إعرف ربك سبحانه وتعالى في كل الشهور وليس في شهر رمضان فقط

[شمس العزة]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إعرف ربك سبحانه وتعالى في كل الشهور وليس في شهر رمضان فقط




من علامات قبول العبادة أن تكون حال العبد بعدها أحسن من حاله قبلها، وهذه هي ثمرة العبادة ولبها، إذ الهدف والغرض من جميع العبادات أن تزيد المرء قرباً وتقوى لله عز وجل: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون"، وأن تزكي نفسه وتطهرها من الآثام والرذائل، وأن تعودها على الكرائم والفضائل.


ولهذا ينبغي أن يكون حرص العبد على قبول عبادته، وخوفه من ردها، أشد من حرصه على العمل، لقوله تعالى: "إنما يتقبل الله من المتقين".


فالعبد الذي لا يعرف ربه ولا يعبده إلا في شهر رمضان عبد سوء، إذ العبادة ليست قاصرة على شهر رمضان، ولا على زمان دون زمان، والاستقامة مطلوبة في سائر الأيام: "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون"1، قيل لرسول الله (ص):

لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك؛ قال: "قل: آمنتُ بالله ثم استقم"، وقد قيل: "ثواب الحسنة حسنة بعدها".


فمن استغفر بلسانه في شهر رمضان وقلبه على المعصية معقود، وعزمه أن يرجع إلى المعاصي بعد الشهر ويعود، فصومه عليه مردود، وباب القبول عنه مسدود.


من صام شهر رمضان وهو يحدث نفسه أنه إذا أفطر أن لا يعصي الله دخل الجنة بغير مسألة ولا حساب،

ومن صام شهر رمضان وهو يحدث نفسه أنه إذا أفطر عصى ربه، فصيامه عليه مردود".

ما الذي يجعل العبد يحافظ على الصلوات المكتوبة في المسجد في شهر رمضان ويدع ذلك في غير شهر رمضان؟

لماذا نجد المساجد مكتظة بالمصلين في شهر رمضان وفارغة منهم في غيره؟

لماذا يكثر الناس من تلاوة القرآن في شهر رمضان، ويدع البعض تلاوته بالكلية في غير شهر رمضان؟

أليس من الواجب علينا أن نواظب على أوراد يومية نقوم بها ولا نهملها أبداً ؟

لماذا نمتنع عن الغيبة في شهر رمضان ؟

لماذا نتجنب إيذاء الآخرين في شهر رمضان ؟

هذه الأسئلة إطرحوها على أنفسكم وتفكروا في الإجابة ..


لا شك أن شهر رمضان خصَّ بزيادة في العبادة، وفضِّل على غيره من الشهور، وميِّز بمميزات لا توجد في غيره، ولكن لا يعني هذا أن نقصر في غيره في أداء الواجبات، والانتهاء عن المحرمات، والإكثار من نوافل العبادات.


فالمؤمن مأمور بحفظ جوارحه وحماية نفسه من الوقوع في الحرام في سائر الأيام.


عمل المؤمن لا ينقضي حتى يأتيه أجله، قال الإمام الحسن (ع) : إن الله لم يجعل لعمل المؤمن أجلاً دون الموت، ثم قرأ: "واعبد ربك حتى يأتيك اليقين".4


في حديث : (هذه الشهور والأعوام، والليالي والأيام، كلها مقادير للآجال، ومواقيت للأعمال، ثم تنقضي سريعاً، وتمضي جميعاً، والذي أوجدها وابتدعها وخصها بالفضائل وأودعها باقٍ لا يزول، ودائم لا يحول، هو في جميع الأوقات إله واحد، ولأعمال عباده رقيب مشاهد، فسبحان من قلب عباده في اختلاف الأوقات بين وظائف الخدم، ليسبغ عليهم فيها فواضل النعم، ويعاملهم بنهاية الجود والكرم. من عمل طاعة من الطاعات وفرغ منها، فعلامة قبولها أن يصلها بطاعة أخرى، وعلامة ردها أن يعقب تلك الطاعة بمعصية، ما أحسن الحسنة بعد السيئة تمحها! وأحسن منها الحسنة بعد الحسنة تتلها، وما أقبح السيئة بعد السيئة تمحقها وتعفوها، ذنب واحد بعد التوبة أقبح من سبعيــن ذنبــاً قبلهــا).


اللهم وفقنا للطاعات حتى الممات، وجنبنا الهفوات والزلات، وحبِّب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، وثبتنا على ولاية أمير المؤمنين والأطهار من بنيه (عليهم السلام) يا رحمن يا رحيم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله الأخيار .

نسألكم الدعاء

[كعبة الأحزان]

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم

اللهم بلغنا شهر رمضان واجعلنا فيه من عتقائك
وبارك لنا فيه وسلمنا اياه بخير وسلمنا فيه وتقبل اعمالنا والمؤمنين


جزاك الله خيرا على المشاركة النيرة
وجعلك من الصائمين القائمين في هذا الشهر وفي غيره من الشهور

نسالكم الدعاء