العودة   منتديات أبو الفضل العباس عليه السلام > ¤©§][§©¤][ المنتديات الإداريه ][¤©§][§©¤ > أرشيف أبو الفضل العباس (ع)
 
 

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-31-2014, 03:37 PM   رقم المشاركة : 1
فضيلة المحروس
( عضو جديد )
الملف الشخصي




الحالة
فضيلة المحروس غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

Arrow قطرة الم من عرصات الطفوف

قطرة الم من عرصات الطفوف
بقلم فضيلة المحروس2014/10/31
شهدت واقعة الطف الآبية ليلة الحادي عشر من محرم الحرام عام 61 هـ حدثيين مأساويين ارتكبهما النظام الأموي الآثم بحق عترة الحسين عليه السلام اهتزت لهول مصابهما ملائكة السماء قبل الأرض هما: قتل الإمام الحسين عليه السلام سبط رسول الله صلى الله عليه وآله ، وحرق خيام المخدرات العلويات من عترته الطاهرة وترويع قلوبهن وقلوب أطفالهن .
وفي هذه العشية انطلقت إغاثة لا مثيل لها في التأريخ- الكون من بين أطناب خيام الحسين عليه السلام بقيادة عقيلة الهواشم زينب عليها السلام جسدت فيها كل معاني الوجدان والإباء والإنسانية في دفاعها الأبي عن عترة أخيها الحسين عليه السلام. وصدق من سماها ببطلة كربلاء وكفيلة الأيتام وأم المصائب في هذه الفاجعة الكبرى.
ولا يمكننا أن نلتمس هذه الحقيقة إلا اذا تأملنا عن قرب ماجريات ذلك اليوم العظيم، وكيف كانت فيه حال العقيلة زينب عليها السلامسيما وهي تنظر بأم عينيها الكريمتين إلى جيوش الطاغي عبيد الله بن زياد لعنه الله وجلاوزته الأوباش وهم يتدافعون كالوحوش الضارية على خدر المخدرات والمصونات العفيفاتمن اَل الحسين عليهم السلام لكي يحرقونها ويسلبونها ويقتلون ما تبقى فيها من علويات اوعلويين انتقاما وثأرا لأسلافهم الماضين.
ماذا عسى أن تفعل هذه السيدة الجليلة في تلك الساعات العصيبة بعدما فقدت بعضاً من أطفال أخيها الحسين عليه السلام الذين فرّ بعضهم وضاع في فيافي الصحراء الموحشة، والبعض الأخر منهم مات وسحق تحت أقدام وحوافر الخيول المعتدية التي اعتقدت بفتح مؤزر وغنائم ستنال.
لا يمكننا ان ندرك بأذهاننا القاصرة حجم المسؤولية والمعاناة التي حلّت بأجمعها على كاهل السيدة زينب عليها السلام في هذا الظرف الخطير مع تقدم عمرها وهي تبحث بأبي وأمي عن سبل الأمن والحماية ليتامى أخيها الضعفاء، وقد آلمها وأقلقها ذلك فنال جلّ إهتمامها وستر المخدرات العلويات خاصة وتوفير الرعاية لهن وفق وصية أخيها الحسين عليه السلام قبل استشهاده إذ كان ذلك من أهم وأكبر المواضيع التي شغلت فكر الحسين عليه السلام في أخر ساعات حياته، ما جعله يدّبر ويخطط لهن أفضل السبل والحماية في كربلاء المقدسة قبل استشهاده.
كما ذكر في الروايات المستفيضة ان الإمام الحسين عليه السلام ليلة عاشوراء أمر أن تحاط خيام النساء بالخيام الأخرى وأن تُجعل على شكل هلال ويحفر خلفها خندق ويملأ بالحطب والقصب قدر الإمكان ويشعل بالنيران قبل قيام الحرب كي يسهل حماية المخدرات من جميع الجهات ما عدا جهة واحدة تبقى لمواجهة العدو وهي الجهة الأمامية.
لكنها سقطت في الأخير في أيدي جيوش يزيد بن معاوية لعنهم الله وسلبت وأحرقت بعدما سقط حاميها وناصرها الإمام الحسين عليه السلام شهيداً على الرمضاء وجميع من معه (قال حميد بن مسلم...، ولما فرغ القوم من النهب والسلب أمرعمر بن سعد بحرق الخيام. فأضرموا الخيم ناراً، ففررن بنات رسول الله من خيمة إلى خيمة، ومن خباء إلى خباء.. كان ذلك بعد أن جاء الأمر (إلى الجند بحرق خيام آل النبيّ صلّى الله عليه وآله فحملوا أقبسة من النار وهم ينادون: أحرقوا بيوت الظالمين). كيف تجرؤوا وطاوعتهم قلوبهم الميتة على حرق خيام حفيدات رسول الله صلى الله عليه وآله، ألا يعلمون إنهم بذلك قد خرقوا أصل الحياء والخدر والعفة والفضيلة!
وكيف لا يتجرؤون على فعل ذلك وقد تنافسا قادة جيشهما منذ الكوفة عمر بن سعد والشمربن ذي الجوشن لعنهما الله على أن من يأتي أولاً برأس الحسين عليه السلام سيستأثر او سيفوز بأغلى واثمن هدايا السلطان والأمير،
فحرق الخيام مع شدة الآمها تعد أخف وطأة من قطع الرأس بعينه والإتيان به!!
وكيف لا يتجرؤون على فعل ذلك وقد تجرأ بالأمس اولاد البغايا من أسلافهم بقيادة عمر بن الخطاب لعنهم الله جميعاً على إضرام النيران وإشعالها في بيت جدتهما الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء عليها السلام كما أشعلوها ايضاً في دور العلويين من آل الرضا عليه السلام كما تحدث التأريخ.
وكيف لا يتجرؤون على فعل ذلك وقد تجرأ الشمر ومن معه في يوم عاشوراء وبكل غلظة ووحشية على إطلاق نفس شعار أسلافه عندما ضرب فسطاط الإمام الحسين عليه السلام برمحه (ونادى: علي بالنار حتى أحرق هذا البيت على أهله، قال: فصاح النساء وخرجن من الفسطاط ، قال: وصاح به الحسين يا بن ذي الجوشن أنت تدعو بالنار لتحرق بيتى على أهلي! حرقك الله بالنار) .
أصبح الجميع من آل الحسين عليهم السلام يفتش في تلك الليلة عن السكون والطمأنينة والأمن والأمان، الذي سلب منهم منذ ان سقط ناصرهم وحاميهم الحسين على العرصات صريعا فلم يجدوه إلا عند عمتهم السيدة زينب عليها السلام، التي تجمعت حولها جميع اليتامى والأرمال والثكالى من نسوة بني هاشم؛ اللآتي فقدن أعز رجالهن وأبناءهن في هذا اليوم
(ففي ساعة الهجوم على الخيام كانت النساء تلجأ إلى السيدة زينب عليها السلام، وتخفي أنفسهن خلفها، وكان الأطفال ـ أيضاً يفزعون إليها ويتسترون وراءها خوفاً من الضرب بالسياط والعصي، فكانت السيدة زينب عليها السلام تحافظ عليهم ـ كما يحافظ الطير على فراخه حين هجوم الصقور على عشه ـ فتجعل جسمها مانعاً من ضرب النساء والأطفال، وقد إسود ظهرها ـ في مدة زمنية قصيرة ـ بسبب الضرب المتوالي على جسمها).
وكأني أرى العقيلة زينب عليها السلام بأبي وأمي، واقفة حائرة حول هذه الخيام المحترقة، وحول مشاهدها المؤلمة، تنظر حيناً إلى ضجة هؤلاء القوم المتمركزة حولهن وحول خيامهن، فتتذكر وصية أخيها الحسين عليه السلام لها في رعاية أطفاله ويتاماه، وهي تشاهدهم في الوقت ذاته بين حوافر الخيول ووسط سياط وضربات الجلادين الملحدين النواصب الذين لا يملكون ذرة من العقل والوجدان. وحيناً تنظر متعجبة إلى شراسة ودنائة هؤلاء القوم وما فعلوه فيهم وإلى قلوبهم الميتة التي تحجرت وأصبحت شتى كالخشب المسندة لا تفقه في الحياة إلا لغة الضرب والنهب والسلب والإهانة بحرم ويتامى آل الحسين عليهم السلام. وتسابق القوم على نهب بيوت آل الرسول، وقرة عين الزهراء البتول، حتى جعلوا ينزعون ملحفة المرأة عن ظهرها!!. وكانت المرأة تجاذب على إزارها وحجابها.. حتى تغلب على ذلك. وخرجن بنات آل الرسول وحريمه يتساعدن على البكاء، ويندبن لفراق الحماة والأحبة.
قالت فاطمة بنت الإمام الحسين عليهما السلام: كنت واقفة بباب الخيمة، وأنا أنظر إلى أبي وأصحابه مجزرين كالأضاحي على الرمال، والخيول على أجسادهم تجول!! وأنا أفكر فيما يقع علينا بعد أبي.. من بني أمية! أيقتلوننا أم يأسروننا؟ فإذا برجل على ظهر جواده، يسوق النساء بكعب رمحه، وهن يلذن بعضهن ببعض، وقد أخذ ما عليهن من أخمرة وأسورةوهن
يصحن: (وا جداه! وا أبتاه! وا علياه! وا قلة ناصراه! واحسيناه أما من مجير يجيرنا؟ أما من ذائد يذود عنا؟ قالت: فطار فؤادي، وارتعدت فرائصي، فجعلت أجيل بطرفييميناً وشمالاً على عمتي أم كلثوم خشيةً منه أن يأتيني.فبينما أنا على هذه الحال وإذا به قد قصدني، ففررت منهزمة، وأنا أظن أني أسلم منه!! وإذا به قد تبعني، فذهلت خشيةً منه، وإذا بكعب الرمح بين كتفي، فسقطت على وجهي، فخرم أذني، وأخذ قرطي ومقنعتي، وترك الدماء تسيل على خدي، ورأسي تصهره الشمس، وولى راجعاً إلى المخيم وأنا مغشي علي!! وإذا بعمتي عندي تبكي، وهي تقول: قومي نمضي، ما أعلم ما جرى على البنات، وعلى أخيك العليل؟
فما رجعنا إلى الخيمة إلا وهي قد نهبت وما فيها. وأخي: علي بن الحسين مكبوب على وجهه، لا يطيق الجلوس من كثرة الجوع والعطش والأسقام، فجعلنا نبكي عليه ويبكي علينا!!..
وعمد أراذل أهل الكوفة، وعبيد بن مرجانة إلى سلب حرائر النبوة وعقائل الوحي، فسلبوا ما عليهن من حلي وحلل، وعمد بعض الأنذال إلى السيّدة اُم كلثوم فسلب قرطيها، وأسرع وغد خبيث نحو السيّدة فاطمة بنت الحسين فانتزع خلخالها وهو يبكي، فقالت له السيّدة: ما لك تبكي؟.
كيف لا أبكي وأنا أسلب ابنة رسول الله صلّى الله عليه وآله.ولمّا رأت ذلك أنكرت عليه، وطلبت منه أن لا يسلبها فأجابها:أخاف أن يأخذه غيري .ولشدة ما وقع في تلك اللحظات الأليمة من إنتهاك حرمات بنات رسول الله صلى الله عليه وآله من قبل جنود بني أمية لعنهم الله وما فعلوه فيهن من خروقات في المخيم الحسيني انتفضت ضدهم جماعات من الطرف الأخر لم تقبل بالوضع المأساوي هذا وكانت منهم امرأة من بني بكر بن وائل جاءت مع معسكر عمر بن سعد لعنهما الله من الكوفة إلى كربلاء المقدسة مع زوجها لقتال الإمام الحسين عليه السلام إلا أنها لم تقوى على تحمل ما رأته من مشاهد مروعة ومناظر أليمة خاصة حينما علت أصوات بنات الرسالة بالعويل والبكاء حينما همّ القوم على إقتحام خيامهن وسلبهن ولم يترحم عليهن أحد أخذت سيفاً وأقبلت نحو الفسطاط (وقالت يا آل بكر بن وائل اتسلب بنات رسول الله لا حكم إلا لله يالثارات رسول الله).
وللأسف الشديد لم تتمكن هذه المرأة من تغير أي شيء يذكر في جماعتها فأخذها زوجها وردها إلى رحله.
وبعدما أرخى الليل سدوله على تلكم الأجساد الطاهرة "أجساد الشهداء" المتناثرة الأشلاء هنا وهناك فوق رمضاء كربلاء، وبعدما سكن صهيل الخيول وأصوات حوافرها التي كانت متسابقة في تلك الليلة الرهيبة على قتل وسحق آل الحسين عليهم السلام، وبعدما استنفذ الأمويون فيهم القوى؛ انتهى كل شيء وصار الجميع يحن إلى الهدوء والسكون والراحة إلا شيء واحد لم يهدأ أبداً وهو صوت آهات الثكالى وأنّات الأرامل ونحيب الأطفال الضعفاء الذين اشتد عزاؤها الحقيقي مع تلكم الساعات العصيبة واستشعروا وحشة وفراق الأحبة من الأبناء والأخوة والأزواج.
وقد (أحدقت السيدات بالإمام زين العابدين عليه السلام وهو بقية الماضين، وثمال الباقين، وهن يتفكرن بما خبأ لهن الغد من أولئك السفاكين. فالفاجعة لم تنته بعد، والظلم ـ بجميع أنواعه- بانتظار آل رسول الله الطيبين الطاهرين، والحوادث المؤلمة سوف تمتد إلى غد وما بعد غد، وإلى أيام وشهور، مما لا بالبال ولا بالخاطر. وسوف تبدأ رحلة طويلة مليئة بالآلام والآهات والدموع. وحكي أن السيدة زينب عليها السلام تفقدت العائلة في ساعة من ساعات تلك الليلة، وإذا بالسيدة الرباب لا توجد مع النساء، فخرجت السيدة زينب ومعها أم كلثوم، وهما تناديان: يا رباب.. يا رباب فسمعها رجل كان موكلاً بحراسة العائلة، فسألها ماذا تريدين؟! فقالت السيدة زينب: إن امرأةً منا مفقودة ولا توجد مع النساء فقال الرجل: نعم، قبل ساعة رأيت امرأة منكم انحدرت نحو المعركة!
فأقبلت السيدة زينب حتى وصلت إلى المعركة، وإذا بها ترى الرباب
جالسة عند جسد زوجها الإمام الحسين عليه السلام وهي تبكي عليه بكاءً شديداً وتنوح، وتقول في نياحتها:
واحسيناه وأين مني حسين أقصـدته أسنة الأدعيـاء
غادروه فـي كربلاء قتيلاً لا سقى الله جانبي كربلاء
فأخذت السيدة زينب عليها السلام بيدها وأرجعتها معها إلى حيث النساء والأطفال . وبعد الهجوم والإحراق بدأت السيدة زينب عليها السلام تتفقد النساء والأطفال، وتنادي كل واحدة منهن بإسمها، وتعدهم واحدةً واحدة، وتبحث عمن لا تجده مع النساء والأطفال!
ولما بدأت السيدة زينب عليها السلام (بجمع العيال والأطفال، لم تجد طفلين منهم، فذهبت تبحث عنهما هنا وهناك، وأخيراً.. وجدتهما معتنقين، فلما حركتهما فإذا هما قد ماتا من الخوف والعطش!!
ولما سمع العسكر بذلك قالوا لا بن سعد: رخص لنا في سقي العيال...)
وذكر أيضاً (... أن طفلين لعبد الرحمن بن عقيل كانا مع الحسين، إسمهما: سعد وعقيل، وأنهما ماتا من شدة العطش ومن الدهشة والذعر، بعد مقتل الإمام الحسين عليه السلام وهجوم الأعداء على المخيم للسلب. وأمهما: خديجة بنت الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام) .
وفي هذا الجو المبكي والوضع المقرح للفؤاد يقول الإمام زين العابدين عليه السلام: فتحت عيني ليلة الحادية عشر من المحرم، وإذا أنا أرى عمتي زينب تصلي نافلة الليل وهي جالسة، فقلت لها: يا عمة أتصلين وأنت جالسة؟ قالت: نعم يا إبن أخي ، والله إن رجلي لا تحملني!!
أما حال الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام فقد بقي طوال هذه الليلة مفتجعاً حزيناً ينوح ويندب على ما حدث في هذه الواقعة الرهيبة، بل قيل إنه بقي على هذه الحال الكئيب طوال حياته الكريمة ولمدة ثلاثين أو أربعين عاماً، يتذكر حيناً مصرع أبيه وحيناً فرار وتشريد عماته وحفيدات رسول الله صلى الله عليه وآله من خدورهن وخبائهن. وقيل عنه (والله ما نظرت إلى عماتي وأخواتي إلاّ وخنقتني العبرة، وتذكّرت فرارهن يوم الطفّ من خيمة ومن خباء إلى خباء . قطرة الم من عرصات الطفوف. بقلم فضيلة المحروس2014/10/31
شهدت واقعة الطف الآبية ليلة الحادي عشر من محرم الحرام عام 61 هـ حدثيين مأساويين ارتكبهما النظام الأموي الآثم بحق عترة الحسين عليه السلام اهتزت لهول مصابهما ملائكة السماء قبل الأرض هما: قتل الإمام الحسين عليه السلام سبط رسول الله صلى الله عليه وآله ، وحرق خيام المخدرات العلويات من عترته الطاهرة وترويع قلوبهن وقلوب أطفالهن .
وفي هذه العشية انطلقت إغاثة لا مثيل لها في التأريخ- الكون من بين أطناب خيام الحسين عليه السلام بقيادة عقيلة الهواشم زينب عليها السلام جسدت فيها كل معاني الوجدان والإباء والإنسانية في دفاعها الأبي عن عترة أخيها الحسين عليه السلام. وصدق من سماها ببطلة كربلاء وكفيلة الأيتام وأم المصائب في هذه الفاجعة الكبرى.
ولا يمكننا أن نلتمس هذه الحقيقة إلا اذا تأملنا عن قرب ماجريات ذلك اليوم العظيم، وكيف كانت فيه حال العقيلة زينب عليها السلامسيما وهي تنظر بأم عينيها الكريمتين إلى جيوش الطاغي عبيد الله بن زياد لعنه الله وجلاوزته الأوباش وهم يتدافعون كالوحوش الضارية على خدر المخدرات والمصونات العفيفات من اَل الحسين عليهم السلام لكي يحرقونها ويسلبونها ويقتلون ما تبقى فيها من علويات اوعلويين انتقاما وثأرا لأسلافهم الماضين.
ماذا عسى أن تفعل هذه السيدة الجليلة في تلك الساعات العصيبة بعدما فقدت بعضاً من أطفال أخيها الحسين عليه السلام الذين فرّ بعضهم وضاع في فيافي الصحراء الموحشة، والبعض الأخر منهم مات وسحق تحت أقدام وحوافر الخيول المعتدية التي اعتقدت بفتح مؤزر وغنائم ستنال.
لا يمكننا ان ندرك بأذهاننا القاصرة حجم المسؤولية والمعاناة التي حلّت بأجمعها على كاهل السيدة زينب عليها السلام في هذا الظرف الخطير مع تقدم عمرها وهي تبحث بأبي وأمي عن سبل الأمن والحماية ليتامى أخيها الضعفاء، وقد آلمها وأقلقها ذلك فنال جلّ إهتمامها وستر المخدرات العلويات خاصة وتوفير الرعاية لهن وفق وصية أخيها الحسين عليه السلام قبل استشهاده إذ كان ذلك من أهم وأكبر المواضيع التي شغلت فكر الحسين عليه السلام في أخر ساعات حياته، ما جعله يدّبر ويخطط لهن أفضل السبل والحماية في كربلاء المقدسة قبل استشهاده.
كما ذكر في الروايات المستفيضة ان الإمام الحسين عليه السلام ليلة عاشوراء أمر أن تحاط خيام النساء بالخيام الأخرى وأن تُجعل على شكل هلال ويحفر خلفها خندق ويملأ بالحطب والقصب قدر الإمكان ويشعل بالنيران قبل قيام الحرب كي يسهل حماية المخدرات من جميع الجهات ما عدا جهة واحدة تبقى لمواجهة العدو وهي الجهة الأمامية.
لكنها سقطت في الأخير في أيدي جيوش يزيد بن معاوية لعنهم الله وسلبت وأحرقت بعدما سقط حاميها وناصرها الإمام الحسين عليه السلام شهيداً على الرمضاء وجميع من معه (قال حميد بن مسلم...، ولما فرغ القوم من النهب والسلب أمرعمر بن سعد بحرق الخيام. فأضرموا الخيم ناراً، ففررن بنات رسول الله من خيمة إلى خيمة، ومن خباء إلى خباء.. كان ذلك بعد أن جاء الأمر (إلى الجند بحرق خيام آل النبيّ صلّى الله عليه وآله فحملوا أقبسة من النار وهم ينادون: أحرقوا بيوت الظالمين). كيف تجرؤوا وطاوعتهم قلوبهم الميتة على حرق خيام حفيدات رسول الله صلى الله عليه وآله، ألا يعلمون إنهم بذلك قد خرقوا أصل الحياء والخدر والعفة والفضيلة!
وكيف لا يتجرؤون على فعل ذلك وقد تنافسا قادة جيشهما منذ الكوفة عمر بن سعد والشمربن ذي الجوشن لعنهما الله على أن من يأتي أولاً برأس الحسين عليه السلام سيستأثر او سيفوز بأغلى واثمن هدايا السلطان والأمير،
فحرق الخيام مع شدة الآمها تعد أخف وطأة من قطع الرأس بعينه والإتيان به!!
وكيف لا يتجرؤون على فعل ذلك وقد تجرأ بالأمس اولاد البغايا من أسلافهم بقيادة عمر بن الخطاب لعنهم الله جميعاً على إضرام النيران وإشعالها في بيت جدتهما الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء عليها السلام كما أشعلوها ايضاً في دور العلويين من آل الرضا عليه السلام كما تحدث التأريخ.
وكيف لا يتجرؤون على فعل ذلك وقد تجرأ الشمر ومن معه في يوم عاشوراء وبكل غلظة ووحشية على إطلاق نفس شعار أسلافه عندما ضرب فسطاط الإمام الحسين عليه السلام برمحه (ونادى: علي بالنار حتى أحرق هذا البيت على أهله، قال: فصاح النساء وخرجن من الفسطاط ، قال: وصاح به الحسين يا بن ذي الجوشن أنت تدعو بالنار لتحرق بيتى على أهلي! حرقك الله بالنار) .
أصبح الجميع من آل الحسين عليهم السلام يفتش في تلك الليلة عن السكون والطمأنينة والأمن والأمان، الذي سلب منهم منذ ان سقط ناصرهم وحاميهم الحسين على العرصات صريعا فلم يجدوه إلا عند عمتهم السيدة زينب عليها السلام، التي تجمعت حولها جميع اليتامى والأرمال والثكالى من نسوة بني هاشم؛ اللآتي فقدن أعز رجالهن وأبناءهن في هذا اليوم
(ففي ساعة الهجوم على الخيام كانت النساء تلجأ إلى السيدة زينب عليها السلام، وتخفي أنفسهن خلفها، وكان الأطفال ـ أيضاً يفزعون إليها ويتسترون وراءها خوفاً من الضرب بالسياط والعصي، فكانت السيدة زينب عليها السلام تحافظ عليهم ـ كما يحافظ الطير على فراخه حين هجوم الصقور على عشه ـ فتجعل جسمها مانعاً من ضرب النساء والأطفال، وقد إسود ظهرها ـ في مدة زمنية قصيرة ـ بسبب الضرب المتوالي على جسمها).
وكأني أرى العقيلة زينب عليها السلام بأبي وأمي، واقفة حائرة حول هذه الخيام المحترقة، وحول مشاهدها المؤلمة، تنظر حيناً إلى ضجة هؤلاء القوم المتمركزة حولهن وحول خيامهن، فتتذكر وصية أخيها الحسين عليه السلام لها في رعاية أطفاله ويتاماه، وهي تشاهدهم في الوقت ذاته بين حوافر الخيول ووسط سياط وضربات الجلادين الملحدين النواصب الذين لا يملكون ذرة من العقل والوجدان. وحيناً تنظر متعجبة إلى شراسة ودنائة هؤلاء القوم وما فعلوه فيهم وإلى قلوبهم الميتة التي تحجرت وأصبحت شتى كالخشب المسندة لا تفقه في الحياة إلا لغة الضرب والنهب والسلب والإهانة بحرم ويتامى آل الحسين عليهم السلام. وتسابق القوم على نهب بيوت آل الرسول، وقرة عين الزهراء البتول، حتى جعلوا ينزعون ملحفة المرأة عن ظهرها!!. وكانت المرأة تجاذب على إزارها وحجابها.. حتى تغلب على ذلك. وخرجن بنات آل الرسول وحريمه يتساعدن على البكاء، ويندبن لفراق الحماة والأحبة.
قالت فاطمة بنت الإمام الحسين عليهما السلام: كنت واقفة بباب الخيمة، وأنا أنظر إلى أبي وأصحابه مجزرين كالأضاحي على الرمال، والخيول على أجسادهم تجول!! وأنا أفكر فيما يقع علينا بعد أبي.. من بني أمية! أيقتلوننا أم يأسروننا؟ فإذا برجل على ظهر جواده، يسوق النساء بكعب رمحه، وهن يلذن بعضهن ببعض، وقد أخذ ما عليهن من أخمرة وأسورةوهن
يصحن: (وا جداه! وا أبتاه! وا علياه! وا قلة ناصراه! واحسيناه أما من مجير يجيرنا؟ أما من ذائد يذود عنا؟ قالت: فطار فؤادي، وارتعدت فرائصي، فجعلت أجيل بطرفييميناً وشمالاً على عمتي أم كلثوم خشيةً منه أن يأتيني.فبينما أنا على هذه الحال وإذا به قد قصدني، ففررت منهزمة، وأنا أظن أني أسلم منه!! وإذا به قد تبعني، فذهلت خشيةً منه، وإذا بكعب الرمح بين كتفي، فسقطت على وجهي، فخرم أذني، وأخذ قرطي ومقنعتي، وترك الدماء تسيل على خدي، ورأسي تصهره الشمس، وولى راجعاً إلى المخيم وأنا مغشي علي!! وإذا بعمتي عندي تبكي، وهي تقول: قومي نمضي، ما أعلم ما جرى على البنات، وعلى أخيك العليل؟
فما رجعنا إلى الخيمة إلا وهي قد نهبت وما فيها. وأخي: علي بن الحسين مكبوب على وجهه، لا يطيق الجلوس من كثرة الجوع والعطش والأسقام، فجعلنا نبكي عليه ويبكي علينا!!..
وعمد أراذل أهل الكوفة، وعبيد بن مرجانة إلى سلب حرائر النبوة وعقائل الوحي، فسلبوا ما عليهن من حلي وحلل، وعمد بعض الأنذال إلى السيّدة اُم كلثوم فسلب قرطيها، وأسرع وغد خبيث نحو السيّدة فاطمة بنت الحسين فانتزع خلخالها وهو يبكي، فقالت له السيّدة: ما لك تبكي؟.
كيف لا أبكي وأنا أسلب ابنة رسول الله صلّى الله عليه وآله.ولمّا رأت ذلك أنكرت عليه، وطلبت منه أن لا يسلبها فأجابها:أخاف أن يأخذه غيري .ولشدة ما وقع في تلك اللحظات الأليمة من إنتهاك حرمات بنات رسول الله صلى الله عليه وآله من قبل جنود بني أمية لعنهم الله وما فعلوه فيهن من خروقات في المخيم الحسيني انتفضت ضدهم جماعات من الطرف الأخر لم تقبل بالوضع المأساوي هذا وكانت منهم امرأة من بني بكر بن وائل جاءت مع معسكر عمر بن سعد لعنهما الله من الكوفة إلى كربلاء المقدسة مع زوجها لقتال الإمام الحسين عليه السلام إلا أنها لم تقوى على تحمل ما رأته من مشاهد مروعة ومناظر أليمة خاصة حينما علت أصوات بنات الرسالة بالعويل والبكاء حينما همّ القوم على إقتحام خيامهن وسلبهن ولم يترحم عليهن أحد أخذت سيفاً وأقبلت نحو الفسطاط (وقالت يا آل بكر بن وائل اتسلب بنات رسول الله لا حكم إلا لله يالثارات رسول الله).
وللأسف الشديد لم تتمكن هذه المرأة من تغير أي شيء يذكر في جماعتها فأخذها زوجها وردها إلى رحله.
وبعدما أرخى الليل سدوله على تلكم الأجساد الطاهرة "أجساد الشهداء" المتناثرة الأشلاء هنا وهناك فوق رمضاء كربلاء، وبعدما سكن صهيل الخيول وأصوات حوافرها التي كانت متسابقة في تلك الليلة الرهيبة على قتل وسحق آل الحسين عليهم السلام، وبعدما استنفذ الأمويون فيهم القوى؛ انتهى كل شيء وصار الجميع يحن إلى الهدوء والسكون والراحة إلا شيء واحد لم يهدأ أبداً وهو صوت آهات الثكالى وأنّات الأرامل ونحيب الأطفال الضعفاء الذين اشتد عزاؤها الحقيقي مع تلكم الساعات العصيبة واستشعروا وحشة وفراق الأحبة من الأبناء والأخوة والأزواج.
وقد (أحدقت السيدات بالإمام زين العابدين عليه السلام وهو بقية الماضين، وثمال الباقين، وهن يتفكرن بما خبأ لهن الغد من أولئك السفاكين. فالفاجعة لم تنته بعد، والظلم ـ بجميع أنواعه- بانتظار آل رسول الله الطيبين الطاهرين، والحوادث المؤلمة سوف تمتد إلى غد وما بعد غد، وإلى أيام وشهور، مما لا بالبال ولا بالخاطر. وسوف تبدأ رحلة طويلة مليئة بالآلام والآهات والدموع. وحكي أن السيدة زينب عليها السلام تفقدت العائلة في ساعة من ساعات تلك الليلة، وإذا بالسيدة الرباب لا توجد مع النساء، فخرجت السيدة زينب ومعها أم كلثوم، وهما تناديان: يا رباب.. يا رباب فسمعها رجل كان موكلاً بحراسة العائلة، فسألها ماذا تريدين؟! فقالت السيدة زينب: إن امرأةً منا مفقودة ولا توجد مع النساء فقال الرجل: نعم، قبل ساعة رأيت امرأة منكم انحدرت نحو المعركة!
فأقبلت السيدة زينب حتى وصلت إلى المعركة، وإذا بها ترى الرباب
جالسة عند جسد زوجها الإمام الحسين عليه السلام وهي تبكي عليه بكاءً شديداً وتنوح، وتقول في نياحتها:
واحسيناه وأين مني حسين أقصـدته أسنة الأدعيـاء
غادروه فـي كربلاء قتيلاً لا سقى الله جانبي كربلاء
فأخذت السيدة زينب عليها السلام بيدها وأرجعتها معها إلى حيث النساء والأطفال . وبعد الهجوم والإحراق بدأت السيدة زينب عليها السلام تتفقد النساء والأطفال، وتنادي كل واحدة منهن بإسمها، وتعدهم واحدةً واحدة، وتبحث عمن لا تجده مع النساء والأطفال!
ولما بدأت السيدة زينب عليها السلام (بجمع العيال والأطفال، لم تجد طفلين منهم، فذهبت تبحث عنهما هنا وهناك، وأخيراً.. وجدتهما معتنقين، فلما حركتهما فإذا هما قد ماتا من الخوف والعطش!!
ولما سمع العسكر بذلك قالوا لا بن سعد: رخص لنا في سقي العيال...)
وذكر أيضاً (... أن طفلين لعبد الرحمن بن عقيل كانا مع الحسين، إسمهما: سعد وعقيل، وأنهما ماتا من شدة العطش ومن الدهشة والذعر، بعد مقتل الإمام الحسين عليه السلام وهجوم الأعداء على المخيم للسلب. وأمهما: خديجة بنت الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام) .
وفي هذا الجو المبكي والوضع المقرح للفؤاد يقول الإمام زين العابدين عليه السلام: فتحت عيني ليلة الحادية عشر من المحرم، وإذا أنا أرى عمتي زينب تصلي نافلة الليل وهي جالسة، فقلت لها: يا عمة أتصلين وأنت جالسة؟ قالت: نعم يا إبن أخي ، والله إن رجلي لا تحملني!!
أما حال الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام فقد بقي طوال هذه الليلة مفتجعاً حزيناً ينوح ويندب على ما حدث في هذه الواقعة الرهيبة، بل قيل إنه بقي على هذه الحال الكئيب طوال حياته الكريمة ولمدة ثلاثين أو أربعين عاماً، يتذكر حيناً مصرع أبيه وحيناً فرار وتشريد عماته وحفيدات رسول الله صلى الله عليه وآله من خدورهن وخبائهن. وقيل عنه (والله ما نظرت إلى عماتي وأخواتي إلاّ وخنقتني العبرة، وتذكّرت فرارهن يوم الطفّ من خيمة ومن خباء إلى خباء .






رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 04:02 PM.


منتديات أبو الفضل العباس
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات أبو الفضل العباس عليه السلام