعون ؟ لِمَ هذا البكاء ؟ ممّ عويلكم وبكاؤكم ؟ نوروا الدار بالدعاء وذكر الحق تعالى .
استمر عويل واستغاثة الحاضرين ٬ يعلو ويعلو ٬ هنا سمعت صوت ملك الموت يقول : ما الذي دهى هؤلاء ؟
مم صراخهم وعويلهم ؟ ولِمَ هذه الشكوى والتفجع ؟ لِمَ هذا البكاء واللطم على الرؤوس ؟ أقسم بالله إنني لم
أرتكب ظلماً بحقه ٬ فلقد نفذ رزقه في هذه الدن يا ٬ ولو كنتم مكاني لقبضتم روحي بأمر من الله ٬ اعلموا أن
دوركم سيأتي يوماً ما ٬ وسأتردد على هذه الدار حتى لا أدع أحداً فيها ٬ إن عبادتي وطاعتي لله هي أن أقطع
كل يوم وليلة أيدي الكثيرين عن هذه الدنيا .
الناس مستمرون بعملهم لا يسمعون هذه الإنذارات . تمنيت لو كنت سمعت هذه الإنذارات ولو مرة واحدة في
الحياة الدنيا كي تكون عبرة لي ... لكن واحسرتاه ثم واحسرتاه !!
لفوني بقطعة قماش وبعد ساعة حملوني إلى المغتسل ٬ إنه مكان معروف لدي فطالما جئت هنا لغسل أمواتنا
٬ وهنا لفت انتباهي المغسل حيث كان يقلبني كيف شاء ودون عناء ٬ ونظراً لعنايتي بجسمي فقد صرخت
بالمغسل : تمهل قليلاً ! ارفق بي ! فقبل لحظات خرجت الروح من هذه العروق فأضعفتها وأعجزتها ... لكنه
واصل عمله دون أدنى عناية بمطالبي المتكررة .
انتهى الغسل ٬ ثم لفوني بذلك الكفن الذي كنت قد اشتريته بنفسي ... لقد كنت أفكر آنذاك بأن شراء الكفن
إنما هو عمل روتيني ٬ ولكن ما أسرع أن لف جسدي بالبيا ض. حقاً إن الدنيا دار جواز .
وعند سماعي لنداء الصلاة .. الصلاة .. الصلاة .. دخلني نوع من الطمأنينة .
... التشييع ...
(( أنا راحل ٬ وثقوا إنكم ستلحقون بي ٬ ولا تتصوروا أن الموت خلق لغيركم ٬ عجباً لكم تشاهدون الموت
ولا زلتم غافلين ))
لما انتهت الصلاة حملوا جنازتي على أيديهم ٬ ومرة أخرى بعثت صرخات الشهادتين الطمأنينة في نفسي ٬
ولعلاقتي بجسدي أمسكت بأعلى الجنازة وأخذت أسير معها .
لقد كنت أعرف المشيعين جيداً ٬ مجموعة أمسكت بقاعدة ال تابوت ٬ وأخرى تمشي خلفه ٬ كنت أسمع
أصواتهم وأحاديثهم ٬ حتى أن باطن الكثير منهم قد انكشف لي ٬ ومن هنا قد اعتراني السرور لحضور
البعض ٬ فيما كان حضور آخرين يؤذيني حيث كانت الرائحة الكريهة المنبعثة منهم تعذبني ٬ كنت أرى
بعضهم على هيئة قردة في حين كنت أحسبهم في الدنيا من الصالحين . من جانب آخر نظرت إلى أحد
معارفي فداعبت روحي رائحة العطر المنبعثة منه ٬ وقد كنت في الدنيا لا أكنّ له الاحترام وذلك للبساطة
الطاغية على ظاهره ٬ وربما أسقطته في عيني غيبة الآخرين له وو .... كان التابوت يسير مرفوعاً على
أكتاف الأصدقاء وك نت أرافقهم والقلق من المستقبل يهيمن عليّ .
لوقت الذي كانت ألسنة الكثير من المشيعين تترنم بنداء ( لا إله إلا الله ) كانن اثنان من أصدقائي يتهامسان
فيما بينهما فدنوت منهما وأنصت لحديثهما ٬ واعجباً ! متى تستيقظان من غفلتكما ؟ أتتحدثان عن معاملة
وصكوك مرفوضة وأ رباح و ... ؟ كان من الأفضل أن تفكرا في هذه اللحظات بآخرتكما ٬ بذلك اليوم الذي
سيحل عليكما وينقض عليكما الموت ! إذ ستنقطع أيديكما عن الأرض والسماء وتغلق صحيفة أعمالكما
وتطلبان الفرصة مثلي ٬ حينها لن تحصلا على الإذن بالعودة وستعضان على أيدي الندامة : يا ليت نا قد فكرنا
بهذه الدنيا الباقية في تلك الدنيا الزائل ة.
أيها الأصدقاء ! إنني أدعو لكم أن تعمر دنياكم وتكون آخرتكم أكثر عمراناً ٬ ولكن أقسم عليكم بالله أن
تستيقظوا من غفلتكم وفكروا جيداً ٬ وإذا لم تفكروا بي ففكروا بآخرتكم على أقل تقدير ٬ فكروا بذلك اليوم
حي ث ستلتحقون بي . امضوا هذه اللحظات بذكر الموت ٬ فإذا لم تفكروا بالموت هنا ٬ فأين ستعودون إلى
أنفسكم ؟ كأن الموت لم يخلق لكم ؟ عجباً لكم تنظرون إلى الموت ولا زلتم غافلين .
وهنا توجهت إلى أهلي وعيالي قائلاً :
أيها الأعزاء ! لا تغرنكم الدنيا كما غرتني ٬ لقد أجبرتموني على جمع الأموال التي لذاتها لكم وتبعاتها علي .
... القبر ...
وصل المشيعون إلى المقبرة ٬ وعند مشاهدتي لها استحوذ على فؤادي الغم ٬ مروا على العديد من القبور
حتى بانت حفرة من بعيد فهيمن علي الاضطراب والرعب .
بقيت مسافة حتى قبري فوضعوا جنازتي ع لى الأرض ٬ استرحت قليلاً ٬ وبعد قليل رفعوا التابوت ثانية
وساروا به قليلاً ٬ ثم وضعوه على الأرض ثم رفعوه ساروا به وحطوا به على مقربة من القبر ٬ ألقيت بنظرة
داخل القبر فانتابني الرعب مرة أخرى .
رفعت مجموعة منهم جنازتي من التابوت وما أن أدخلوا رأسي في القبر تصورت من شدة الخوف والرهبة
كأنني هويت من السماء إلى الأرض ٬ وحينما كانوا يدخلون الجسد إلى اللحد ألقيت من خارج القبر بنظرة
إلى جسدي وأخرى وجهتها إلى الناس . فاقترب أحدهم من جسدي منادياً باسمي ٬ فدنوت منه واستمعت
لكلامه فقد كان مشغولاً بالتلقين .
كنت أسمع كل ما يقول وأردد معه ٬ ما أروعه فقد كان يتلفظ بروية وطراوة ٬ وما إن مضت لحظات حتى
بدأوا بوضع الصخور فوق اللحد ٬ فشعرت بالأذى والأسى لأنهم سجنوا جسدي تحت التراب .






التوقيع :
معكم معكم ياشعب البحرين

رد مع اقتباس
قديم 12-30-2010, 12:57 PM   رقم المشاركة : 2
دفء المشاعر
(يارب عفوك)

 
الصورة الرمزية دفء المشاعر
الملف الشخصي





الحالة
دفء المشاعر غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي رد: كتاب مسير الارواح في البرزخ‎

تأملت مع نفسي من الأفضل أن أنسحب ولا أدخل القبر مع الجسد ٬ ولكن لشدة تعلقي بالجسد جئت إلى جا نب
الجنازة ٬ وفي طرفة عين بدأت الأيدي تهيل التراب على الجسد .
... حل أوان الغربة ...
انتابني السرور لكثرة الذين جاؤوا لمواراة جثماني الثرى ٬ وشعرت بالمتعة لحضورهم وتلاوتهم للقرآن
والصلوات على النبي وآله ٬ ثم أخذ الحاضرون بالانصراف شيئاً فشيئاً ولم يبقى منهم إلا نفر يقدرون بعدد
الأصابع ٬ ولكن لم يمض من الوقت إلا القليل حتى تركوني وحيداً – وهذا مالم أصدقه – ربما لا تتصورون
ما جرى علي في تلك اللحظات ٬ فلم أكن أتوقع منهم هذا الجفاء ٬ أولادي ٬ بناتي ٬ زوجتي وكذلك أصدقائي
المقربين الذين لم أبخل عليهم بالمودة ٬ لكنهم سرعان ما انصرفوا وتركوني وحيد اً! وددت لو أصرخ فيهم :
أين تذهبون ؟ ابقوا معي ٬ لا تتركوني وحيداً ... في تلك الأثناء سمعت منادياً ينادي في الناس : توالدوا
للموت ٬ واجمعوا للفناء وابنوا للخراب ٬ ولكن للأسف فقد كانوا في وادٍ آخر محرومين من الاستماع له ذا
النداء ٬ ولما عرفت أن الناس قد خرجوا من المقبرة ناديتهم : اذهبوا ٬ ولكن اعلموا بأنكم ستنزلون التراب
يوماً صدقتم أم لم تصدقوا ٬ شئتم أم أبيتم ٬ اعلموا فوا لله لا يؤخر الأجل .
بعد كل ذلك الصراخ والعويل رجعت إلى نفسي فوجدت أن كل ما بقي لي هو قبر مظلم موح ش مهول يثير
الغموم ٬ فاستحوذ علي الرهبة ٬ أخذت أفكر مع نفسي : وكأنهم قد قذفوا في فؤادي كل ما في أفئدة أهل
الأرض من غموم وكل مافي الدنيا من قلق ٬ وإنه غم ورعب لو نزل على بدن الإنسان لأهلكه ٬ ونتيجة لذلك
الضغط النفسي بكيت وسالت دموعي ساعات وساعات .
أخذت أ تذكر أعمالي فأدركت قلة بضاعتي ٬ فتمنيت لو عدت مع الذين كانوا قد اجتمعوا على قبري ٬ كي
أقضي عمري بالعبادة وإحياء الليل والأعمال الصالحة وأنفق ما كنت جمعته خلال السنوات الأخيرة من
عمري على الفقراء ٬ ليتني ... ليتني .
وأنا غارق في بحر أفكاري ارتفع صوت من يسار القبر : إنك تتمنى العودة عبثاً ٬ أغلقت صحيفة حياتك !
فرعبت لذلك الصوت في تلك الظلمة وكأن أحداً قد دخل القبر ٬ فسألته بصوت مهزوز : من أنت ؟
فأجاب :
أنا رومان من ملائكة الله ( تعال ى) .
قلت : لعلك عرفت مايدور في ذهني !
قال : نعم .
قلت : أقسم لو تركت ني أعود إلى ذلك العالم لن أعصي الله أبداً وأعمل على كسب رضاه . اليوم حيث انصرف
عني كل من أعرفهم بل وحتى أفراد أسرتي وتركوني ٬ أدركت غدر الدنيا ٬ فاطمئن إذا رجعت إلى الدنيا لن
أغفل لحظة واحدة عن طاعة خالقي وعبادته !
قال : إنها كلمة أنت قائلها ٬ لكن اعلم أن الواقع غير ما تتمناه فلا بد أن تمكث في البرزخ من الآن وحتى
قيام الساعة .
بعد ذلك باشر بإحصاء أعمالي الصالحة والطالحة تلك الأعمال التي ارتكبتها طيلة حياتي وسجلها الكرام
الكاتبين .

عجباً لها من صحيفة تضم حتى أصغر أعمالي صالحها وقبيحها ٬ وفي تلك اللحظات شاهدت أعمالي أمام
عيني .
كنت أفكر بثقل أعمالي وخفتها فبادر ( رومان ) إلى تعليق صحيفة أعمالي في رقبتي بحيث شعرت وكأن جبال
الدنيا كلها علقت في عنقي .
ولما أردت أن أسأله عن السبب في ذلك ٬ قال : كل إنسان يطوق بأعماله .
قلت : وإلى متى يجب أن أتحمل ثقل هذا ا لطوق ؟
قال : لا تقلق ٬ بعد ذهابي سيأتي منكر ونكير للمساءلة ثم تزول هذه المشكلة عنك .
قال رومان ذلك وانصرف .
... مساءلة القبر ...
لم يمض الكثير من الوقت على انصراف رومان تناهت إلى أسماعي أصوات غريبة عجيبة ٬ وأخذت
الأصوات تقترب أكثر فأكثر ويزداد فيّ الرعب والرهبة ٬ حتى وقف أمام عيني شبحان ضخمان مذهلان وبلغ
اضطرابي ذروته لمّا شاهدت في يد كل منهما عموداً ضخماً من حديد يعجز من في الدنيا عن تحريكه ٬ ثم
فهمت أنهما نكير ومنكر .
فتقدم أحدهما مني فصاح صيحة لو سمعها أهل الدنيا لماتوا . وتصورت أن أمري قد انت هى . وبعد لحظات
تكلما وباشرا بالسؤال : من ربك ؟ من نبيك ؟ من إمامك ؟ فتلكأ لساني من شدة الخوف والرعب ٬ وتوقف
عقلي ٬ وبالرغم من أن فهمي وعقلي ازداد عمّا هو في الدنيا مئات المرات لكنه قصُر هنا ... كنت أعلم
بنزول أعمدتهم على رأسي إن لم أُجبهم ٬ ما عساني فاعل ؟ أطرقت برأسي وأخذت بالبكاء وتهيأت لنزول
الضربة .
في تلك اللحظات حيث كنت أتصور أن كل شيء قد انتهى ٬ تعلق فؤادي برحمة الله (تعالى ) وشفاعة
المعصومين ( عليهم السلام ) .
فأخذت أردد : يا أفضل خلق الله وعباده ٬ لقد كنت طيلة عمري أطلب منكم أن تدركوني عندما أحل في قبري
٬ وليس من كرمكم التخلي عني في هذا الحال !
هنا ارتفعت أصوات أولئك بالسؤال . ولم يمض إلا قليل من الوقت حتى استنار قبري ٬ وأصبح نكير ومنكر
أكثر شفقة فسُرّ قلبي واطمأن روحي وانفتح لساني ٬ فأجبتهم بشجاعة وصوت عال : الله ربي ومحمد نبيّ ٬
وعلي وأولاده أئمتي ٬ القرآن كتابي ٬ الكعبة قبلتي .... إلخ ٬ ولقد وددت لو أعادوا السؤال كي أجيبهم بكل
قوة .
وفي الوقت الذي بدا نكير ومنكر رضيا فتحا من تحت قدمي باباً إلى جهنم وقالا : لولا أنك قد أحسنت الجواب
لكان مستقرك هناك . ثم أغلقوا ذلك الباب وفتحوا من أعلى رأسي باباً أطلّت على الجنة فبشروني بالسعادة ٬
ومع هبوب نسيم الجنة امتلأ قبري بالنور واتسع لحدي واسترحت قليلاً .
وهنا انتابتني حالة من السرور العارم والسعادة لخلاصي من ضيق القبر وظلمته
... الحضور عند الغربة ...
لم يستمر سروري لظفري في أول اختبار وسرعان ما زال ٬ وبزواله أدخل فيّ حالة من الشعور بالضيق
والغربة فأخذت أفكر مع نفسي : لقد كان لي في الدنيا الكثير من الأصدقاء والمعارف والأقارب ٬ وكانت لي
بهم علاقة طيبة وحميمة ٬ بيد أن يدي أصبحت صفراً منهم .
يا إلهي ! كيف أتحمل الغربة في هذه اللحظات العصيبة الق اسية ؟! وهل سيستمر همُّ الغربة مسيطراً عليّ في
هذا العالم ؟ أ طرقت برأسي وأخذت أبكي دون اختيار مني ٬ وما هي إلا لحظات حتى تناهى إلى مشامّي عطر
طيب للغاية ٬ وأخذ يزداد ويزداد
وفي الوقت الذي كان كتابي يثقل كاهلي رفعت رأسي بصعوبة فشاهدت رجلاً يقف أمامي فأدهش ني وجوده ٬
لقد كان شاباً حسن الوجه طيب الأخلاق ٬ فمسح الدموع من عينيّ بيده وابتسم لي .
فبادرت بالسلام تعبيراً عن تأدبي أمامه وجلست على ركبتي أنظر مدهوشاً إلى عينيه وأردد : تبارك الله
أحسن الخالقين . ثم سألته بصوت واضح :
من أنت حتى جئت تسليني وتصحبني في هذه اللحظات المليئة بالغربة والاضطراب؟
فأجاب مبتسماً :
لست غريباً ٬ وهذه الديار تعرفني حيث أكون قريناً ورفيقاً ومؤنساً في هذا الطريق الخطير .
قلت : إنه الفلاح ٬ ولكن من أنت ؟ لا شك أنك غريب على أهل ذلك العالم ٬ فلم أرَ مثلك جمالاً مدى حياتي .
فقال و لم تزل تلك الابتسامة مطبوعة على شفتيه : الحق معك أن لا تعرفني ! فلقد كنت في ذلك العالم قليلاً ما
تهتم بي . فأنا ثمرة أعمالك الصالحة وها أنت تراني بهذه الهيئة . اسمي ( حسن ) وأنا الذي آخذك بيدك في
هذا الطريق الخطير .
حضور الذنب
ثم أمرني – يعني ( حسن ) أ
ن أسلمه كتابي بيدي اليمنى . فناولته إياه وقلت : لك جزيل شكري وتقديري
لأنك أنقذتني من غربتي وسترافقني وتواسيني في رحلتي هذه .
قال : : سوف لن أدعك وحيداً ما استطعت ٬ إلا ....
تغير لون وجهي فسألته مرعوباً :وماذا ؟
قال : إلا أن يتغلب عليّ ذلك القادم فتبقى أنت وهو !
سألته : ومن ذاك ؟
قال : إن كل ما أعرفه هو إنك سلّمتني صحيفة أعمالك اليمنى أما صحيفة أعمالك التي في الشمال فهي ما
زالت معلقة في عنقك ولا تدع شيئاً إلا أحصته . وهنالك شخص آخر اسمه ( الذنب ) سيستلمها منك ٬ فإذا ما
تغلب عليّ ستكون رفيقه حينذاك ٬ وإلا فإنني سأرافقك على مدى هذا الطريق المحفوف بالمخاطر .
قلت : سأعطيه الصحيفة مباشرة حتى يذهب ٬ قال ( حسن ) : إنه نتيجة أعمالك القبيحة وخطاياك ويحب






التوقيع :
معكم معكم ياشعب البحرين

رد مع اقتباس
قديم 12-30-2010, 12:58 PM   رقم المشاركة : 3
دفء المشاعر
(يارب عفوك)

 
الصورة الرمزية دفء المشاعر
الملف الشخصي





الحالة
دفء المشاعر غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي رد: كتاب مسير الارواح في البرزخ‎

البقاء عندك .
كنا مسترسلين في الحديث وإذا بي أشعر برائحة كريهة للغاية زعجني . قد ملأت تلك الرائحة الأجواء
وقطعت علينا حديثنا ٬ وبرز في قبري شبح قبيح وكريه .
ومن شدة هلعي التجأت ب ( حسن ) وتعلقت به بقوة ٬ هنا أمسك الذنب
– بعنقي بيديه القذرتين الوسختين
وأخذ يزمجر مقهقهاً : إنني سعيد يا صاحبي .... وواصل قهقهته بصوت عال ٬ فاستحوذ عليّ الرعب
والخوف وعقد لساني عن الكلام واشتدت ضربات قلبي حتى فقدت الوعي ٬ ولما أفقت وجدت رأسي في
أحضان ( حسن ) ولكنني بمجرد رؤيتي لوجه حسن الملطخ بالدماء هيمن على فؤادي الحزن حيث تصورت
أن ذلك الشبح القذر – الذنب – قد انتصر عليه وقهره ٬ لكن ( حسن ) كان يعلم بما يدور في قلبي ٬ نظر إليّ
وقال بهدوء : لا تحزن ٬ فبعد صراع وجدل شديد أعطيته كتابه وأبعدته عنك حتى حين .
ثم نهضت متكئاً على كتف ( حسن ) والدموع تترقرق في أحدا قي ٬ وقلت : إنني أود أن تبقى إلى جانبي إلى
الأبد ٬ لقد أزعجني ذلك الشبح الكريه ٬ والغربة بالنسبة لي أفضل بكثير من المكوث إلى جانبه ٬ فإذا ما
جاورني الذنب سأعيش الاضطراب .
قال ( حسن ) : له الحق في أن يجاورك فهذا ما أردته أنت .
قلت له متعجباً : إنني لم أدعه أبداً .
قال : على أية حال ٬ أعمالك الطالحة وذنوبك هي التي جعلته يكون هكذا ولابد لك أن تراه مرة أخرى إلى
جانبك .
فاع تراني الخجل لما قاله ( حسن ) واضطربت بشدة ٬ ثم سألته مرتعداً : متى وأين ؟
قال : ربما في الطريق الذي نسلكه .
قلت : أي طريق ٬ أي مسير ؟
قال : في ضوء ما بشرك به منكر ونكير فإن مستقرك في بقعة تقع في وادي السلام . وعليك الاستعداد
للرحيل إلى هناك .
قلت : وأ ين يقع وادي السلام ؟
قال : هو مكان يتمنى كل مؤمن أن يبلغه ٬ ولا بد لك من العبور من وادي برهوت كي تتطهر في الطريق من
كل درن وخبث : وذلك من خلال المشقات والصعاب التي ستتجرعها حيث تذوب خطاياك ٬ فتبلغ مقصدك
بسلام .
قلت : وما هو برهوت ؟
قال : إنه مكان يست قر فيه الكافرون والظالمون وفيه يذوقون عذاب البرز خ.
... وادي برهوت ...
خرجنا من القبر وكان ( حسن ) يتقدمني وأنا أتابعه على بعد مسافة قليلة ٬ ولم يدع لي الخوف والرهبة
لحظة أعيش فيها بأمان ٬ وكلما تقدمنا يزداد المكان انفتاحاً وتصبح المناظر أكثر دهشة .
ثم طلبت من ( حسن ) أن لا يبتعد عني وأن يكون معي جنباً لجنب وقدماً لقدم وأن ينقل خطواته بهدوء .
فتوقف ( حسن ) وقال : لقد أودعوك عندي كي أؤنسك وأعينك حتى تصل وادي السلام بسلام ٬ لهذا فإني
أسير أمامك قليلاً لتعرف الطريق جيداً .
وتوقف هنيئة ثم واصل كلامه ق ائلاً : بطبيعة الحال إذا ما استطاع الذنب من خديعتك أو أجبرك على مرافقته
فإننا سنصل متأخرين لا محالة .
منذ ذلك الحين ازداد اضطرابي وأخذ يتصاعد عندي احتمال ظهور الذنب من جديد .
لقد قطعنا الطريق رغم ما اعترضنا خلاله من مشاكل حتى وصلنا جبلاً استطعنا بصعوبة بالغة الصعود إلى
قمته ٬ وعلى مرأى منا يبدو وادي مترامي الأطراف وأجواؤه قد ملئت دخاناً ونيراناً .
نظر إليّ ( حسن ) وقال : هذا هو وادي برهوت وأنت ترى الآن مشهدا منه فقط .
فأمسكت ب ( حسن ) وقلت : إنني أخاف هذا الوادي . لنسلك طريقاً أكثر أماناً منه .
توقف ( حسن ) وقال : هذا هو طريق عبورك . ولكن لن أتركك ما استطعت وسأقوم بإعانتك عند مواضع
الخطر .
قللت كلمات ( حسن ) من اضطرابي وخوفي نوعاً ما ٬ ولكن لازلت أشعر بالقلق في داخلي .
خيم الصمت علينا للحظات ٬ توجهت بعدها ل ( حسن ) وقلت له : ألا يوجد طريق أكثر أم اناً من هذا الطريق
؟
أدار بوجهه نحوي وقال : من الأفضل أن تعلم أن الناس جميعاً سواء المؤمنون أو الكافرون لا بد لهم من
العبور يوم القيامة على جسر يسمى ( الصراط ) يشرف على النار ٬ فمن استطاع العبور بسلام دخل الجنة
وإلا فإن أدنى زلة ستؤدي إلى قعر جهنم ٬ وفي عالم البرزخ صورة من الجنة والنار فقط ولا يمكن مقارنته
بيوم القيامة العظيم ٬ ووادي برهوت يشابه الصراط في يوم القيامة ولا بد من العبور عليه حتى بلوغ وادي
السلام بسلام بكل جدارة ٬ ولكن الويل للمثقلين ومن أحاط بهم العذاب أو التيه على أقل تقدير .
فكرت قليلاً وقلت : لا حيلة أمامي .... علينا المسير على بركة الله . توجهنا نحو تلك الصحراء الشاسعة ٬
وكلما أمعنا في المسير تأخذ حرارة الجو بالتزايد ولما وصلنا سطح الأرض ضاق نفَسي فطلبت من ( حسن )
التوقف للاستراحة لكنه رفض وواصل الطريق وقال لي : أمامنا طريق طويل وخطير فلا تضيع الوقت ٬ فكلما
أسرعنا في مسيرنا استطعنا الخلاص أسرع .
قلت : أنا لا أستطيع فقد أنهكتني شدة الحرارة ٬ وفي تلك الحال حيث العرق يتصبب من رأسي ووجهي ٬
سقطت على الأرض فسقاني ( حسن ) جرعة من الماء الذي كان معه ٬ وفي الوقت الذي كان لم يزل يئن من
جروحه رف عني ووضعني على ظهره وواصل الطريق .
هنا أصابني الخجل والسرور في آن واحد لأنه لم يتركني لوحدي رغم ما به من جروح وأخذ يواسيني
كصديق حميم .
... ضربة واحدة ...
ونحن نسير في طريقنا لفت انتباهي صوت رهيب ٬ فنظرت نحو الجانب الأيسر من الصحراء ٬ فذعرت لما
شاهدت مما دفعني إلى أن ألقي بنفسي من أعلى كتف ( حسن ) ودون اختيار مني احتميت به .
كان هناك شخصان عظيمي الجثة أسودين تتطاير من فمهما وأنفيهما النيران والدخان وشعرهما يخط الأرض
يحمل كل منهما عموداً ضخماً من حديد .
اضطربت وقلت ل ( حسن ) : من هؤلاء ؟! ربما يتوجه ان نحونا !
تبسم ( حسن ) وقال : لا تخف ٬ فهؤلاء نكير ومنكر متوجهان نحو كافر جاء لتوه من الدنيا ليسألاه كما
سألاك ٬ قلت : هؤلاء أكثر قبحاً . قال : إنهما مشغولان مع كافر الآن .
مضى قليل من الوقت فسمعت صوت سقوط شيء ما هز الأرض تحت أقدامي ٬ ولما سألت ( حسن ) عن
السبب أجاب أنها ضربة نزلت على ذلك الكافر .
من الآن فصاعداً ستسمع الكثير من هذه الأصوات التي تهز الأرض .
... وادي سحيق ...
اتخذ ( حسن ) طريقه من أعلى القمم وأحياناً بين أودية صغيرة وطويلة حتى وجدت نفسي على شفا وادٍ
سحيق وعظيم .
سألت ( حسن ) : هل ع لينا العبور من هذا الوادي ؟
قال : نعم . وإن العبور يستغرق وقتاً طويلاً فعليك الإسراع .
نظرت إلى قعر الوادي مرعوباً ٬ لقد كان عميقاً بحيث لا يرى قعره عدت إلى ( حسن ) وقلت له : إنك
صديقي ورفيقي فلماذا تؤذيني ؟! قال : وكيف ذاك ؟ قلت : وهل حقاً لا يوجد طريق آخر أكثر أمناً من هذا
الوادي ؟!
مسح ( حسن ) على رأسي بيده وقال : طريق العبور في هذا الوادي كثيرة ٬ لكن لكل معبره الذي لابد أن
يجتازه .
قلت منزعجاً : وهل هذا استحقاقي أن أعبر من مكان بحيث تعذبني النيران والدخان من الأعلى ٬ ومن
الأسفل القمم والأودية السح يقة ؟ فتبسم ( حسن ) وقال : اعلم يا صديقي إن هذا العذاب ما هو إلا مردود
أعمالك القبيحة في الدنيا وإذا لم تتحمل ذلك في هذا الطريق لن تصل إلى وادي السلام أبداً ٬ فقد سجل عليك
أدنى قبيح عملته في الدنيا وهذا جزاؤه .
ونظراً لما تعتريني من لهفة لوصول وادي الس لام فقد أذعنت لمواصلة الطريق بهدوء وأخذت بالمسير خلف
( حسن ) داخل ذلك الوادي .
انهمكنا في المسير داخل الوادي و لم يلح بالأفق ما يدل على انتهائه ٬ وكنت أفكر في أن عمق الوادي دليل
على عظمة ذنوبي .... هنا انتبهت إلى نفسي حين سماعي لصوت انهيار الأحجار من أعلى الوادي .
فالتحقت ب ( حسن ) فوراً كي يعينني إذا واجهتني مشكلة . كنت مضطرباً مرعوباً تكاد عيوني تخرج من
أحداقي ٬ فشاهدت رجلاً يسقط مع أحجار صغيرة وكبيرة إلى قعر الوادي .
فأشار إلي ( حسن ) وقال : لا تنظر إلى الأسفل بل انظر إلى أعلى الوادي ٬ نظرت إلى أعلى الوادي فشاهدت
شبحاً ضخماً أسوداً يضحك بصوت عالٍ قف على أعلى الوادي .
قال ( حسن ) : هذا الشبح هو ذنوب ذلك الرجل الذي سقط ٬ ولقوتها فقد تغلبت على حسناته فألقتها في قعر
الوادي . هنا وضع ( حسن ) يده على كتفي وقال : هذه عاقبة اتباع الهوى .
لما سمعت هذا الك لام استحوذ علي الخوف من ذنوبي وإمكانية غلبتها علي في أية لحظة .
بعد قطعنا لطريق طويل وصلنا أخيراً إلى نهاية الوادي ٬ شاهدت ذلك الرجل ملقى على الأرض وكان رفيقه –
أي حسن – ضعيفاً وواهناً بحيث أنه كلما حاول حمله على كتفه لم يستطع .
طلبت من ( حسن ) أن يساعده فاعتذر قائلاً : إنني مكلف بمرافقتك .(( ولا تزر وازرة وزر أخرى )) فاطر
۱۸
قلت : لكننا كنا في الدنيا يعين بعضنا البعض !
قال ( حسن ) : في هذا العالم كل يتحمل وزر أعماله ٬ ولست أشفع له إذا استحق الشفاعة ٬ وعليك الدعاء
أن يكون من محبي أهل البيت ( ع ) عسى أن تناله شفاعته م.
حركت رأسي متحسراً ودعوت أن يكون كذلك .
ربما استغرق قطعنا للطريق ساعات طوال من ساعات الدنيا حتى وصلنا طريقا ينتهي إلى الأعلى . هنا التفت
( حسن ) نحوي وقال : استعد للصعود إلى أعلى هذا الوادي الخطير .
ألقيت ببصري نحو الأعلى وكلما نظرت لم أستطع تخمين ما تبقى حتى نهاية الطريق . فأصابني الإحباط
لأنني مضطر لقطع هذا الطريق الطويل ٬ ولكن لا حيلة سوى ذلك من أجل الوصول إلى وادي السلام .
بعد تحمل المشقات والكثير من الصعاب وصلنا أخيراً إلى قمة الوادي . تمنيت أن لا تعترضنا مثل هذه
المعوقات . وبعد ق ليل من الاستراحة واصلنا طريقنا باتجاه وادي السلام
... عذاب ابن ملجم ...
بعد قليل من المسير شاهدت طائراً ضخماً يحلق على مقربة من الأرض ٬ فقال ( حسن ) : أتريد أن تشاهد
منظراً مثيراً ؟
قلت : بالطبع .
قال : حسناً فانظر إلى ما يقوم به هذا الطائر .
حطّ الطائر قريباً من صخرة وألقى بقسم من بدن رجل خارج منقاره ثم طار وعاد بعد قليل ليلقي بقسم آخر
من الجسد وهكذا كررها أربع مرات حتى ظهر هيكل رجل مزعج وقبيح للغاية .
حاولت أن أسأل ( حسن ) لكنه أشار عليّ بالسكوت وأتابع الحدث .
ثم ابتلع الطائر قسماً من جسد ذلك الرجل وطار وكرر ذلك أربعاً حتى لم يبقى أثر للرجل .
التفت إلى ( حسن ) وقلت له : حسناً الآن قل لي ما معنى هذا العمل ٬ ومن كان ذلك الرجل ؟
قال : إنه أشقى الأشقياء عبد الرحمن بن ملجم المرادي وسيبقى في هذا العذاب إلى يوم القيامة .
سألته : ومن أين جاء به هذا الطائر وأين ذهب به ؟
أجاب : مستقره في وادي العذاب .






التوقيع :
معكم معكم ياشعب البحرين

رد مع اقتباس
قديم 12-30-2010, 12:59 PM   رقم المشاركة : 4
دفء المشاعر
(يارب عفوك)

 
الصورة الرمزية دفء المشاعر
الملف الشخصي





الحالة
دفء المشاعر غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي رد: كتاب مسير الارواح في البرزخ‎

سألته مدهوشاُ : وأين هو وادي العذاب ؟
قال : إنه جانب من وادي برهوت يتعذب فيه الكافرون والمنافقون وإني أتمنى أن لا يكون مرورنا منه .
وبدوري تمنيت ذلك وأنا أشعر بالخوف يهيمن على وجودي .
... هدية من الدنيا ...
بعد قطعنا لطريق طويل جداً وصلنا إلى وادٍ خطير ورهيب للغاية . فأصابتني رعدة خوفاً من أن يطل الذنب
مرة أخرى من مكمنه ويداهمني . توقفت وأخذت أفكر بالمصاعب الكثيرة التي كنت ألاقيها في طريقي ٬ عاد
( حسن ) وقال : لِمَ توقفت ؟ هيا تحرك .
قلت : إني أ خاف . قال : لا مفر لك ٬ لابد من السير .
تحركت نحو الأسفل مضطرباً ٬ وما أن سرت خطوات من شفير الوادي نحو الأسفل حتى أطلّ من الجانب
الآخر للوادي مخلوق نوراني له جناح وفي طرفة عين جاء عند ( حسن ) وبعد أن استفسر عن أحوالي
سلّمه رسالة ثم ودّعنا وعاد مسرعاً ٬ وب عد أن قرأ ( حسن ) الرسالة وضعها في صحيفة أعمالي والتفت إليّ
وقال : أبشرك ٬ فسألته مندهشاً : ما الأمر ؟ قال : بعث أهل بيتك وأصدقاؤك بهدية إليك وجاء بها هذا الملك
إليك وسيقلل من همك وغمك بمقدار .
قلت : وكيف ؟ قال ( حسن ) وهو يشير إلى ذلك الوادي الرهيب : س وف لن نعبر من هذا الوادي نتيجة لهذه
الهدية التي هي عبارة عن تلاوة للقرآن الكريم وإقامة مجلس تذكر فيه مصيبة الحسين بن علي ( عليهما
السلام ) والدموع التي أهيلت من أجله .
سررتُ لهذا الخبر ودعوت لهم جميعاً بالمغفرة . ثم عدنا أدراجنا من ذلك الطريق الذي قطعناه وسلكنا طريقاً
أكثر يسراً .
... أودية الارتداد ...
بعد قليل وصلنا معبراً ضيقاً على جانبيه أودية رهيبة ٬ وكأن ( حسن ) كان ينتظر سؤالاً مني فالتفت إليّ
قائلاً : هذه الأودية الموحشة هي أودية الارتداد ويستغرق الوصول إلى قعرها سنوات متمادية من سنيّ الدنيا
٬ وفي قعرها أفران من النار هي صورة لنار جهنم ٬ وأولئك القابعون فيها سيبقون فيها لإلى يوم القيامة .
سيطرت عليّ الرهبة بحيث بركت في مكاني دون وعي مني . فرفعني ( حسن ) من مكاني وقال : ركّز نظرك
عليّ ولا تنظر إلى قعر الوادي أبداً . وهكذا تجرأت على السير في هذا الطريق الموحش .
في غضون ذلك عمّت الوادي صرخة رهيبة فالتفت إلى الخلف فشاهدت رجلاً يسقط إلى قعر الوادي ٬ وفي
وسط صرخاته وعويله الذي هزّ فؤادي ٬ سمعت صوت ذنوبه .
كان ( حسن ) يشاهد المنظر مثلي فقال : إنه تعيس ٬ فقد قطع الطريق إلى هنا بسلام ٬ لكنه سيمكث في قعر
الوادي حتى قيام الساعة . فسألته متعجباً : ولماذا ؟
قال : إنه ارتد بعد سنتين من إيمانه . ثم أخذت أدقق كثيراً في طريقي وكنت أضع قدمي في موطئ قدم (
حسن ) خشية السقوط .
ورغم زلات قدمي أحياناً لكننا قطعنا ذلك الطريق الشاق الصعب بسلام ٬ ووضعنا أقدامنا في طريق ضيّق
كثير المنعطفات تحيط به تلال عالية ومنخفضة
... خدعة ...
كان ( حسن ) يواصل طريقه وأنا أتبعه بكل لهفة ولكن بقلب مضطرب . وصلنا مفترق طريقين فتوجه (
حسن ) نحو اليمين ٬ غير أن يداً سوداء ضخمة كمّت فمي وعينيّ ونتيجة للرائحة الكريهة التي كانت تنبعث
منها عرفت أن ذلك هو الذنب .
حاولت إزاحة تلك اليد السوداء المغطاة بالشعر وحينما أفلحت واجهني شبح ذلك الذنب القبيح .
أصابني الذعر فحاولت الفرار واللحاق ب ( حسن ) غير أن الذنب سحب يديّ بقوة وقال : نسيت عهدك ؟
فأجبته مذعوراً : أي عهدٍ هذا ؟
قال : لقد كن ت في الدنيا تصحبني ٬ وعاهدتني أن نكون معاً في هذا العالم أيضاً .
قلت : إنني لا أعرفك أبداً ٬ قال : إنك تعرفني جيداً لكنك لم تر صورتي ٬ الآن وقد تفتحت رؤيتك أخذت
تشاهدني . قلت : حسناً ٬ ماذا تريد مني الآن ؟ قال : إنني ألاحقكم منذ بداية الرحلة وحتى الآن ٬ و قد حاولت
اللحاق بك في وادي الارتداد فلم أفلح .
قلت وماذا كنت تريد مني هناك ؟
قال : أردت المرور بك من ذلك الوادي .
فصرخت منزعجاً : يعني إنك كنت تريد تكبيلي حتى قيام الساعة !
قال : كلا ! لقد كنت أريد إيصالك إلى مرامك بأسرع وقت ٬ ولكن لا بأس ٬ فإنني أعرف طريقاً سهلاً لا يعرف
به أي شخص آخر .
قلت : وحتى ( حسن ) ؟
قال : كن على ثقة لو كان على علم به لما أخذ بيدك عبر هذا الطريق الصعب ٬ وهنا تذكرت ( حسن ) حيث
تقدمني متصوراً إنني أسير خلفه .
ضاق صدري وطلبت من ( الذنب ) أن يتركني ٬ لكنه في هذه المرة هددني وا حمرت عيناه فأصبحتا كبؤرتي
دم وقال : إما أن تأتي معي أو أعيدك إلى حيث جئت .
لما سمعت هذا الكلام ارتعد بدني واضطررت لمرافقته شريطة أن أتقدمه وهو يدلني من خلفي لأن مجرد
رؤيته كانت تمثل عذاباً بالنسبة لي .
وهكذا تقدمت في الطريق المتجه يساراً وبعد فترة من ا لمسير وصلنا كهفاً كبيراً ٬ دون أن التفت إليه سألت
الذنب : ما العمل ؟
قال : إنك ترى أنه لا طريق آخر أمامنا ولا بد من المرور من داخل الكهف .
دخلت الكهف لكن ظلمته التي تفوق التصور أرعبتني فسمعت صوت الذنب وهو يصرخ : لماذا توقفت ؟
الطريق ممهد ويخلو من الأخطار . واصل طريقك براحة بال .
تقدمت خطوات ثم توقفت ونظرت إلى ما حولي فلم يعد باب الكهف يرى .
كان الظلام يخيّم على كل شيء ٬ رعب عجيب على كياني ٬ فناديت الذنب لكنني لم أسمع جواباً ٬ ثم ناديت
مرعوباً ٬ لكنني لم أسمع سوى صدى صوتي . لم تنفك عني الرهبة والاضطراب ٬ فأدرت رأسي لأرى ما
يحيط بي لعلي أعثر على منفذ للهروب ٬ لكنني لا أعرف أين بداية الكهف ولا نهايته .
جلست متحيراً نادماً غمر قلبي الحزن والألم وبكيت لفراق صديقي الحميم الوفي ( حسن ) وإذا بي في تلك
الأثناء أسمع صوت شخص يمر قد نبهني ٬ ففتحت مسامعي عسى أن أع رف جهة الصوت ٬ فانشرح فؤادي
لعطر ( حسن ) الأخاذ ٬ فترقرقت في عيوني دموع الشوق .
فتحت أذرعي وضممته إليّ مسروراً ورويت له ماجرى لئلا ينزعج مني . فقال ( حسن ) : لما شعرت بعدم
وجودك على أثري رجعت من نقس الطريق وعرفت بالأمر من خلال الرائحة الكريهة التي كانت ت نبعث من
الطريق المتجه نحو اليسار فسرت في نفس الاتجاه لكنني لم أعثر عليك رغم بحثي عنك ٬ حتى وصلت قرب
الغار فشاهدت الذنب ولما رآني ولّى هارباً . حينها عرفت أنه قد خدعك ٬ وعندما دخلت الكهف سمعت عن
بعدٍ صوت بكاء ونحيب فسررت وهرعت نحوك .
.. .التوبة ...
وبعد صمت واصل ( حسن ) : لقد كان هذا الطريق مقدر لك سلفاً لكن جرى استثناؤه وذلك لتوبتك ٬ رغم
محاولات الذنب في إعادتك إلى ذلك الطريق . قلت : كانت توبتي من الذنوب الكثيرة التي أرتكبها صغيرها
وكبيرها . قال : إنه طريق رهيب للغاية كان عليك قطعه لولا توبتك وهو بالإضا فة إلى طوله ومنعطفاته
ومعابره الضيقة والمظلمة ٬ فإنك لا تأمن مافيه من حيوانات وحشية ٬ ثم أخذ ( حسن ) بيدي وقال : هيا بنا
نعود إلى طريقنا السابق .
قطعنا ماتبقى من الطريق حتى وصلنا مكانا فسيحا يشبه المستنقع ولما وضعت قدمي فيه بركت فيه حتى
الركبة . وكان ( حس ن ) يسير بسهولة ٬ فلما رآني تراجع إلى الخلف وطلب مني أن أمسك بيدي على رقبتي
ليعينني . غطست في المستنقع حتى فمي ولم تعد لديّ إمكانية الصراخ وطلب المعونة ٬ وإذا بذلك الملك يطلّ
علينا وناول ( حسن ) حبلا وقال له : هذا الحبل كان هو قد أرسله سلفاً فأعنه كي يتخلص . ذهب الملك
وألقى ( حسن ) بالحبل إلي فاستطعت الإمساك بالحبل والتخلص من تلك الهلكة ٬ ولما تجاوزنا المستنقع
سألت ( حسن ) : ما هو مراد الملك من القول : هذا الحبل كان هو قد أرسله ؟
قال ( حسن ) : لو أنك تتذكر ٬ قبل عشر سنوات من موتك قمت بتشييد مدرسة يتعلم ف يها الأطفال الآن ٬
فخيراتها هي التي أدّت إلى خلاصك من هذه المحنة وحضرت عندك لتنقذك .
أيدت ما قاله ( حسن ) ثم قلت متبختراً : قبل خمس سنوات قمت بتشييد مسجد ٬ فأين أصبحت خيراته ؟
ابتسم ( حسن ) وقال : بما أن بناء المسجد كان رياءً ومن أجل الشهرة وليس في سبيل ا لله فإنك قد تلقيت
الأجر من الناس . قلت : وأي أجر ؟
قال : المدح والثناء من قبل الناس ٬ تذكر ما كان يدور في قلبك حينما كان يمدحك الناس ٬ لقد كنت تقدم
رضاهم على رضى ربك ٬ واعلم أن الله إنما يتقبل الأعمال التي تؤدى لأجله وحسب .
استحوذت عليّ حالة من الحسرة و الندامة من ناحية ٬ ومن ناحية أخرى شعرت بالخجل وأخذت بتوبيخ
نفسي : أرأيت كيف ضيعت أعمالك بالرياء وحب الذات في حين كان باستطاعتها إغاثتك في مثل هذا اليوم ؟
... موكب الشهداء ...
( طوبى لأولئك الذين مضوا شهداء فلا تفكروا بمنزلتهم فإن أفكاركم قاصرة عن بلوغ ذ لك ٬ بل فكروا
بطريقهم وهدفهم ) من خطاب للإمام الخميني قدس سره الشريف
واصلنا سيرنا في وسط صحراء مترامية الأطراف ٬ ولم تخف حرارة الجو أبداً واستولى عليّ الإرهاق ولم
يبق فيّ قدرة على مواصلة الطريق .
في تلك الأثناء سمعت أصواتاً فأدرت برأسي نحو يمين الصحراء ٬ فشاهدت منظراً مثيراً ٬ إذ رأيت مجموعة
من الناس قد اخترقت الصحراء ومضت بسرعة فائقة ولم يخلّفوا وراءهم سوى الغبار ٬ فتوقفت متعجباً
وأخذت أنظر إلى الغبار المتطاير ٬ ثم حركني ( حسن ) فانتبهت على نفسي ٬ وأردت أن أسأله فسبقني (
حسن ) وقال : هل شاهدت المنظر ٬ قل ت : ومن هؤلاء ؟
قال : هؤلاء زمرة من الشهداء .
قلت مذهولاً : الشهداء .
قال : نعم الشهداء .
قلت : وأين يريدون ؟
قال : وادي السلام .
فأدرت برأسي نحو ( حسن ) متعجباً وقلت : وادي السلام !
قال : نعم ٬ وادي السلام .
قلت : لقد ذللنا هذه المسافة الطويلة بما فيها من مشقات ومحن كي نسعد يوماً بالوصول لوادي السلام ٬ وها
أنت تقول أن هؤلاء يتوجهون نحو وادي السلام بهذه السرعة ٬ فهل هنالك فارق بيننا وبينهم ؟
فطبعت ابتسامة على شفتي ( حسن ) وقال :
بين قمري وجرم القمر **** فرقٌ بين السماء والأرض
ثم واصل كلامه : ل قد عبدت الله في الدنيا على عجل فعليك الآن أن تقطع الطريق بمشقة وصعوبة ٬ أين أنت
من الشهداء فالشهيد ذنوبه بمجرد أن تسقط أول قطرة من دمه على الأرض وتذلل له الطريق .
وفي يوم القيامة أيضاً أول من يدخل الجنة الشهداء ٬ فإنهم قطعوا طريق مائة عام في ليلة واحدة ٬ و هاهم
اليوم يقطعون وادي برهوت في طرفة عين .
فغبطت الشهداء على منزلتهم وأخذت أردد : طوبى لهم وحسن مآب
... نيران الحسرة ...
لشدة ما انتابني من حسرة وغم جلست وأخذت أحدث نفسي : أية درجة ومنزلة هذه ؟ منذ مدة وأنا أدور في
هذه الصحراء وواجهت الكثير من العو ائق والمصاعب ولا زلت لم أصل بعد إلى نتيجة .
لكن هؤلاء بلغوا مقصدهم بهذه السرعة ٬ فحقاً طوبى لأولئك الذين مضوا شهداء .
سالت الدموع على وجنتي وبلغت روحي حنجرتي .
بكيت وبكيت بصوت عالٍ حتى أخرجت ما في فؤادي من عقد الدنيا ... لكن الحسرة والغبطة لموكب الشهد اء
بقيت في قلبي ٬ وهل يمحوها البكاء ؟






التوقيع :
معكم معكم ياشعب البحرين

رد مع اقتباس
قديم 12-30-2010, 01:03 PM   رقم المشاركة : 5
دفء المشاعر
(يارب عفوك)

 
الصورة الرمزية دفء المشاعر
الملف الشخصي





الحالة
دفء المشاعر غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي رد: كتاب مسير الارواح في البرزخ‎

تأملت مع نفسي من الأفضل أن أنسحب ولا أدخل القبر مع الجسد ٬ ولكن لشدة تعلقي بالجسد جئت إلى جا نب
الجنازة ٬ وفي طرفة عين بدأت الأيدي تهيل التراب على الجسد .
... حل أوان الغربة ...
انتابني السرور لكثرة الذين جاؤوا لمواراة جثماني الثرى ٬ وشعرت بالمتعة لحضورهم وتلاوتهم للقرآن
والصلوات على النبي وآله ٬ ثم أخذ الحاضرون بالانصراف شيئاً فشيئاً ولم يبقى منهم إلا نفر يقدرون بعدد
الأصابع ٬ ولكن لم يمض من الوقت إلا القليل حتى تركوني وحيداً – وهذا مالم أصدقه – ربما لا تتصورون
ما جرى علي في تلك اللحظات ٬ فلم أكن أتوقع منهم هذا الجفاء ٬ أولادي ٬ بناتي ٬ زوجتي وكذلك أصدقائي
المقربين الذين لم أبخل عليهم بالمودة ٬ لكنهم سرعان ما انصرفوا وتركوني وحيد اً! وددت لو أصرخ فيهم :
أين تذهبون ؟ ابقوا معي ٬ لا تتركوني وحيداً ... في تلك الأثناء سمعت منادياً ينادي في الناس : توالدوا
للموت ٬ واجمعوا للفناء وابنوا للخراب ٬ ولكن للأسف فقد كانوا في وادٍ آخر محرومين من الاستماع له ذا
النداء ٬ ولما عرفت أن الناس قد خرجوا من المقبرة ناديتهم : اذهبوا ٬ ولكن اعلموا بأنكم ستنزلون التراب
يوماً صدقتم أم لم تصدقوا ٬ شئتم أم أبيتم ٬ اعلموا فوا لله لا يؤخر الأجل .
بعد كل ذلك الصراخ والعويل رجعت إلى نفسي فوجدت أن كل ما بقي لي هو قبر مظلم موح ش مهول يثير
الغموم ٬ فاستحوذ علي الرهبة ٬ أخذت أفكر مع نفسي : وكأنهم قد قذفوا في فؤادي كل ما في أفئدة أهل
الأرض من غموم وكل مافي الدنيا من قلق ٬ وإنه غم ورعب لو نزل على بدن الإنسان لأهلكه ٬ ونتيجة لذلك
الضغط النفسي بكيت وسالت دموعي ساعات وساعات .
أخذت أ تذكر أعمالي فأدركت قلة بضاعتي ٬ فتمنيت لو عدت مع الذين كانوا قد اجتمعوا على قبري ٬ كي
أقضي عمري بالعبادة وإحياء الليل والأعمال الصالحة وأنفق ما كنت جمعته خلال السنوات الأخيرة من
عمري على الفقراء ٬ ليتني ... ليتني .
وأنا غارق في بحر أفكاري ارتفع صوت من يسار القبر : إنك تتمنى العودة عبثاً ٬ أغلقت صحيفة حياتك !
فرعبت لذلك الصوت في تلك الظلمة وكأن أحداً قد دخل القبر ٬ فسألته بصوت مهزوز : من أنت ؟
فأجاب :
أنا رومان من ملائكة الله ( تعال ى) .
قلت : لعلك عرفت مايدور في ذهني !
قال : نعم .
قلت : أقسم لو تركت ني أعود إلى ذلك العالم لن أعصي الله أبداً وأعمل على كسب رضاه . اليوم حيث انصرف
عني كل من أعرفهم بل وحتى أفراد أسرتي وتركوني ٬ أدركت غدر الدنيا ٬ فاطمئن إذا رجعت إلى الدنيا لن
أغفل لحظة واحدة عن طاعة خالقي وعبادته !
قال : إنها كلمة أنت قائلها ٬ لكن اعلم أن الواقع غير ما تتمناه فلا بد أن تمكث في البرزخ من الآن وحتى
قيام الساعة .
بعد ذلك باشر بإحصاء أعمالي الصالحة والطالحة تلك الأعمال التي ارتكبتها طيلة حياتي وسجلها الكرام
الكاتبين .

عجباً لها من صحيفة تضم حتى أصغر أعمالي صالحها وقبيحها ٬ وفي تلك اللحظات شاهدت أعمالي أمام
عيني .
كنت أفكر بثقل أعمالي وخفتها فبادر ( رومان ) إلى تعليق صحيفة أعمالي في رقبتي بحيث شعرت وكأن جبال
الدنيا كلها علقت في عنقي .
ولما أردت أن أسأله عن السبب في ذلك ٬ قال : كل إنسان يطوق بأعماله .
قلت : وإلى متى يجب أن أتحمل ثقل هذا ا لطوق ؟
قال : لا تقلق ٬ بعد ذهابي سيأتي منكر ونكير للمساءلة ثم تزول هذه المشكلة عنك .
قال رومان ذلك وانصرف .
... مساءلة القبر ...
لم يمض الكثير من الوقت على انصراف رومان تناهت إلى أسماعي أصوات غريبة عجيبة ٬ وأخذت
الأصوات تقترب أكثر فأكثر ويزداد فيّ الرعب والرهبة ٬ حتى وقف أمام عيني شبحان ضخمان مذهلان وبلغ
اضطرابي ذروته لمّا شاهدت في يد كل منهما عموداً ضخماً من حديد يعجز من في الدنيا عن تحريكه ٬ ثم
فهمت أنهما نكير ومنكر .
فتقدم أحدهما مني فصاح صيحة لو سمعها أهل الدنيا لماتوا . وتصورت أن أمري قد انت هى . وبعد لحظات
تكلما وباشرا بالسؤال : من ربك ؟ من نبيك ؟ من إمامك ؟ فتلكأ لساني من شدة الخوف والرعب ٬ وتوقف
عقلي ٬ وبالرغم من أن فهمي وعقلي ازداد عمّا هو في الدنيا مئات المرات لكنه قصُر هنا ... كنت أعلم
بنزول أعمدتهم على رأسي إن لم أُجبهم ٬ ما عساني فاعل ؟ أطرقت برأسي وأخذت بالبكاء وتهيأت لنزول
الضربة .
في تلك اللحظات حيث كنت أتصور أن كل شيء قد انتهى ٬ تعلق فؤادي برحمة الله (تعالى ) وشفاعة
المعصومين ( عليهم السلام ) .
فأخذت أردد : يا أفضل خلق الله وعباده ٬ لقد كنت طيلة عمري أطلب منكم أن تدركوني عندما أحل في قبري
٬ وليس من كرمكم التخلي عني في هذا الحال !
هنا ارتفعت أصوات أولئك بالسؤال . ولم يمض إلا قليل من الوقت حتى استنار قبري ٬ وأصبح نكير ومنكر
أكثر شفقة فسُرّ قلبي واطمأن روحي وانفتح لساني ٬ فأجبتهم بشجاعة وصوت عال : الله ربي ومحمد نبيّ ٬
وعلي وأولاده أئمتي ٬ القرآن كتابي ٬ الكعبة قبلتي .... إلخ ٬ ولقد وددت لو أعادوا السؤال كي أجيبهم بكل
قوة .
وفي الوقت الذي بدا نكير ومنكر رضيا فتحا من تحت قدمي باباً إلى جهنم وقالا : لولا أنك قد أحسنت الجواب
لكان مستقرك هناك . ثم أغلقوا ذلك الباب وفتحوا من أعلى رأسي باباً أطلّت على الجنة فبشروني بالسعادة ٬
ومع هبوب نسيم الجنة امتلأ قبري بالنور واتسع لحدي واسترحت قليلاً .
وهنا انتابتني حالة من السرور العارم والسعادة لخلاصي من ضيق القبر وظلمته
... الحضور عند الغربة ...
لم يستمر سروري لظفري في أول اختبار وسرعان ما زال ٬ وبزواله أدخل فيّ حالة من الشعور بالضيق
والغربة فأخذت أفكر مع نفسي : لقد كان لي في الدنيا الكثير من الأصدقاء والمعارف والأقارب ٬ وكانت لي
بهم علاقة طيبة وحميمة ٬ بيد أن يدي أصبحت صفراً منهم .
يا إلهي ! كيف أتحمل الغربة في هذه اللحظات العصيبة الق اسية ؟! وهل سيستمر همُّ الغربة مسيطراً عليّ في
هذا العالم ؟ أ طرقت برأسي وأخذت أبكي دون اختيار مني ٬ وما هي إلا لحظات حتى تناهى إلى مشامّي عطر
طيب للغاية ٬ وأخذ يزداد ويزداد
وفي الوقت الذي كان كتابي يثقل كاهلي رفعت رأسي بصعوبة فشاهدت رجلاً يقف أمامي فأدهش ني وجوده ٬
لقد كان شاباً حسن الوجه طيب الأخلاق ٬ فمسح الدموع من عينيّ بيده وابتسم لي .
فبادرت بالسلام تعبيراً عن تأدبي أمامه وجلست على ركبتي أنظر مدهوشاً إلى عينيه وأردد : تبارك الله
أحسن الخالقين . ثم سألته بصوت واضح :
من أنت حتى جئت تسليني وتصحبني في هذه اللحظات المليئة بالغربة والاضطراب؟
فأجاب مبتسماً :
لست غريباً ٬ وهذه الديار تعرفني حيث أكون قريناً ورفيقاً ومؤنساً في هذا الطريق الخطير .
قلت : إنه الفلاح ٬ ولكن من أنت ؟ لا شك أنك غريب على أهل ذلك العالم ٬ فلم أرَ مثلك جمالاً مدى حياتي .
فقال و لم تزل تلك الابتسامة مطبوعة على شفتيه : الحق معك أن لا تعرفني ! فلقد كنت في ذلك العالم قليلاً ما
تهتم بي . فأنا ثمرة أعمالك الصالحة وها أنت تراني بهذه الهيئة . اسمي ( حسن ) وأنا الذي آخذك بيدك في
هذا الطريق الخطير .
حضور الذنب
ثم أمرني – يعني ( حسن ) أ
ن أسلمه كتابي بيدي اليمنى . فناولته إياه وقلت : لك جزيل شكري وتقديري
لأنك أنقذتني من غربتي وسترافقني وتواسيني في رحلتي هذه .
قال : : سوف لن أدعك وحيداً ما استطعت ٬ إلا ....
تغير لون وجهي فسألته مرعوباً :وماذا ؟
قال : إلا أن يتغلب عليّ ذلك القادم فتبقى أنت وهو !
سألته : ومن ذاك ؟
قال : إن كل ما أعرفه هو إنك سلّمتني صحيفة أعمالك اليمنى أما صحيفة أعمالك التي في الشمال فهي ما
زالت معلقة في عنقك ولا تدع شيئاً إلا أحصته . وهنالك شخص آخر اسمه ( الذنب ) سيستلمها منك ٬ فإذا ما
تغلب عليّ ستكون رفيقه حينذاك ٬ وإلا فإنني سأرافقك على مدى هذا الطريق المحفوف بالمخاطر .
قلت : سأعطيه الصحيفة مباشرة حتى يذهب ٬ قال ( حسن ) : إنه نتيجة أعمالك القبيحة وخطاياك ويحب






التوقيع :
معكم معكم ياشعب البحرين

رد مع اقتباس
قديم 12-31-2010, 04:23 PM   رقم المشاركة : 6
حنين الروح
(فقيدة المنتدى إلى رحمه الله)


 
الصورة الرمزية حنين الروح
الملف الشخصي





الحالة
حنين الروح غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي رد: كتاب مسير الارواح في البرزخ‎

/
طــرح آكـثرر من رآإئـع
سلمت يمنآآكـ ع هيـكـ ذوق
يعافيكـ ربي .. لاعدمنآكـ
بإنتظآر جديدكـ بشوق








التوقيع :


إنْ تأسُر اليَومَ كُفوفنَا .. وَ تَذبحَ الأحرارَ بِالوَريدْ
فإنَ فِيْ وَريدِنَا دمٌ .. لا يَرتَقِي مَعَ عِيشَةِ العَبيدْ

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 11:15 AM.


منتديات أبو الفضل العباس
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات أبو الفضل العباس عليه السلام