العودة   منتديات أبو الفضل العباس عليه السلام > ¤©§][§©¤][ المنبر الاسلامي ][¤©§][§©¤ > منتدى أهل البيت عليهم السلام
 
 

منتدى أهل البيت عليهم السلام شذرات من حياة وسيرة المعصومين الأربعة عشر عليهم السلام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 10-02-2008, 12:35 PM   رقم المشاركة : 1
أبو حيدر
يا منصور أمت.


 
الصورة الرمزية أبو حيدر
الملف الشخصي





الحالة
أبو حيدر غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

3 لماذا الجمع بين الصلاتين ؟

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف



لماذا الجمع بين الصلاتين ؟

مقدّمة

اتّفقت المذاهب الإسلامية جميعاً على جواز الجمع بين صلاتي الظهر والعصر في وقت، وبين صلاتي المغرب والعشاء في وقت، ووقع الاختلاف في التفصيل من حيث الشروط والأسباب الداعية إلى الجمع، فمنهم من اقتصر على جوازه في عرفة والمزدلفة، ومنهم من أضاف السفر، وهكذا.

وللأسف نجد أنّ البعض قد اتّهم أتباع مدرسة أهل البيت(عليهم السلام)بأنّهم خالفوا الشريعة، لأنهم حكموا بجواز الجمع بين الصلاتين من غير عذر، والحال أن الأدلة الشرعية عند الفريقين ـ كما سوف نرى ـ تؤكد جوازه.

من هنا سوف نتناول هذه المسألة عند غير الإمامية والأدلة الشرعية التي اعتمدوها لنرى مدى انسجامها مع أصل الشريعة، ومن ثم نلاحظ الموقف الذي تتبناه مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) إزاء هذه المسألة ضمن عدة أُمور:


الأمر الأوّل: أوقات الصلاة


تناول الفقهاء المسلمون مسألة وقت الصلاة، واختلفوا في أن الوقت هل هو شرط لصحة الصلاة؟ أم هو شرط للوجوب؟

يتّجه المذهب الحنفي إلى أنّ دخول الوقت ليس شرطاً من شروط الوجوب، ولا من شروط الصحة، وذلك لأنّهم قالوا: إنّ دخول الوقت شرط لأداء الصلاة، بمعنى أنّ الصلاة لا يصح أداؤها إلاّ إذا دخل الوقت. وبهذا نجدهم متفقون مع غيرهم من المذاهب على أن الصلاة لا تجب إلاّ إذا دخل وقتها، فإذا دخل وقتها خاطبه الشارع بأدائها خطاباً موسعاً، بمعنى إذا فعلها في أوّل الوقت صحّت، وإذا لم يفعلها في أوّل الوقت لا يأثم، فإذا أدرك الصلاة كلّها في الوقت فقد أتى بها على الوجه الذي طلبه الشارع منه وبرئت ذمّته، كما لو أداها في أوّل الوقت أو وسطه، أمّا إذا صلاّها كلّها بعد خروج الوقت فإن صلاته تكون صحيحة، ولكنه يأثم بتأخير الصلاة عن وقتها(1).

فإذا كانت الصلاة لا تصح إلاّ بدخول الوقت سواء قلنا إن الوقت شرط للأداء، أم شرط للصحة أو للوجوب، فما هي الأوقات التي شرعت للصلاة الخمسة عند المذاهب وكيف نعرفها؟

تعرف أوقات الصلاة بزوال الشمس والظل الذي يحدث بعد الزوال، وبه يعرف وقت الظهر ودخول وقت العصر، ثم مغيب الشمس ويعرف به وقت المغرب، ثم مغيب الشفق الأحمر أو الأبيض على رأي، ويعرف به دخول وقت العشاء ثم البياض الذي يظهر في الأُفق ويعرف به وقت الصبح(2).

أما أوقات الصلاة الخمسة في مذهب أهل البيت(عليهم السلام)فمستندها ما جاء عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «أتى جبرائيل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأعلمه مواقيت الصلاة، فقال صلِّ الفجر حين ينشقّ الفجر، وصلّ الأُولى إذا زالت الشمس، وصلِّ العصر بعيدها، وصلِّ المغرب إذا سقط القرص، وصلِّ العتمة إذا غاب الشفق. ثم أتاه من الغد، فقال: أسفر بالفجر فأسفر، ثم أخّر الظهر حين كان الوقت الذي صلّى فيه العصر، وصلّى العصر بعيدها، وصلّى المغرب قبل سقوط الشفق، وصلّى العتمة حين ذهب ثلث الليل، ثم قال: ما بين هذين الوقتين وقت»(3).

وبهذا تكون أوقات الصلاة الخمسة المفروضة ثلاثة، وقت لفريضتي الظهر والعصر مشتركاً بينهما، ووقت لفريضتي المغرب والعشاء على الاشتراك بينهما، وثالث لفريضة الصبح خاصة، قال تعالى: (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إنّ قرآن الفجر كان مشهوداً)(4).

قال الفخر الرازي ـ بعد أن أنهى بيانه لمعنى الدلوك والغسق في الآية الكريمة ـ: (فإن فسّرنا الغسق بظهور أوّل الظلمة كان الغسق عبارة عن أوّل المغرب، وعلى هذا التقدير يكون المذكور في الآية ثلاثة أوقات: وقت الزوال، ووقت أوّل المغرب، ووقت الفجر، وهذا يقتضي أن يكون الزوال وقتاً للظهر والعصر، فيكون هذا الوقت مشتركاً بين هاتين الصلاتين، وأن يكون أوّل المغرب وقتاً للمغرب والعشاء، فيكون هذا الوقت مشتركاً أيضاً بين هاتين الصلاتين، فهذا يقتضي جواز الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء مطلقاً، إلاّ أنّه دلّ الدليل على أن الجمع في الحضر من غير عذر لا يجوز، فوجب أن يكون الجمع جائزاً بعذر السفر وعذر المطر وغيره)(5).

قال العلاّمة الحلّي: إنّ لكلّ من الظهر والعصر وقتين: مختص ومشترك، فالمختصّ بالظهر من زوال الشمس الى قدر أدائها، وبالعصر قدر أدائها في آخر الوقت، والمشترك ما بينهما، وللمغرب والعشاء وقتين، فالمختص بالمغرب قدر أدائها بعد الغروب، وبالعشاء قدر أدائها عند الانتصاف، والمشترك ما بينهما، فلا يتحقق معنى الجمع عندنا، أما القائلون باختصاص كل من الظهر والعصر بوقت، وكذا المغرب والعشاء، فإنّه يتحقق هذا المعنى عندهم(6).

الأمر الثاني: حكم الجمع وأسبابه عند المذاهب

فإذا عرفنا أوقات الصلاة الخمسة على وجه التفصيل، وعرفنا ما هو الوقت المختص منها والمشترك، لنسأل: ما هو الحكم الشرعي في الجمع بين الصلاتين، صلاة الظهر والعصر في وقت، وصلاة المغرب والعشاء في وقت؟

لقد اتّفقت جميع المذاهب، على جواز الجمع بين الظهر والعصر في عرفة، وفي المزدلفة بين المغرب والعشاء.

ويتّفق المذهب المالكي والشافعي والحنبلي من غير الحنفية في جواز الجمع بوجود عذر المطر والطين والمرض والخوف وغيرها من الأعذار، ويختلف الفقهاء الثلاثة بالجمع عند السفر على تفصيل فيما بينهم.

قالت الشافعية: إن أسباب الجمع هي السفر، والمرض والمطر والطين مع الظلمة في آخر الشهر، ووجود الحاج بعرفة أو مزدلفة. والمراد بالسفر مطلقه سواء كان مسافة قصر أو لا. ويشترط أن يكون غير محرّم ولا مكروه، فيجوز لمن سافر سفراً مباحاً أن يجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم بشرطين، أحدهما: أن تزول عليه الشمس حالة نزوله بالمكان الذي ينزل فيه المسافر للاستراحة، ثانيهما: أن ينوي الارتحال قبل دخول وقت العصر والنزول للاستراحة مرة أُخرى بعد غروب الشمس، فإن نوى النزول قبل اصفرار الشمس صلّى الظهر قبل أن يرتحل، وأخّر العصر وجوباً حتى ينزل، لأنّه ينزل في وقتها الاختياري فلا داعي لتقديمها...

والشافعية قالوا: يجوز الجمع بين الصلاتين المذكورتين جمع تقديم أو تأخير للمسافر مسافة القصر بشرط السفر، ويجوز جمعها جمع تقديم بسبب نزول المطر ووضعوا لجمع التقديم شروطاً.

وقالت الحنابلة: الجمع المذكور بين الظهر والعصر، أو المغرب والعشاء تقديماً أو تأخيراً مباح وتركه أفضل، وإنّما يُسن الجمع بين الظهر والعصر تقديماً بعرفة، وبين المغرب والعشاء تأخيراً بالمزدلفة، ويشترط في إباحة الجمع أن يكون المصلّي مسافراً سفراً تقصر فيه الصلاة، أو يكون مريضاً تلحقه مشقة بترك الجمع، أو تكون امرأة مرضعة أو مستحاضة، فإنّه يجوز لها الجمع دفعاً لمشقة الطهارة عند كل صلاة، ومثل المستحاضة المعذور كمن به سلس بول، وكذا يباح الجمع المذكور للعاجز عن الطهارة بالماء أو التيمم لكل صلاة، وللعاجز عن معرفة الوقت كالأعمى أو الساكن تحت الأرض، وكذا يباح الجمع لمن خاف على نفسه أو ماله أو عرضه، ولمن يخاف ضرراً أن يلحقه بتركه في معيشته، وفي ذلك سعة للعمال الذين يستحيل عليهم ترك أعمالهم.

وهذه الأُمور كلّها تبيح الجمع بين الظهر والعصر، أو المغرب والعشاء تقديماً وتأخيراً، ويباح الجمع بين المغرب والعشاء خاصة، بسبب الثلج والبرد والجليد والوحل والريح الشديدة الباردة والمطر الذي يبلّ الثوب، ويترتب عليه حصول مشقة، لا فرق في ذلك بين أن يصلّي بداره أو بالمسجد ولو كان طريقه مسقوفاً، والأفضل أن يختار في الجمع ماهو أهون عليه من التقديم أو التأخير، فإن استوى الأمران عنده فجمع التأخير أفضل، ويشترط لصحة الجمع ، تقديماً وتأخيراً أن يراعي الترتيب بين الصلوات(7).

وقالت الحنفية: لا يجوز الجمع بين الصلاتين في وقت واحد، لا في السفر ولا في الحضر بأيّ عذر من الأعذار، إلاّ في حالتين :

الأُولى: جمع تقديم وله شروط:

1 ـ أن يكون ذلك يوم عرفة.

2 ـ أن يكون محرماً بالحجّ.

3 ـ أن يصلّي خلف إمام المسلمين.

4 ـ أن تكون صلاة الظهر صحيحة، فإن ظهر فسادها وجبت إعادتها، ولا يجوز له في هذه الحالة أن يجمع معها العصر، بل يصلّي العصر إذا دخل وقته.

الثانية: يجوز جمع المغرب والعشاء جمع تأخير في وقت العشاء، بشرطين:

1 ـ أن يكون ذلك بالمزدلفة.

2 ـ أن يكون محرماً بالحج(8).

أما ابن تيمية فأجاب عندما سُئل عن هذه المسألة، بقوله: (يجوز الجمع للوحل الشديد والريح الشديدة الباردة في الليلة الظلماء ونحو ذلك، وإن لم يكن المطر نازلاً في أصح قولي العلماء، وذلك أولى من أن يصلّوا في بيوتهم، بل ترك الجمع مع الصلاة في البيوت بدعة مخالفة للسنّة، إذ السنّة أن يصلّي الصلوات الخمسة في المساجد جماعة، وذلك أولى من الصلاة في البيوت باتفاق المسلمين، والصلاة جمعاً في المساجد أولى من الصلاة في البيوت مفرقة، باتّفاق الأئمة الذين يجوزون الجمع، كمالك والشافعي وأحمد ، والله تعالى أعلم)(9).

وفي هذه الفقرة من البحث نتابع الروايات التي نقلتها كتب الصحاح والتي تؤكد جواز الجمع في الحضر من غير علّة.

الأمر الثالث: الصحاح تؤكد جواز الجمع مطلقاً

1 ـ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: (صلّى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الظهر والعصر جميعاً والمغرب والعشاء جميعاً في غير خوف ولا سفر)(10).

2 ـ عن جابر بن زيد عن ابن عباس، قال: (صلّيت مع النبي ثمانياً جميعاً)(11).

3 ـ عن جابر بن زيد عن ابن عباس: (إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلّى بالمدينة سبعاً وثمانياً الظهر والعصر والمغرب والعشاء)(12).

4 ـ وعن عبد الله بن شقيق، قال: خطبنا ابن عباس يوماً بعد العصر حتى غربت الشمس، وبدت النجوم وجعل الناس يقولون: الصلاة الصلاة، قال: فجاءه رجل من بني تميم لا يفتر ولا ينثني: الصلاة الصلاة، قال: فقال ابن عباس: أتُعلّمني بالسنّة لا أُمّ لك؟ ثم قال: (رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء)، قال عبد الله بن شقيق: فحاك في صدري من ذلك شيء فأتيت أبا هريرة فسألته فصدّق مقالته(13).

وفي رواية اُخرى قال ابن عباس: (لا اُمّ لك أتُعلّمنا بالصلاة؟! كُنّا نجمع بين الصلاتين على عهد رسول الله)(14).

5 ـ وعن ابن عباس: (صلّى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الظهر والعصر جميعاً بالمدينة في غير خوف ولا سفر). قال أبو الزبير فسألت سعيداً لِمَ فعل ذلك؟ فقال: سألت ابن عباس كما سألتني. فقال: (أراد أن لا يحرج أحداً من أُمّته)(15).

6 ـ وعن ابن عباس أيضاً ، قال: (جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر)(16).

وفي حديث أبي معاوية قيل لابن عباس: (ما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أُمّته)(17).

7 ـ وعن معاذ بن جبل قال: (جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في غزوة تبوك بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء). قال: فقلت ما حمله على ذلك؟ فقال: (أراد أن لا يحرج أُمّته)(18).

واختار البخاري في صحيحه جملة من الروايات التي تصرّح بالجمع وذكرها تحت باب: «تأخير الظهر والعصر» من كتاب «مواقيت الصلاة».

عن جابر بن زيد عن ابن عباس: (إن النبي (صلى الله عليه وآله) صلّى بالمدينة سبعاً وثمانياً الظهر والعصر، والمغرب والعشاء)، فقال أيوب: لعلّه في ليلة مطيرة، قال: عسى(19).

وعلّق السيد شرف الدين على التذييل الأخير على الرواية بقوله: (إنّ يتّبعون إلاّ الظن).

وعن عمرو بن دينار، قال: سمعت جابربن زيد عن ابن عباس، قال: (صلّى رسول الله (صلى الله عليه وآله) سبعاً جميعاً وثمانياً جميعاً)(20).

وأرسل في باب ذكر العشاء والعتمة عن ابن عمر وأبي أيوب وابن عباس: (إنّ النبي (صلى الله عليه وآله)صلّى المغرب والعشاء ـ يعني جمعهما ـ في وقت إحداهما دون الأُخرى)(21).

ويؤيده ما عن ابن مسعود، إذ قال: (جمع النبي (صلى الله عليه وآله) ـ يعني في المدينة ـ بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء، فقيل له في ذلك، فقال: صنعت هذا لئلاّ تحرج أُمّتي)(22).

الأمر الرابع: شراح مسلم والبخاري

يستظهرون من الروايات جواز الجمع في الحضر وقاية من الحرج.

ناقش النووي في شرحه لصحيح مسلم تأويل الروايات سابقة الذكر التي حملت على أُسس مذهبية، وإليك ما نقله عنهم في تعليقه على هذه الأحاديث:

قال: وللعلماء فيها تأويلات ومذاهب، فمنهم من تأوّلها على أنه جمع لعذر المطر. قال: وهذا مشهور عن جماعة من كبار المتقدمين(23).

قال وهو ضعيف برواية ابن عباس: «من غير خوف ولا مطر».

قال: ومنهم من تأوّلها على أنّه كان في غيم فصلّى الظهر، ثم انكشف الغيم وظهر أن وقت العصر دخل فصلاّها فيه .

قال: وهذا أيضاً باطل، لأنّه إن كان فيه أدنى احتمال في الظهر والعصر، فلا احتمال فيه في المغرب والعشاء.

قال: ومنهم من تأوّلها على تأخير الأُولى إلى آخر وقتها فصلاّها فيه، فلمّا فرغ منها دخل وقت العصر فصلاّها فيه فصار جمعه للصلاتين صورياً.

قال: وهذا ضعيف أيضاً أو باطل، لأنّه مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل.

قال: وفِعلُ ابن عباس حين خطب، فناداه الناس الصلاة الصلاة، وعدم مبالاته بهم واستدلاله بالحديث لتصويب فعله بتأخيره صلاة المغرب إلى وقت العشاء، وجمعها جميعاً في وقت الثانية، وتصديق أبي هريرة له وعدم إنكاره، صريح في ردّ هذا التأويل(24).

وهناك ردود لهذا التأويل، كردّ ابن عبد البرّ والخطابي وغيرهما على أن الجمع رخصة، فلو كان صورياً لكان أعظم ضيقاً من الإتيان بكل صلاة في وقتها، لأنّ أوائل الأوقات وأواخرها ممّا لا يدركه أكثر الخاصة فضلاً عن العامة. قالوا: وأيضاً فصريح الجمع رخصته، قول ابن عباس: أراد أن لا يحرج أُمّته، قالوا: وأيضاً فصريح أخبار الجمع بين الفريضتين إنّما هو بأدائهما معاً في وقت إحداهما دون الأُخرى، إمّا بتقديم الثانية على وقتها وأدائها مع الأُولى في وقتها، أو بتأخير الأُولى عن وقتها إلى وقت الثانية وأدائها وقتئذ معاً ، قالوا: وهذا هو المتبادر إلى الفهم من إطلاق لفظ الجمع في السنن كلّها، وهذا هو محل النزاع(25).

قال النووي: ومنهم من تأوّلها فحملها على الجمع لعذر المرض أو نحوه ممّا هو في معناه، قال: وهذا قول أحمد بن حنبل والقاضي حسين من أصحابنا واختاره الخطابي والمتولي والروياني من أصحابنا، وهو المختار في تأويلها لظاهر الأحاديث(26).

وردّ بعض الأعلام هذا التأويل، إذ قال: (وقيل: إن الجمع كان للمرض، وقوّاه النووي، وفيه نظر; لأنّه لو جمع للمرض لما صلّى معه إلاّ من به المرض، والظاهر أنّه (صلى الله عليه وآله) جمع بأصحابه، وبه صرّح ابن عباس في رواية ثابتة عنه. انتهى)(27).

الأمر الخامس: المؤيدات على جواز الجمع مطلقاً

يوجد أكثر من مؤيد بدحض الرأي القائل بعدم جواز الجمع في الحضر منها:

1 ـ إنّ أصحاب الصحاح من غير البخاري فتحوا باباً في صحاحهم ومسانيدهم، بعنوان: (الجمع بين الصلاتين) وذكروا فيه الروايات التي ترخّص الجمع مطلقاً، فيكون دليلاً على جواز الجمع مطلقاً في السفر والحضر مع العذر وبلا عذر(28).

ولو كان غير ذلك لفتحوا باباً مخصوصاً للجمع في الحضر، وباباً مخصوصاً للجمع في السفر، وبما أنّهم لم يفعلوا ذلك، وإنّما سردوا الروايات في باب واحد كان ذلك دليلاً على جواز الجمع مطلقاً. ولا يعارض من أن البخاري لم يسلك هذا الطريق في صحيحه، لأنّه يكفي التزام الباقين من أصحاب الصحاح هذا المنهج كمسلم والترمذي والنسائي وأحمد بن حنبل وشراح مسلم والبخاري، وأنّ البخاري قد ذكر الأحاديث، إلاّ انّه ذكرها تحت عناوين أُخرى.

2 ـ كانت فتاوى العلماء بعدم جواز الجمع مطلقاً قائمة على أساس التأويلات، لا على أساس ما يستظهر من الروايات.

3 ـ تصريح الصحاح بأنّ العلّة هي مخافة أن لا يكون أحد من الأُمّة في حرج ومشقة، وهذا يعني أن تشريع الجمع إنّما هو للتوسعة ـ بقول مطلق ـ وعدم الإحراج بسبب التفريق، ثم إن الأحاديث التي تتكلم عن الجمع في أثناء السفر لا تختص بمورد السفر، لأن العلّة في هذه الأحاديث مطلقة لا دخل فيها للسفر من حيث كونه سفراً، ولا للمرض والمطر والطين والخوف من حيث هي هي، وإنّما هي كالعام يرد في مورد خاص، فلا يخصص به بل يطرد في جميع مصاديقه(29)، كما سنبيّنه في الأمر السادس بمزيد من التفصيل.

4 ـ العلماء يجوّزون الجمع في الحضر.

قال النووي: وذهب جماعة من الأئمة إلى جواز الجمع في الحضر للحاجة لمن لا يتّخذه عادة، وهو قول ابن سيرين وأشهب من أصحاب مالك، وحكاه الخطابي عن القفال الشاشي الكبير من أصحاب الشافعي وعن أبي إسحاق المروزي وعن جماعة من أصحاب الحديث واختاره ابن المنذر.

قال: ويؤيده ظاهر قول ابن عباس: «أراد أن لا يحرج أُمّته»، إذ لم يعلّله بمرض ولا غيره، والله أعلم!!.

وهذا الكلام قد صرّح به أكثر من واحد من العلماء; كالزرقاني في شرحه للموطأ والعسقلاني والقسطلاني وغيرهما، ممّن علّق على حديث ابن عباس في الجمع بين الصلاتين(30).

يتبع...,






التوقيع :
آخر تعديل أبو حيدر يوم 12-27-2010 في 06:54 PM.

رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 09:43 PM.


منتديات أبو الفضل العباس
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات أبو الفضل العباس عليه السلام